لِأُمِّهَا فَالثَّانِي هُوَ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ يُدْلِي بِالْجَدِّ وَالْأُمِّ، وَالْأَوَّلُ يُدْلِي بِالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَلَوْ كَانَا ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا ابْنُهَا وَالْآخَرُ أَخُوهَا مِنْ الْأُمِّ فَالِابْنُ هُوَ الْمُقَدَّمُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ، وَلَوْ كَانَ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا مُعْتَقٌ قُدِّمَ الْمُعْتَقُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُعْتَقُ ابْنَ عَمٍّ لِأَبٍ وَالْآخَرُ شَقِيقًا قُدِّمَ الشَّقِيقُ وَبِهِ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَسْمِيَةُ كُلٍّ مِنْ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنْ الْأَخِ وَالْعَمِّ وَلِيًّا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ وَجَعَلَ الْوِلَايَةَ حَقِيقَةً لِلْأَبِ وَالْجَدِّ فَقَطْ، وَلَا يُزَوِّجُ ابْنٌ أُمَّهُ بِبُنُوَّةٍ مَحْضَةٍ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَالْمُزَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا مُشَارَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي النَّسَبِ إذْ انْتِسَابُهَا إلَى أَبِيهَا، وَانْتِسَابُ الِابْنِ إلَى أَبِيهِ فَلَا يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ النَّسَبِ، فَإِنْ كَانَ ابْنَ عَمٍّ لَهَا أَوْ مُعْتَقَةً لَهَا أَوْ عَاصِبَ مُعْتَقٍ لَهَا أَوْ قَاضِيًا أَوْ وَكِيلًا عَنْ وَلِيِّهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ زَوَّجَ بِمَا ذَكَرَ، فَلَا تَضُرُّ الْبُنُوَّةُ؛ لِأَنَّهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
الثَّلَاثَةِ.
قَوْلُهُ: (لَوْ كَانَا ابْنَا عَمٍّ) كَأَخَوَيْنِ شَقِيقَيْنِ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَلَهُمَا أَخٌ لِأَبٍ كَبَكْرٍ وَلِأَحَدِهِمَا امْرَأَةٌ وَلَهُ مِنْهَا بِنْتٌ وَلِأَخِيهِ شَقِيقِهِ وَلَدٌ ثُمَّ مَاتَ عَنْ الْمَرْأَةِ وَالْبِنْتِ فَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأَتَى مِنْهَا بِوَلَدٍ، فَنِسْبَةُ هَذَا الْوَلَدِ إلَى الْبِنْتِ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّهَا لِأَبِيهَا وَأَخُوهَا لِأُمِّهَا وَنِسْبَتُهَا لِلْوَلَدِ الْأَوَّلِ ابْنُ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يُدْلِي) أَيْ يُنْسَبُ لِلْبِنْتِ. قَوْلُهُ: (بِالْجَدِّ) هُوَ أَبُو الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأُمِّ) أَيْ أُمِّ الْبِنْتِ وَأُمِّ ابْنِ الْعَمِّ. وَقَوْلُهُ: " وَالْجَدَّةِ " أَيْ؛ لِأَنَّهَا جَدَّةُ الْبِنْتِ أُمُّ أَبِيهَا وَجَدَّةُ ابْنِ الْعَمِّ الشَّقِيقِ وَهِيَ أُمُّ أَبِيهِ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا ابْنُهَا) أَيْ فِيمَا إذَا وَطِئَهَا عَمُّهَا بِشُبْهَةٍ شَوْبَرِيٌّ. صُورَتُهَا ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ تَزَوَّجَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ امْرَأَةً وَأَتَى مِنْهَا بِبِنْتٍ ثُمَّ وَطِئَ الْبِنْتَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بِشُبْهَةٍ وَأَتَى مِنْهَا بِابْنٍ فَنِسْبَتُهُ لِلْبِنْتِ ابْنُهَا وَابْنُ عَمِّهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَ بِأُمِّ الْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ الْأَخُ الثَّالِثُ وَأَتَى مِنْهَا بِابْنٍ فَنِسْبَتُهُ لِلْبِنْتِ ابْنُ عَمِّهَا وَأَخُوهَا لِأُمِّهَا.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَلَوْ كَانَ ابْنَا ابْنِ عَمٍّ إلَخْ. وَصُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ هُنَاكَ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ كَزَيْدٍ وَبَكْرٍ وَعَمْرٍو وَلِزَيْدٍ زَوْجَةٌ وَلَهُ مِنْهَا بِنْتٌ وَبَكْرٌ لَهُ زَوْجَةٌ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ وَعَمْرٌو لَهُ زَوْجَةٌ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ أَيْضًا فَتَزَوَّجَ وَلَدُ بَكْرٍ بِبِنْتِ زَيْدٍ فَأَتَى مِنْهَا بِوَلَدٍ فَنِسْبَةُ هَذَا الْوَلَدِ لِلْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ ابْنُهَا وَابْنُ ابْنِ عَمِّهَا، ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ زَوْجَتِهِ وَبِنْتِهِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ إنَّ وَلَدَ عَمْرٍو تَزَوَّجَ بِأُمِّ الْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ فَأَتَى مِنْهَا بِوَلَدٍ فَنِسْبَةُ هَذَا الْوَلَدِ لِلْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ أَخُوهَا لِأُمِّهَا وَابْنُ ابْنِ عَمِّهَا. وَتُصَوَّرُ هَذِهِ الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ بِصُورَةٍ غَيْرِ هَذِهِ وَهِيَ: ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ كَبَكْرٍ وَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٌ وَزَيْدٌ لَهُمَا وَلَدَانِ وَلِعَمِّهِمَا عَمْرٍو زَوْجَةٌ وَبِنْتٌ مِنْهَا ثُمَّ مَاتَ ذَلِكَ الْعَمُّ عَنْ زَوْجَتِهِ وَبِنْتِهِ فَأَخَذَ ابْنُ بَكْرٍ زَوْجَةَ عَمِّهِ فَأَتَى مِنْهَا بِوَلَدٍ فَنِسْبَةُ هَذَا الْوَلَدِ لِلْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا وَأَخُوهَا لِأُمِّهَا وَأَخَذَ ابْنُ زَيْدٍ بِنْتَ عَمِّهِ الْمَذْكُورَةَ فَأَتَى مِنْهَا بِوَلَدٍ فَنِسْبَةُ هَذَا الْوَلَدِ لَهَا أَنَّهُ ابْنُهَا وَابْنُ ابْنِ عَمِّهَا ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا وَأَرَادَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أَنَّهَا تَتَزَوَّجُ فَيُزَوِّجُهَا ابْنُهَا الَّذِي هُوَ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ ابْنَا عَمِّ أَحَدِهِمْ مُعْتَقٌ إلَخْ، أَيْ وَتَسَاوَيَا عُصُوبَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ؛ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا فِي الْعِبَارَةِ لِيَصِحَّ قَوْلُهُ: " وَمِنْهُ يُؤْخَذُ إلَخْ " وَهَذَا الِاسْتِدْرَاكُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَا مَرَّ يَقْتَضِي تَسَاوِيهِمَا فِي الْوِلَايَةِ وَقَوْلُهُ: " وَمِنْهُ يُؤْخَذُ إلَخْ " أَيْ مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: "؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ فَالْمَعْنَى وَمِنْ الْأَقْرَبِيَّةِ يُؤْخَذُ إلَخْ ".
قَوْلُهُ: (قُدِّمَ الْمُعْتَقُ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ قُدِّمَ الْمُعْتَقُ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى وَمِنْهُ يُؤْخَذُ إلَخْ، أَيْ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ. وَالشَّارِحُ لَمْ يَأْتِ بِالتَّعْلِيلِ. وَعِبَارَةُ م د: قَوْلُهُ: " وَيُؤْخَذُ إلَخْ " أَيْ مِنْ قُرْبِ النَّسَبِ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقُرْبُ. بِغَيْرِ النَّسَبِ كَالْوَلَاءِ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ مِنْ النَّسَبِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَخِ وَالْعَمِّ) بَيَانٌ لِلْغَيْرِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَذْكُورِ مِنْ التَّسْمِيَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُزَوِّجُ ابْنٌ أُمَّهُ) وَأَمَّا قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ لِابْنِهَا عُمَرَ: قُمْ فَزَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ؛ فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ عُمَرُ الْمَعْرُوفُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ سِنُّهُ حِينَئِذٍ كَانَ نَحْوَ ثَلَاثِ سِنِينَ فَهُوَ طِفْلٌ لَا يُزَوِّجُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّاوِيَ وَهَمَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَصَبَتِهَا وَاسْمُهُ مُوَافِقٌ لِابْنِهَا فَظَنَّ الرَّاوِي أَنَّهُ هُوَ. وَرِوَايَةُ: " قُمْ فَزَوِّجْ أُمَّك " بَاطِلَةٌ عَلَى أَنَّ نِكَاحَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَفْتَقِرُ لِوَلِيٍّ فَهُوَ اسْتِطَابَةٌ لَهُ وَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّهُ ابْنُهَا وَأَنَّهُ بَالِغٌ فَهُوَ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ أَقْرَبَ مِنْهُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِوِلَايَتِهِ.
قَوْلُهُ: (بِبُنُوَّةٍ مَحْضَةٍ) أَيْ خَالِصَةٍ عَنْ سَبَبٍ آخَرَ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ) أَيْ الِابْنُ. وَقَوْلُهُ: " ابْنَ عَمٍّ " أَيْ ابْنَ ابْنِ عَمٍّ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُتَصَوَّرُ فِي النِّكَاحِ وَلَا يُتَصَوَّرُ مَا قَالَهُ إلَّا فِي الشُّبْهَةِ.