الْفَحْلِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ (إلَى الْمَرْأَةِ) وَلَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ (عَلَى سَبْعَةِ أَضْرُبٍ) بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ، فَخَرَجَ بِقَيْدِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ نَظَرِهَا لِمِثْلِهَا لَكِنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ خُرُوجَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ حُكْمَهُ فِي النَّظَرِ حُكْمُ الرَّجُلِ، وَبِقَيْدِ الْفَحْلِ الْمَمْسُوحِ فَنَظَرُهُ لِلْأَجْنَبِيَّةِ جَائِزٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَنَظَرِ الْفَحْلِ إلَى مَحَارِمِهِ.
تَنْبِيهٌ شَمِلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: الرَّجُلَ الْفَحْلَ وَالْخَصِيَّ وَهُوَ مَنْ قُلِعَتْ أُنْثَيَاهُ وَبَقِيَ ذَكَرُهُ، وَالْمَجْبُوبَ بِالْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ مَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَبَقِيَ أُنْثَيَاهُ، وَالْعِنِّينَ وَالشَّيْخَ الْهَرَمَ وَالْمُخَنَّثَ وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ عَلَى الْأَفْصَحِ الْمُتَشَبِّهِ بِالنِّسَاءِ. وَبِقَيْدِ الْبَالِغِ الصَّبِيُّ وَلَوْ مُمَيِّزًا لَكِنَّ الْمُرَاهِقَ هُنَا كَالْبَالِغِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِقَيْدِ الْعَاقِلِ الْمَجْنُونُ فَنَظَرُهُ لَا يُوصَفُ بِتَحْرِيمٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بَعْضُهُمْ: إنَّمَا قُيِّدَ بِالْفَحْلِ لِإِخْرَاجِ الْمَمْسُوحِ فَقَطْ دُونَ مَنْ عَدَاهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ صَنِيعِهِ الْآتِي.
قَوْلُهُ: (الْبَالِغِ) ذَكَرَهُ تَأْكِيدًا؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ الْبَالِغُ، أَوْ يُقَالُ ذَكَرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الرَّجُلَ مُرَادٌ بِهِ مَا قَابَلَ الْأُنْثَى فَيَشْمَلُ الصَّغِيرَ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الصَّبِيَّ.
قَوْلُهُ: (إلَى الْمَرْأَةِ) الْمُرَادُ بِهَا مَنْ بَلَغَتْ حَدَّ الشَّهْوَةِ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ بَالِغَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ) لِكِبَرٍ لَا لِصِغَرٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْمَرْأَةِ ق ل.
قَوْلُهُ: (عَلَى سَبْعَةِ أَضْرُبٍ) الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ السَّبْعَةِ هُوَ النَّظَرُ لِأَجْلِ النِّكَاحِ، وَأَمَّا ذِكْرُ بَقِيَّةِ الْأَقْسَامِ فَلِلْمُنَاسَبَةِ وَتَكْمِيلِ الْفَائِدَةِ. وَوَجْهُ التَّقْسِيمِ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَمْتَنِعَ مُطْلَقًا وَذَلِكَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ، وَإِمَّا أَنْ يَجُوزَ مُطْلَقًا وَذَلِكَ فِي الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَجُوزَ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَذَلِكَ فِي الْمَحَارِمِ وَالْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ أَوْ الْمُعْتَدَّةِ أَوْ نَحْوِهَا، وَإِمَّا أَنْ يَجُوزَ لِأَجْلِ الْخِطْبَةِ وَذَلِكَ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَقَطْ، وَإِمَّا أَنْ يَجُوزَ لِأَجْلِ الْمُدَاوَاةِ وَذَلِكَ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ، وَإِمَّا لِلْمُعَامَلَةِ وَالشَّهَادَةِ وَذَلِكَ لِلْوَجْهِ فَقَطْ؛ فَإِنْ كَانَ لِلشَّهَادَةِ عَلَى رَضَاعٍ أَوْ زِنًا فَبِالنَّظَرِ لِذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِتَقْلِيبِ أَمَةٍ يُرِيدُ شِرَاءَهَا وَذَلِكَ إلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَى تَقْلِيبِهَا مِنْ الْبَدَنِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ اهـ م د.
قَوْلُهُ: (نَظَرِهَا لِمِثْلِهَا) وَهُوَ أَنَّ نَظَرَهَا لِمِثْلِهَا كَنَظَرِ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ.
قَوْلُهُ: (لَكِنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ) مَا لَمْ يُرِدْ الرَّجُلَ وَلَوْ احْتِمَالًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخُنْثَى مَعَ النِّسَاءِ كَالرَّجُلِ وَمَعَ الرِّجَالِ كَالْمَرْأَةِ وَكَذَلِكَ مَعَ الْخَنَاثَى بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ لِلِاحْتِيَاطِ، وَإِنَّمَا جَازَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاء تَغْسِيلُهُ؛ لِأَنَّ الشَّهْوَةَ تَنْقَطِعُ مَعَ الْمَوْتِ.
قَوْلُهُ: (وَبِقَيْدِ الْفَحْلِ الْمَمْسُوحِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَحْلِ مَا عَدَا الْمَمْسُوحَ، وَقَوْلُهُ الْآتِي شَمِلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الرَّجُلَ الْفَحْلَ وَالْخَصِيَّ وَالْمَجْبُوبَ وَالْعِنِّينَ وَالشَّيْخَ الْهَرِمَ وَالْمُخَنَّثَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَحْلِ مَا عَدَا الْخَمْسَةَ الَّتِي بَعْدَهُ؛؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، فَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَنَاقُضٌ. ثُمَّ رَأَيْت لِبَعْضِهِمْ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ " وَبِقَيْدِ الْفَحْلِ إلَخْ " يَقْتَضِي أَنَّ مُقَابِلَ الْفَحْلِ الْمَمْسُوحُ فَقَطْ وَأَنَّ الْمَجْبُوبَ وَالْخَصِيَّ مِنْ الْفَحْلِ، وَكَلَامُهُ فِي التَّنْبِيهِ الْآتِي يَقْتَضِي أَنَّ الثَّلَاثَةَ تُقَابِلُ الْفَحْلَ، فَتَنَاقَضَ كَلَامُهُ وَمَا فِي التَّنْبِيهِ هُوَ الْمُطَابِقُ لِلُّغَةِ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَبِقَيْدِ الْفَحْلِ غَيْرُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ مَمْسُوحًا فَجَائِزٌ نَظَرُهُ وَإِنْ كَانَ خَصِيًّا أَوْ مَجْبُوبًا فَكَالْفَحْلِ؛ وَلَعَلَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ فِي الْإِخْرَاجِ عَلَى الْمَمْسُوحِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْإِخْرَاجِ وَأَنَّ فِي مَفْهُومِ الْفَحْلِ تَفْصِيلًا فَلَا يُنَاقِضُ مَا ذُكِرَ فِي التَّنْبِيهِ فَتَدَبَّرْ.
قَوْلُهُ: (الْمَمْسُوحُ) هُوَ ذَاهِبُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَهْوَةٌ شَرْحُ الْمَنْهَجِ فَإِنْ بَقِيَتْ فَكَالْفَحْلِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ اهـ قِ ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَيُسَمَّى الْمَمْسُوحُ طَوَاشِيًا.
قَوْلُهُ: (فَنَظَرُهُ لِلْأَجْنَبِيَّةِ جَائِزٌ) أَيْ إنْ كَانَ عَدْلًا. وَعِبَارَةُ م ر: وَنَظَرُ مَمْسُوحِ ذَكَرِهِ كُلِّهِ وَأُنْثَيَاهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْقَى فِيهِ مَيْلٌ لِلنِّسَاءِ أَصْلًا، وَإِسْلَامِهِ فِي الْمُسْلِمَةِ وَعَدَالَتِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ مُتَّصِفَةٍ بِالْعَدَالَةِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ حَرَامٌ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، وَمَالَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ.
قَوْلُهُ: (كَنَظَرِ الْفَحْلِ) أَيْ فَيَنْظُرُ الْمَمْسُوحُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَفِيفًا.
قَوْلُهُ: (قُلِعَتْ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْقَطْعِ وَلِفَقْدِهِمَا أَصَالَةً أَيْ خِلْقَةً.
قَوْلُهُ: (الْمُرَاهِقَ إلَخْ) بِكَسْرِ الْهَاءِ هُوَ مَا قَارَبَ الِاحْتِلَامَ، أَيْ بِاعْتِبَارِ غَالِبِ سِنِّهِ وَهُوَ قُرْبُ خَمْسَةَ عَشْرَ سَنَةً فِيمَا يَظْهَرُ. وَخَرَجَ بِالْمُرَاهِقِ غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ يُحْسِنُ حِكَايَةَ مَا يَرَاهُ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ فَكَالْمُحْرِمِ، أَوْ بِشَهْوَةٍ فَكَالْبَالِغِ، أَوْ لَا يَحْسُنُ ذَلِكَ فَكَالْعَدِمِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ اهـ م ر؛ فَغَيْرُ