للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَالْبَهِيمَةِ. (أَحَدُهَا نَظَرُهُ) أَيْ الرَّجُلِ (إلَى) بَدَنِ امْرَأَةٍ (أَجْنَبِيَّةٍ) غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَلَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ قَصْدًا (لِغَيْرِ حَاجَةٍ) مِمَّا سَيَأْتِي (فَغَيْرُ جَائِزٍ) قَطْعًا وَإِنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ، وَأَمَّا نَظَرُهُ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَحَرَامٌ عِنْدَ خَوْفِ فِتْنَةٍ تَدْعُو إلَى الِاخْتِلَاءِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْبَالِغِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ.

قَوْلُهُ: (كَالْبَالِغِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّظَرُ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ النَّظَرِ وَيَحْرُمَ عَلَيْهِنَّ الْكَشْفُ عِنْدَهُ هَكَذَا ظَهَرَ لِي.

قَوْلُهُ: (فَنَظَرُهُ لَا يُوصَفُ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا نَظَرُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ لَا يُوصَفُ بِمَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (كَالْبَهِيمَةِ) لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَى الْعَاقِلَةِ الْبَالِغَةِ النَّظَرُ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (أَحَدُهَا نَظَرُهُ إلَى بَدَنِ أَجْنَبِيَّةٍ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَحْرُمُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا وَإِنْ أُبِينَ كَظُفْرٍ وَشَعْرِ عَانَةٍ وَإِبْطٍ وَدَمِ حَجْمٍ وَفَصْدٍ، لَا نَحْوِ بَوْلٍ كَلُعَابٍ وَالْعِبْرَةُ فِي الْمُبَانِ بِوَقْتِ الْإِبَانَةِ، فَيَحْرُمُ مَا أُبِينَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ وَإِنْ نَكَحَهَا وَلَا يَحْرُمُ مَا أُبِينَ مِنْ زَوْجَةٍ وَإِنْ أَبَانَهَا. وَشَمِلَ النَّظَرُ مَا لَوْ كَانَ مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ أَوْ مُهَلْهَلِ النَّسْجِ، وَخَرَجَ بِهِ رُؤْيَةُ الصُّورَةِ فِي نَحْوِ الْمِرْآةِ وَمِنْهُ الْمَاءُ فَلَا يَحْرُمُ وَلَوْ مَعَ شَهْوَةٍ. وَيَحْرُمُ سَمَاعُ صَوْتِهَا وَلَوْ نَحْوَ الْقُرْآنِ إنْ خَافَ مِنْهُ فِتْنَةً أَوْ الْتَذَّ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا. وَالْأَمْرَدُ فِيمَا ذُكِرَ كَالْمَرْأَةِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. وَفِي ع ش عَلَى م ر: أَنَّهُ إذَا انْفَصَلَ مِنْهَا شَعْرٌ وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا حَرُمَ النَّظَرُ إلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ، وَلَا نَظَرَ لِانْفِصَالِهِ فِي وَقْتٍ كَانَ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ النَّظَرُ.

وَقَوْلُهُ " أَوْ الْتَذَّ بِهِ " أَيْ وَمَا وَقَعَ فِي ع ش عَلَى م ر مِنْ جَوَازِ السَّمَاعِ وَإِنْ الْتَذَّ بِهِ فَسَهْوٌ مِنْ الشَّيْخِ، فَفُهِمَ أَنْ يَقُولَ م ر: وَكَذَا سَمَاعُ الصَّوْتِ رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ قَبْلَهُ، فَرُتِّبَ عَلَيْهِ الْجَوَازُ مَعَ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ، أَيْ وَكَذَا سَمَاعُ الصَّوْتِ فَلَا يَجُوزُ بِدَلِيلِ قَوْلِ م ر بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ، فَإِنَّ الَّذِي بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ إنَّمَا هُوَ الْحُرْمَةُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ مِنْ مَشَايِخِنَا. وَمِنْ الصَّوْتِ الزَّغَارِيتُ كَمَا فِي ع ش. وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: هَلْ بَوْلُ الْمَرْأَةِ كَدَمِ فَصْدِهَا فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ أَوْ لَا؟ وَيُفَرَّقُ بِمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ جُزْءٌ مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ، فَإِنَّ الْبَوْلَ لَا يُعَدُّ جُزْءًا بِخِلَافِ الدَّمِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ لِمَا عُلِّلَ بِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ: بَوْلُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: دَمُك اهـ. وَرُؤْيَةُ الدَّمِ لَا تَحْرُمُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَالْبَوْلِ.

قَوْلُهُ: (غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) أَخْرَجَهُمَا لِأَجْلِ حِكَايَةِ الْخِلَافِ الْآتِي فِيهِمَا. وَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ وُجُودِ الشَّهْوَةِ وَالْفِتْنَةِ وَعَدَمِهِمَا أَوْ وُجُودِ أَحَدِهِمَا وَعَدَمِ الْآخَرِ؛ وَلَكِنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوْلِهِ الْآتِي، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِذَلِكَ إسْقَاطُ قَوْلِهِ غَيْرَ إلَخْ. قَوْله: (وَلَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ) غَايَةٌ فِي الْحُرْمَةِ. قَوْلُهُ: (قَصْدًا) خَرَجَ مَا لَوْ وَقَعَ اتِّفَاقًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ.

قَوْلُهُ: (مِمَّا سَيَأْتِي) أَيْ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ لِلشَّهَادَةِ وَالْمُعَامَلَةِ. قَوْلُهُ: (فَغَيْرُ جَائِزٍ قَطْعًا) أَيْ لِغَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَمَّا هُوَ فَقَدْ اُخْتُصَّ بِإِبَاحَةِ النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ وَالْخَلْوَةِ بِهِنَّ وَإِرْدَافِهِنَّ عَلَى الدَّابَّةِ خَلْفَهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ لِعِصْمَتِهِ؛ وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ الصَّحِيحُ عَنْ قِصَّةِ أُمِّ حَرَامٍ فِي دُخُولِهِ عَلَيْهَا وَنَوْمِهِ عِنْدهَا وَتَفْلِيَتِهَا رَأْسَهُ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ وَلَا زَوْجِيَّةٌ، وَأَمَّا الْجَوَابُ بِأَنَّهَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً مِنْ رَضَاعٍ فَرَدَّهُ الدِّمْيَاطِيُّ بِعَدَمِ ثُبُوتِهِ. وَعَدَّ بَعْضُهُمْ مِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّهُ كَانَ يُصَافِحُ النِّسَاءَ فِي بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ وَذَلِكَ لِعِصْمَتِهِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ مُصَافَحَةُ الْأَجْنَبِيَّةِ لِعَدَمِ أَمْنِ الْفِتْنَةِ اهـ مُنَاوِيٌّ عَلَى الْخَصَائِصِ؛ لَكِنْ رَأَيْت فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يُصَافِحُ النِّسَاءَ إنَّمَا كَانَ يَأْخُذُ عَلَيْهِنَّ أَيْ يُبَايِعُهُنَّ، فَإِذَا أَحْرَزْنَ أَيْ حَفِظْنَ الْمُبَايَعَةَ قَالَ: اذْهَبْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ» اهـ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ) هِيَ مَيْلُ النَّفْسِ وَدُعَاؤُهَا إلَى الْجِمَاعِ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا نَظَرُهُ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَحَرَامٌ) وَفِي وَجْهٍ تَخْصِيصُ الْحُكْمِ بِالْوَجْهِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْمَالِكِيُّ عَنْ الْعُلَمَاءِ مُطْلَقًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ سَتْرُ وَجْهِهَا فِي طَرِيقِهَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ سُنَّةٌ، وَعَلَى الرِّجَالِ غَضُّ الْبَصَرِ عَنْهُنَّ، وَصَوْتُهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ لَكِنْ يَحْرُمُ الْإِصْغَاءُ إلَيْهِ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَإِذَا قَرَعَ بَابُ الْمَرْأَةِ أَحَدٌ فَلَا تُجِيبُهُ بِصَوْتٍ رَخِيمٍ بَلْ تُغْلِظُ صَوْتَهَا بِأَنْ تَأْخُذَ طَرَفَ كَفَّيْهَا بِفِيهَا وَتُجِيبَ. وَفِي الْعُبَابِ: وَيُنْدَبُ إذَا خَافَتْ دَاعِيًا أَنْ تُغْلِظَ صَوْتَهَا بِوَضْعِ ظَهْرِ كَفِّهَا عَلَى فِيهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (فَحَرَامٌ) وَيُجِيبُ هَذَا الْقَائِلُ عَنْ الْآيَةِ الْآتِيَةِ بِأَنَّهَا وَارِدَةٌ فِي الصَّلَاةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ خَوْفِ فِتْنَةٍ) أَيْ بِأَنْ يُفْتَنَ عَقْلُهُ، وَهَذَا قَيْدٌ لِأَجْلِ قَوْلِهِ " بِالْإِجْمَاعِ ". وَقَوْلُهُ " تَدْعُو إلَى الِاخْتِلَاءِ " كَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ ذَلِكَ وَيَقُولُ مِنْ جِمَاعٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>