فَأَنْزَلَ لَمْ يُفْطِرْ وَكُلُّ مَا حَرُمَ نَظَرُهُ مُتَّصِلًا حَرُمَ نَظَرُهُ مُنْفَصِلًا كَشَعْرِ عَانَةٍ وَلَوْ مِنْ رَجُلٍ وَقُلَامَةِ ظُفْرِ حُرَّةٍ وَلَوْ مِنْ يَدَيْهَا، وَيَحْرُمُ اضْطِجَاعُ رَجُلَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ إذَا كَانَ عَارِيَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي جَانِبٍ مِنْ الْفِرَاشِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «لَا يُفْضِ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ» .
وَتُسَنُّ مُصَافَحَةُ الرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ لِخَبَرِ «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ يَتَصَافَحَانِ إلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا» وَتُكْرَهُ الْمُعَانَقَةُ وَالتَّقْبِيلُ فِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَعْرِفَةَ الْعِلَّةِ بِالْمَسِّ وَكَعُضْوِ أَجْنَبِيَّةٍ مُبَانٍ، فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ فَقَطْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْخَادِمِ؛ وَالْأَصَحُّ حُرْمَةُ مَسِّهِ أَيْضًا. أَمَّا دُبُرُ الْحَلِيلَةِ فَيَحِلُّ نَظَرُهُ وَمَسُّهُ خِلَافًا لِلدَّارِمِيِّ وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ حَلَّ النَّظَرُ حَلَّ الْمَسُّ أَغْلَبِيٌّ أَيْضًا، فَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ مَسُّ وَجْهِ أَجْنَبِيَّةٍ وَإِنْ حَلَّ نَظَرُهُ لِنَحْوِ خِطْبَةٍ أَوْ شَهَادَةٍ أَوْ لِتَعْلِيمٍ، وَلَا لِسَيِّدَةٍ مَسُّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِ عَبْدِهَا وَعَكْسُهُ وَإِنْ حَلَّ النَّظَرُ، وَكَذَا مَمْسُوحٌ. وَقَدْ يَحْرُمُ مَسُّ مَا حَلَّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحْرَمِ كَبَطْنِهَا أَيْ مِنْ فَوْقِ السُّرَّةِ وَرِجْلِهَا وَتَقْبِيلُهَا بِلَا حَائِلٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا شَفَقَةٍ بَلْ وَكَيْدُهَا عَلَى مُقْتَضَى عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَقَوْلُهُ: " دَلْكُ الرَّجُلِ فَخِذَ رَجُلٍ " أَيْ وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْعَوْرَةِ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْأَمْرَدِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَسُّهُ وَلَوْ بِحَائِلٍ. وَقَوْلُهُ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ مِنْ الْحَاجَةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ حَكِّ رِجْلِ الْمَحْرَمِ وَنَحْوُ الْحَكِّ كَغَسْلِهِمَا وَتَكْبِيسِ ظَهْرِهِ مَثَلًا كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَبْلَغُ) عِلَّةٌ لِتَرَتُّبِ حُرْمَةِ الْمَسِّ عَلَى حُرْمَةِ النَّظَرِ أَوْ لِمُقَدَّرٍ، أَيْ حَرُمَ مَسٌّ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إلَخْ. قَالَ ع ش عَلَى م ر: هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُلْتَذُّ بِنَظَرِ الشَّعْرِ كَمَسِّهِ غَايَتُهُ أَنَّ الْمَسَّ أَبْلَغُ فِي اللَّذَّةِ، وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ عَلَّلُوا عَدَمَ انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالسِّنِّ بِأَنَّهُ لَا لَذَّةَ فِيهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ ثَمَّ اللَّذَّةُ الْقَوِيَّةُ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا تَحْرِيكُ الشَّهْوَةِ وَالْمُثْبَتُ هُنَا مُطْلَقُ اللَّذَّةِ وَهِيَ كَافِيَةٌ فِي التَّحْرِيمِ احْتِيَاطًا اهـ بِحُرُوفِهِ.
قَوْلُهُ: (وَكُلُّ مَا حَرُمَ إلَخْ) أَيْ كُلُّ جُزْءٍ حَرُمَ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (كَشَعْرِ) وَظُفْرٍ أَيْ لَا بَوْلٍ وَلَبَنٍ وَمَنِيٍّ وَلُعَابٍ.
قَوْلُهُ: (وَقُلَامَةِ ظُفْرِ حُرَّةٍ) وَكَذَا الْأَمَةُ فَالْحُرَّةُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ، وَمِثْلُ قُلَامَةِ الظُّفْرِ دَمُ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ؛ لِأَنَّهَا أَجْزَاءٌ دُونَ الْبَوْلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ بَوْلُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ دَمُك، وَيَجِبُ مُوَارَاةُ ذَلِكَ الشَّعْرِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَجِبُ مُوَارَاةُ شَعْرِ عَانَةِ الرَّجُلِ ح ل وَع ش. وَفِي الشَّوْبَرِيِّ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ نَحْوَ الرِّيقِ وَالدَّمِ لَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَظِنَّةً لِلْفِتْنَةِ بِرُؤْيَتِهِ عِنْدَ أَحَدٍ اهـ. وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: يَجِبُ عَلَى مَنْ حَلَقَ عَانَتَهُ مُوَارَاةُ شَعْرِهَا لِئَلَّا يُنْظَرَ إلَيْهِ، اعْتَمَدَ ابْنُ حَجَرٍ وُجُوبَ مُوَارَاةِ الظُّفْرِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالشَّعْرِ اهـ. وَقِيَاسُهُ عَكْسُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ جِهَةِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ اهـ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ مِنْ يَدَيْهَا) جَعَلَهُمَا غَايَةً بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْيَدَيْنِ لَيْسَا بِعَوْرَةٍ فِي الصَّلَاةِ، أَيْ وَلِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَوْرَةٍ عِنْدَ بَعْضِهِمْ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَالشَّهْوَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ اضْطِجَاعُ رَجُلَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ) فِي التَّعْبِيرِ بِذَلِكَ إشَارَةً إلَى اشْتِرَاطِ بُلُوغِ الشَّهْوَةِ وَهُوَ مُجَاوَزَةُ تِسْعِ سِنِينَ أَيْ بِبُلُوغِ أَوَّلِ الْعَشْرِ، قَالَهُ م ر، خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ حَيْثُ اكْتَفَى بِمُضِيِّ تِسْعِ سِنِينَ. وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأَجَانِبِ وَالْمَحَارِمِ، وَلِذَا قَالَ م ر: وَلَوْ أَبًا وَابْنَهُ وَأُمًّا وَبِنْتَهَا وَأَخًا وَأَخَاهُ وَأُخْتًا وَأُخْتَهَا فَإِذَا كَانَ مَعَ الِاتِّحَادِ حَرَامًا فَمَعَ عَدَمِ الِاتِّحَادِ أَوْلَى، وَهَلْ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي نُزُولِ رَجُلَيْنِ فِي مَغْطِسِ الْحَمَّامِ أَوْ يُفَرَّقُ؟ أَفْتَى الرَّمْلِيُّ بِجَوَازِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَسٌّ لِعَوْرَةٍ وَلَا رُؤْيَاهَا، أَيْ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاضْطِجَاعِ، فَفِي الِاضْطِجَاعِ يَحْرُمُ وَلَوْ بِلَا مَسٍّ وَهُنَا يَجُوزُ. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: وَكَالْمُضَاجَعَةِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي مِصْرِنَا مِنْ دُخُولِ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مَغْطِسَ الْحَمَّامِ، فَيَحْرُمُ إنْ خِيفَ النَّظَرُ أَوْ لَمْسٌ مِنْ أَحَدِهِمَا لِعَوْرَةِ الْآخَرِ اهـ.
قَوْلُهُ: (إذَا كَانَا عَارِيَّيْنِ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا لَمْ يَتَجَرَّدَا، فَيَجُوزُ نَوْمُهُمَا فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ وَلَوْ مُتَلَاصِقَيْنِ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ انْتَفَى التَّجَرُّدُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ.
قَوْلُهُ: «لَا يُفْضِ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ» الدَّلِيلُ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَى إذْ لَا يَشْمَلُ الْغَايَةَ؛ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِفْضَاءَ الْجَسُّ بِالْيَدِ أَوْ مُطْلَقًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَا يَفْعَلُ مَا يَئُولُ الْأَمْرُ فِيهِ إلَى الْإِفْضَاءِ.
قَوْلُهُ: (وَتُسَنُّ مُصَافَحَةُ) أَيْ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ فَإِنْ كَانَتْ مَحْرَمِيَّةً أَوْ زَوْجِيَّةً أَوْ مَعَ صَغِيرٍ لَا يُشْتَهَى أَوْ مَعَ كَبِيرٍ بِحَائِلٍ جَازَتْ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ وَلَا فِتْنَةٍ؛ نَعَمْ يُسْتَثْنَى الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ فَتَحْرُمُ مُصَافَحَتُهُ كَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ اهـ مَرْحُومِيٌّ. قَوْلُهُ: (يَتَصَافَحَانِ)