للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَدَثِ، فَلَوْ نَوَاهُ مَعَ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ يَنْبَغِي أَنَّهُ يَكْفِي كَمَا لَوْ نَوَى التَّبَرُّدَ مَعَ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ، وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْفَتَاوَى وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا.

فُرُوعٌ: لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِوُضُوئِهِ وَلَا يُصَلِّيَ بِهِ لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ لِتَلَاعُبِهِ وَتَنَاقُضِهِ، وَكَذَا لَوْ نَوَى بِهِ الصَّلَاةَ بِمَكَانٍ نَجِسٍ وَلَوْ نَسِيَ لُمْعَةً فِي وُضُوئِهِ أَوْ غَسَلَهُ فَانْغَسَلَتْ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ بِنِيَّةِ التَّنَفُّلِ أَوْ فِي إعَادَةِ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ لِنِسْيَانٍ لَهُ أَجْزَأَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ انْغَسَلَتْ فِي تَجْدِيدِ وُضُوءٍ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ طُهْرٌ مُسْتَقِلٌّ بِنِيَّةٍ لَمْ تَتَوَجَّهْ لِرَفْعِ الْحَدَثِ أَصْلًا.

وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ (عِنْدَ) أَوَّلِ (غُسْلٍ) أَيْ مَغْسُولٍ مِنْ أَجْزَاءِ (الْوَجْهِ) لِتَقْتَرِنَ بِأَوَّلِ الْفَرْضِ كَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاتِّصَالُ السَّنَدِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْعِمَادِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاق فِي شَرْحِ اللُّمَعِ، وَرُدَّ بِهِ عَلَى مَنْ قَالَ بِحُصُولِ الثَّوَابِ مُطْلَقًا بِأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ. وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ حَجَرٍ حُصُولَ الثَّوَابِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ السَّمَاعَ لَا يَخْلُو عَنْ فَائِدَةٍ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ إلَّا عَوْدُ بَرَكَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْقَارِئِ وَالْمُسْتَمِعِ لَكَانَ ذَلِكَ كَافِيًا، وَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ يُوَافِقُهُ إطْلَاقُ الشَّارِحِ وَلَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش عَلَى م ر. وَقَوْلُهُ: لَا يُثَابُ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا دُعَاءٌ لَهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ.

قَوْلُهُ: (يَنْبَغِي أَنَّهُ يَكْفِي) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (فِي الْفَتَاوَى) أَيْ فَتَاوَى شَيْخِهِ م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا) أَيْ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ نَوَى مَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ وَحْدَهُ لَمْ يَصِحَّ أَوْ مَعَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوُضُوءِ صَحَّ.

قَوْلُهُ: (فُرُوعٌ) أَيْ ثَلَاثَةٌ.

قَوْلُهُ: (لَوْ نَوَى إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ هَذَا اللَّفْظَ، وَهُوَ قَوْلُهُ نَوَيْت الْوُضُوءَ لِأُصَلِّيَ بِهِ، وَلَا أُصَلِّي بِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَا أُصَلِّي بِهِ الظُّهْرَ وَلَا أُصَلِّي بِهِ الْعَصْرَ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ مَا شَاءَ مِنْ الصَّلَوَاتِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى رَفْعَ حَدَثِهِ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةٍ دُونَ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا قَالَ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّ حَدَثَهُ لَا يَتَجَزَّأُ إذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. شَرَحَ م ر.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا) فَرْعٌ ثَانٍ. قَوْلُهُ: (بِمَكَانٍ نَجِسٍ) أَيْ نَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا بِلَا حَائِلٍ.

قَوْلُهُ: (الثَّانِيَةُ أَوْ الثَّالِثَةُ) أَيْ فِي ظَنِّهِ أَوْ اعْتِقَادِهِ لَا فِي الْوَاقِعِ بَلْ هَذِهِ هِيَ الْأَوْلَى لِعَدَمِ تَطْهِيرِ الْعُضْوِ، إذْ لَا يُقَالُ ثَانِيَةٌ وَلَا ثَالِثَةٌ حَتَّى تَتِمَّ الْأُولَى، أَوْ يُقَالُ ثَانِيَةٌ وَثَالِثَةٌ بِحَسَبِ الصُّورَةِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْأُولَى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ التَّنَفُّلِ) أَيْ بِقَصْدِ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ أَوْ ثَالِثَةٌ، فَتَكُونُ نَافِلَةً لَا بِقَصْدِ أَنَّهُمَا مُكَمِّلَانِ لِلْأُولَى عِنْدَ شَكِّهِ فِي تَعْمِيمِ الْمَاءِ لِلْوَجْهِ، فَالْمُرَادُ بِالنِّيَّةِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْقَصْدُ.

قَوْلُهُ: (لِنِسْيَانٍ لَهُ) أَيْ لِلْأَوَّلِ أَيْ بِأَنَّهُ تَوَضَّأَ أَوْ اغْتَسَلَ، فَأَعَادَ الْوُضُوءَ أَوْ الْغُسْلَ جَازِمًا بِأَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ أَوْ الْغُسْلَ الَّذِي عَلَيْهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ فِي النِّسْيَانِ نَاوٍ لِرَفْعِ الْحَدَثِ بِخِلَافِهِ فِي التَّجْدِيدِ، وَتَسْمِيَةُ هَذَا الْوُضُوءِ مُجَدَّدًا تَجَوُّزٌ لِعَدَمِ تَمَامِ الْأُولَى لِبَقَاءِ اللُّمْعَةِ الَّتِي نَسِيَهَا.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ تَجْدِيدَ الْوُضُوءِ. .

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاعْتِدَادُ لَا أَنَّهُ إذَا غَسَلَ شَيْئًا قَبْلَ النِّيَّةِ حَرُمَ عَلَيْهِ وَعِنْدَ بِمَعْنَى مَعَ.

قَوْلُهُ: (أَوَّلِ غَسْلٍ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ شَعْرًا خَارِجًا عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ أَوْ بَاطِنِ شَعْرٍ كَثِيفٍ لِدُخُولِهِ فِي حَدِّ الْوَجْهِ، بِخِلَافِ جَوَانِبِ الرَّأْسِ، فَلَا يَكْفِي قَرْنُ النِّيَّةِ بِهَا، وَإِنْ وَجَبَ غَسْلُهَا تَبَعًا أَيْ لِلْوَجْهِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ ق ل مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي قَرْنُهَا بِبَاطِنِ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ. قَالَ ق ل: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَصَّ الشَّعْرَ الَّذِي نَوَى مَعَهُ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةٌ عِنْدَ الْوَجْهِ أَوْ الشَّعْرِ الْبَاقِي فَرَاجِعْهُ. وَفِي ع ش عَلَى م ر: يَنْبَغِي جَوَازُ اقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِغَسْلِ شَعْرِ الْوَجْهِ قَبْلَ غَسْلِ بَشَرَتِهِ؛ لِأَنَّ غَسْلَهُ أَصْلِيٌّ لَا بَدَلَ لَهُ وِفَاقًا لِلرَّمْلِيِّ. أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَطَعَ الشَّعْرَ قَبْلَ غَسْلِ الْوَجْهِ لَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ النِّيَّةِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. اهـ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ: وَإِنَّمَا اكْتَفَى فِي النِّيَّةِ بِغَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِمُقَارَنَتِهَا بَعْضَ التَّكْبِيرِ عِنْدَ م ر؛ لِأَنَّ الْأُولَى يُسَمَّى غَسْلًا بِخِلَافِ الثَّانِي، فَإِنَّ الْبَعْضَ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا. اهـ.

قَوْلُهُ: (أَيْ مَغْسُولٍ) لَوْ أَبْقَى الْمَتْنُ عَلَى ظَاهِرِهِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَقْتَرِنُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْغَسْلُ؛ لِأَنَّهَا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ وَلَا تَقْتَرِنُ بِالْمَغْسُولِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (مِنْ أَجْزَاءِ الْوَجْهِ) أَيْ مَا يُسَمَّى وَجْهًا فَيَخْرُجُ عَنْهُ مَا لَوْ اقْتَرَنَتْ بِمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ ع ش.

قَوْلُهُ: (بِأَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>