للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ الْقَصْدُ الدِّينِيُّ أَغْلَبَ فَلَهُ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ تَسَاوَيَا تَسَاقَطَا. وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا أَجْرَ فِيهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَسَاوَى الْقَصْدَانِ أَمْ اخْتَلَفَا. وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ هُوَ الظَّاهِرُ، وَإِذَا بَطَلَ وُضُوءُهُ فِي أَثْنَائِهِ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُثَابَ عَلَى الْمَاضِي كَمَا فِي الصَّلَاةِ أَوْ يُقَالُ إنْ بَطَلَ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا، أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَنَعَمْ. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: لَا ثَوَابَ لَهُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ مُرَادٌ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ التَّفْصِيلُ فِي الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ.

وَيَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ التَّيَمُّمُ وَنِيَّةُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ.

وَلَوْ نَوَى قَطْعَ الْوُضُوءِ انْقَطَعَتْ النِّيَّةُ فَيُعِيدُهَا لِلْبَاقِي.

وَلَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ الْحَدِيثِ لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ مَعَ الْحَدَثِ فَلَا يَتَضَمَّنُ قَصْدُهُ قَصْدَ رَفْعِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ فَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ» . وَالْمُرَادُ بِالْقَصْدِ الدُّنْيَوِيِّ مِثْلُ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ وَالتَّنَظُّفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) هَذَا مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ فَقَوْلُهُ الْآتِي. اهـ أَيْ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ جَارٍ عَلَى رَأْيِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ كَلَامَيْهِمَا أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ جَازِمٌ، وَالزَّرْكَشِيُّ غَيْرُ جَازِمٍ بَلْ مُسْتَظْهِرٌ.

قَوْلُهُ: (وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ هُوَ الظَّاهِرُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر فِي شَرْحِهِ، بَلْ اعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ حُصُولَ الثَّوَابِ فِي التَّسَاوِي أَيْضًا. اهـ. ق ل. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْأَوْجَهُ أَنَّ قَصْدَ الْعِبَادَةِ يُثَابُ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ غَيْرُهُ مِمَّا عَدَا الرِّيَاءَ وَنَحْوَهُ مُسَاوِيًا بَلْ أَوْ رَاجِحًا اهـ. ع ش. فَعَلَى كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ يَحْصُلُ ثَوَابٌ مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ مَتَى وُجِدَ قَصْدُ الْعِبَادَةِ وَلَوْ مَغْلُوبًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) كَأَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَنَا صُورَةٌ يَبْطُلُ بِهَا الْوُضُوءُ بِغَيْرِ الْحَدَثِ إلَّا هَذِهِ اج. وَبِخَطِّ الشَّنَوَانِيِّ بِهَامِشِ شُرُوحِ الرَّوْضِ يُصَوِّرُ غَيْرَ الْحَدَثِ بِمَا إذَا لَمْ يُوَالِ بَيْنَ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ دَائِمُ الْحَدَثِ، وَبِمَا إذَا ارْتَدَّ نَحْوُ الْمُسْتَحَاضَةِ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ، فَقَدْ جَرَى الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا سَبَقَ تَبَعًا لِبَحْثِ الْإِسْنَوِيِّ عَلَى أَنَّ الرِّدَّةَ تُبْطِلُ وُضُوءَ نَحْوِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ أَيْضًا وَيَجْرِي التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي غَيْرِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ كَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ. اهـ بِالْحَرْفِ. لَكِنْ فِي التَّصْوِيرِ الْأَخِيرِ أَنَّ الرِّدَّةَ تُحْبِطُ ثَوَابَ مَا مَضَى مُطْلَقًا. اهـ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ الْوُضُوءَ مُرَادٌ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الصَّلَاةُ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الصَّلَاةِ) فَإِنَّهَا مَقْصُودَةٌ لِذَاتِهَا.

قَوْلُهُ: (التَّفْصِيلُ) أَيْ إنْ قَطَعَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا ثَوَابَ لَهُ أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أُثِيبَ، وَبِهَذَا أَفْتَى شَيْخُهُ م ر فِي الْوُضُوءِ. قَالَ ق ل: وَالْكَلَامُ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ كَغَسْلِ الْوَجْهِ بِخِلَافِ الْأَذْكَارِ وَنَحْوِهَا فَيُثَابُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ الْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ اهـ. م ر. قَوْلُهُ: (وَالصَّلَاةِ) أَيْ وَالصَّوْمِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (التَّيَمُّمُ) أَيْ وَكَذَا وُضُوءُ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ مَرْحُومِيٌّ، وَيَسْتَأْنِفُ كُلٌّ مِنْ الْمُتَيَمِّمِ وَصَاحِبِ الضَّرُورَةِ إذَا عَادَ لِلْإِسْلَامِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ. .

قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَوَى قَطْعَ الْوُضُوءِ إلَخْ) وَفَارَقَ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ، وَفَارَقَ عَدَمَ بُطْلَانِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التُّرُوكِ وَعَدَمِ بُطْلَانِ النُّسُكِ؛ لِأَنَّهُ شَدِيدُ التَّعَلُّقِ، وَلِذَلِكَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِفَسَادِهِ وَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ ق ل مَعَ زِيَادَةٍ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَلَوْ نَوَى قَطْعَ وُضُوئِهِ انْقَطَعَتْ نِيَّتُهُ فَيُعِيدُهَا لِلْبَاقِي، وَحَيْثُ بَطَلَ فِي أَثْنَائِهِ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ أُثِيبَ عَلَى مَا مَضَى إنْ بَطَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَإِلَّا فَلَا. وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ. قَالَ ع ش عَلَيْهِ: وَهَلْ مَنْ قَطَعَهَا مَا لَوْ عَزَمَ عَلَى الْحَدَثِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ؟ . فِيهِ نَظَرٌ: وَقِيَاسُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِمُبْطِلٍ كَالْعَمَلِ الْكَثِيرِ لَمْ تَبْطُلْ إلَّا بِالشُّرُوعِ فِيهِ أَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ هُنَا بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ الْمَذْكُورِ، فَلَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَةِ مَا غَسَلَهُ بَعْدَ الْعَزْمِ اهـ. .

قَوْلُهُ: (مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ) أَيْ كَأَنْ نَوَى الْوُضُوءَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهَا بِأَنْ قَصَدَ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالْوُضُوءِ إلَّا لِأَجْلِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَلَا يُقَاسُ أَنَّ نِيَّةَ الْوُضُوءِ كَافِيَةٌ لِرَفْعِ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا عَلَّقَهَا بِمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُضُوءٍ فَضَرَّ، يَعْنِي أَنَّ رَبْطَهَا بِالْقِرَاءَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ كُلِّ مَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ صَيَّرَهَا مُعَلَّقَةً عَلَيْهِ، وَالتَّعْلِيقُ بِمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوُضُوءِ يُبْطِلُهُ اهـ. م ر.

قَوْلُهُ: (كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ الْحَدِيثِ) كَأَنْ قَالَ: نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ الْحَدِيثِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ. اهـ. مَيْدَانِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ الْحَدِيثِ) هُوَ وَإِنْ كَانَ الْوُضُوءُ لَهُ سُنَّةً كَالْقُرْآنِ لَكِنَّهُ لَا ثَوَابَ فِي مُجَرَّدِ الْقِرَاءَةِ وَالسَّمَاعِ لِلْحَدِيثِ، بَلْ لَا بُدَّ فِي حُصُولِ ذَلِكَ مِنْ قَصْدِ حِفْظِ أَلْفَاظِهِ وَتَعَلُّمِ أَحْكَامِهِ، وَكَذَا الصَّلَاةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>