الْمُحَقِّقِينَ.
وَمِنْهَا نَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى مِثْلِهَا وَهُوَ كَنَظَرِ رَجُلٍ إلَى رَجُلٍ، وَأَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَيُعَامَلُ بِالْأَشَدِّ فَيُجْعَلُ مَعَ النِّسَاءِ رَجُلًا وَمَعَ الرِّجَالِ امْرَأَةً إذَا كَانَ فِي سِنٍّ يَحْرُمُ فِيهِ نَظَرُ الْوَاضِحِ كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ مِنْ الْمَجْمُوعِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ وَلَا أَجْنَبِيَّةٌ، وَلَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لِامْرَأَةٍ فَهُوَ مَعَهَا كَعَبْدِهَا وَمِنْهَا نَظَرُ الْكَافِرَةِ إلَى الْمُسْلِمَةِ فَهُوَ حَرَامٌ، فَتَحْتَجِبُ الْمُسْلِمَةُ عَنْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: ٣١] فَلَوْ جَازَ لَهَا النَّظَرُ لَمْ يَبْقَ لِلتَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ، وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْعُ الْكِتَابِيَّاتِ دُخُولَ الْحَمَّامِ مَعَ الْمُسْلِمَاتِ هَذَا مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ، وَالْأَشْبَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَرَى مِنْهَا مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي كَافِرَةٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ لِلْمُسْلِمَةِ وَغَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لَهَا، أَمَّا هُمَا فَيَجُوزُ لَهُمَا النَّظَرُ إلَيْهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ فِي الْمَمْلُوكَةِ وَبَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ فِي الْمُحْرِمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
تَتِمَّةٌ مَتَى حَرُمَ النَّظَرُ حَرُمَ الْمَسُّ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْهُ فِي اللَّذَّةِ وَإِثَارَةِ الشَّهْوَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ مَسَّ فَأَنْزَلَ أَفْطَرَ، وَلَوْ نَظَرَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِالنِّسْبَةِ لِطَبْعِ النَّاظِرِ " أَيْ عِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ، وَقَالَ م ر: الْجَمَالُ الْوَصْفُ الْمُسْتَحْسَنُ عُرْفًا لِذَوِي الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْهَا النَّظَرُ إلَى الْأَمَةِ) فِيهِ أَنَّ الْأَمَةَ دَاخِلَةٌ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَقَوْلُ الْمَتْنِ أَحَدُهَا نَظَرُهُ إلَى أَجْنَبِيَّةٍ، فَغَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ شَامِلَةٌ لِلْأَمَةِ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهَا هُنَا؛ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ ذَكَرَهَا هُنَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِيهَا بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (وَمِنْهَا نَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى مِثْلِهَا) أَيْ نَظَرُ امْرَأَةٍ، قَالَ الَأُجْهُورِيُّ: وَرَأَيْت فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ تَمِيلُ لِلنِّسَاءِ النَّظَرُ إلَى وَجْهِ النِّسَاءِ وَأَيْدِيهِنَّ وَأَنْ تُضَاجِعَهُنَّ بِلَا حَائِلٍ كَمَا فِي الرِّجَالِ اهـ.
قَوْلُهُ: (فَيَجْعَلُ مَعَ النِّسَاءِ رَجُلًا) فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهِنَّ وَنَظَرُهُنَّ إلَيْهِ وَمَعَ الرِّجَالِ امْرَأَةً فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ النَّظَرُ لَهُمْ وَمَعَ مُشْكِلٍ مِثْلِهِ الْحُرْمَةُ مِنْ كُلٍّ لِلْآخَرِ بِتَقْدِيرِهِ مُخَالِفًا لَهُ احْتِيَاطًا، وَإِنَّمَا غَسَّلَاهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِانْقِطَاعِ الشَّهْوَةِ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يَبْقَ لِلِاحْتِيَاطِ مَعْنًى ح ل. وَقَوْلُهُ: " وَإِنَّمَا غَسَّلَاهُ " أَيْ بِشَرْطِ عَدَمِ وُجُودِ مَحْرَمٍ لَهُ.
قَوْلُهُ: (فَهُوَ مَعَهَا كَعَبْدِهَا) أَيْ الْبَالِغِ إذَا كَانَا عَفِيفَيْنِ وَلَا كِتَابَةَ وَلَا شَرِكَةَ وَلَا تَبْعِيضَ أَيْ كَوْنُهُ مُبَعَّضًا، وَإِلَّا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهَا النَّظَرُ إلَيْهِ. وَيُوَجَّهُ حِلُّ نَظَرِهِ لِمُكَاتَبَتِهِ دُونَهَا أَيْ دُونَ نَظَرِهَا بِأَنَّ نَظَرَ الرَّجُلِ لِأَمَتِهِ أَقْوَى مِنْ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى عَبْدِهَا؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ لِكُلِّ بَدَنِ أَمَتِهِ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ إنَّمَا تَنْظُرُ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ عَبْدِهَا، فَأَثَّرَتْ الْكِتَابَةُ فِي الثَّانِي لِضَعْفِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. وَمِثْلُ الْمُكَاتَبِ الْمُبَعَّضُ وَالْمُشْتَرَكُ ز ي. وَقَوْلُهُ: " إذَا كَانَا عَفِيفَيْنِ " عَنْ الزِّنَا؛ لَكِنْ اعْتَمَدَ م ر كَابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ لَا تَتَقَيَّدُ الْعِفَّةُ بِالزِّنَا بَلْ عَنْ مِثْلِ الْغِيبَةِ، فَالْمُرَادُ بِالْعِفَّةِ الْعَدَالَةُ. وَعِبَارَةُ الَأُجْهُورِيُّ: وَهُمَا عَفِيفَانِ بِالْعَدَالَةِ فَلَا يَكْفِي الْعِفَّةُ عَنْ الزِّنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (أَوْ نِسَائِهِنَّ) أَيْ الْمُؤْمِنَاتِ. وَقَوْلُهُ: " عِنْدَ الْمِهْنَةِ " أَيْ الْحَاجَةِ وَقَوْلُهُ: " وَهُوَ الظَّاهِرُ " مُعْتَمَدٌ.
قَوْلُهُ: (مَتَى حَرُمَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَحَيْثُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَمَتَى حَرُمَ نَظَرٌ حَرُمَ مَسٌّ اهـ؛ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْمِيمُ الْأَمْكِنَةِ. وَعِبَارَةُ م ر: وَعَبَّرَ أَصْلُهُ وَغَيْرُهُ بِحَيْثُ بَدَلَ مَتَى وَاسْتَحْسَنَهُ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّ حَيْثُ اسْمُ مَكَان، وَالْقَصْدُ أَنَّ كُلَّ مَكَان حَرُمَ نَظَرُهُ حَرُمَ مَسُّهُ، وَمَتَى اسْمُ زَمَانٍ وَلَيْسَ مَقْصُودًا هُنَا. وَرُدَّ بِمَنْعِ عَدَمِ قَصْدِهِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ مَقْصُودًا إذْ الْأَجْنَبِيَّةُ يَحْرُمُ مَسُّهَا وَيَحِلُّ بَعْدَ نِكَاحِهَا وَيَحْرُمُ بَعْدَ طَلَاقِهَا وَقِيلَ زَمَنُ نَحْوِ مُعَامَلَةٍ يَحْرُمُ وَمَعَهُ يَحِلُّ، أَيْ فَحَرُمَ أَيْضًا فِي زَمَنٍ وَحَلَّ فِي زَمَنٍ، فَيَكُونُ الزَّمَنُ أَيْضًا مُرَادًا. وَاقْتَصَرَ ع ش عَلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَنَّ الزَّمَنَ غَيْرُ مَقْصُودٍ؛ وَآخِرُ عِبَارَةِ م ر تُخَالِفُهُ كَمَا عَلِمْت، وَقَدْ يُقَالُ لَا مُخَالَفَةَ. وَيُجَابُ عَنْ ع ش بِأَنَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْمَكَانِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ، وَالزَّمَانُ وَإِنْ كَانَ حَاصِلًا أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ اهـ. وَقَالَ م ر: فَيَحْرُمُ مَسُّ الْأَمْرَدِ كَمَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ وَدَلْكُ الرَّجُلِ فَخِذَ رَجُلٍ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ، وَيَجُوزُ بِهِ، أَيْ بِالْحَائِلِ، إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَلَمْ يَكُنْ بِشَهْوَةٍ. وَقَدْ يَحْرُمُ النَّظَرُ دُونَ الْمَسِّ كَأَنْ أَمْكَنَ الطَّبِيبُ