غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لَا مَانِعَةٍ فَإِذَا وُجِدَ مَعَهَا سَبَبٌ آخَرُ مُقْتَضٍ لِلْوِلَايَةِ لَمْ تَمْنَعْهُ.
(فَإِذَا عَدِمَتْ الْعَصَبَاتُ) مِنْ النَّسَبِ (فَالْمَوْلَى) أَيْ السَّيِّدُ (الْمُعْتِقُ) الرَّجُلُ (ثُمَّ عَصَبَاتُهُ) بِحَقِّ الْوَلَاءِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُعْتِقُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً، وَالتَّرْتِيبُ هُنَا كَالْإِرْثِ فِي تَرْتِيبِهِ فَيُقَدَّمُ بَعْدَ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ مُعْتِقُ الْمُعْتَقِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ وَهَكَذَا لِحَدِيثِ: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَلِأَنَّ الْمُعْتَقَةَ أَخْرَجَهَا مِنْ الرِّقِّ إلَى الْحُرِّيَّةِ، فَأَشْبَهَ الْأَبَ فِي إخْرَاجِهِ لَهَا مِنْ الْعَدَمِ إلَى الْوُجُودِ وَيُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ إذَا فُقِدَ وَلِيُّ الْعَتِيقَةِ مِنْ النَّسَبِ كُلُّ مَنْ يُزَوِّجُ الْمُعْتَقَةَ مَا دَامَتْ حَيَّةً بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ تَبَعًا لِلْوِلَايَةِ عَلَى الْمُعْتَقَةِ، فَيُزَوِّجُهَا الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ بَقِيَّةُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ) أَيْ فَلَا تُعَارِضُ الْمُقْتَضِي فَهُوَ مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ الْمُقْتَضِي وَغَيْرِ الْمُقْتَضِي فَيُقَدَّمُ الْمُقْتَضِي، وَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْمُقْتَضِي وَالْمَانِعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَدَّمْنَا الْمَانِعَ فَلَا يُزَوِّجُ حِينَئِذٍ الِابْنُ؛ لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا مَفْهُومُ الْمَانِعِ وَهُوَ وَصْفٌ ظَاهِرٌ مُنْضَبِطٌ مُعَرِّفٌ نَقِيضَ الْحُكْمِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ. وَعِبَارَةُ ع ش: قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ دَفَعَ بِهِ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْبُنُوَّةَ إذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ غَيْرِهَا سَلَبَتْ الْوِلَايَةَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُقْتَضِي وَالْمَانِعُ قُدِّمَ الثَّانِي اهـ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْبُنُوَّةَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا مَفْهُومُ الْمَانِعِ.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا وُجِدَ مَعَهَا) أَيْ الْبُنُوَّةِ.
قَوْلُهُ: (الرَّجُلُ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتِقَ صِفَةُ مُذَكَّرٍ، وَقَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأُنْثَى الْمُعْتِقَةَ لَا تُزَوِّجُ عَتِيقَتَهَا.
قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُعْتِقُ إلَخْ) تَعْمِيمٌ فِي عَصَبَاتِ الْمُعْتِقِ، أَيْ أَنَّهُ فِي الْعَصَبَاتِ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُعْتِقِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَأَمَّا نَفْسُ الْمُعْتَقِ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الذَّكَرِ فَيُزَوِّجُ وَالْأُنْثَى فَلَا تُزَوِّجُ.
قَوْلُهُ: (وَالتَّرْتِيبُ هُنَا كَالْإِرْثِ) أَيْ الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ، فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُ الْأَخِ عَلَى الْجَدِّ، وَالْعَمُّ وَابْنُ الْعَمِّ عَلَى أَبِي الْجَدِّ مَرْحُومِيٌّ. وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ: أَيْ فَيُقَدَّمُ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْأَخُ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ الْعَمُّ ثُمَّ ابْنُ الْعَمِّ ثُمَّ أَبُو الْجَدِّ.
قَوْلُهُ: (لُحْمَةٌ) بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِهَا أَيْ خِلْطَةٌ وَاشْتِبَاكٌ، مَأْخُوذٌ مِنْ اشْتِبَاكِ النَّاسِ وَاخْتِلَاطِهِمْ كَاشْتِبَاكِ لُحْمَةِ الثَّوْبِ فَالسَّدَى بِفَتْحِ السِّينِ وَالْقَصْرِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْقِيَامِ عِنْدَ الْقَزَّازِينَ.
قَوْلُهُ: (وَيُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ إلَخْ) وَأَمَةُ الْمَرْأَةِ كَعَتِيقَتِهَا فِيمَا ذُكِرَ؛ لَكِنْ يُشْتَرَطُ إذْنُ السَّيِّدَةِ الْكَامِلَةِ نُطْقًا وَلَوْ بِكْرًا إذْ لَا تَسْتَحْيِي مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً ثَيِّبًا امْتَنَعَ عَلَى الْأَبِ تَزْوِيجُ أَمَتِهَا إلَّا إذَا كَانَتْ مَجْنُونَةً وَلَيْسَ لِلْأَبِ إجْبَارُ أَمَةِ الْبِكْرِ الْبَالِغِ اهـ م ر.
وَعَتِيقَةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ يُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهِ وُجُوبًا مَنْ يُزَوِّجُهُ بِفَرْضِ أُنُوثَتِهِ لِيَكُونَ وَكِيلًا أَوْ وَلِيًّا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهِ مَعَ إذْنِ الْعَتِيقَةِ أَيْضًا لِمَنْ يُزَوِّجُ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْإِذْنَيْنِ، وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ سَبْقِ إذْنِهَا لِلْخُنْثَى إذْ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ لِمَنْ يَعْقِدُ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ إلَّا إذَا أَذِنَتْ لَهُ الْعَتِيقَةُ فِي التَّزْوِيجِ لِيَصِحَّ تَوْكِيلُهُ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. وَالْمُبَعَّضَةُ يُزَوِّجُهَا مَالِكُ بَعْضِهَا مَعَ قَرِيبِهَا وَإِلَّا فَمَعَ مُعْتِقِ بَعْضِهَا وَالْمُكَاتَبَةُ يُزَوِّجُهَا سَيِّدُهَا بِإِذْنِهَا، وَكَذَا أَمَتُهَا؛ لِأَنَّهُ إمَّا مَالِكٌ أَوْ وَلِيٌّ وَيُزَوِّجُ الْحَاكِمُ أَمَةَ كَافِرٍ أَسْلَمَتْ، بِإِذْنِهِ وَإِذْنِهَا. وَلَا تُزَوَّجُ مُدَبَّرَةُ الْمُفْلِسِ وَلَوْ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ، وَلَا أَمَةُ الْمُرْتَدَّةِ وَالْمُرْتَدِّ، وَلَا الْوَلِيُّ أَمَةً صَغِيرَةً ثَيِّبًا إلَّا إنْ كَانَتْ مَجْنُونَةً. وَيُزَوِّجُ الْوَلِيُّ أَمَةً مَحْجُورَةً لِلْمَصْلَحَةِ وَيُزَوِّجُ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمَأْذُونَ لَهَا فِي التِّجَارَةِ وَأَمَةَ عَبْدِهِ كَذَلِكَ؛ لَكِنْ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ فِيهِمَا إنْ كَانَ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ.
وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ بَيْعُ أَمَةِ عَبْدِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَا هِبَتُهَا وَلَا وَطْؤُهَا وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ بِوَطْئِهَا، وَيَنْفُذُ إيلَادُهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِلَّا فَلَا. وَيُزَوِّجُ الْمَغْصُوبَةَ سَيِّدُهَا وَلَوْ لِعَاجِزٍ عَنْ انْتِزَاعِهَا، وَيُزَوِّجُ الْجَانِيَةَ وَالْمَرْهُونَةَ سَيِّدُهَا بِإِذْنِ الْمُسْتَحِقِّ، وَيُزَوِّجُ الْمَوْقُوفَةَ كُلَّهَا الْحَاكِمُ بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَافِرًا أَوْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ بِإِذْنِ نَاظِرِهِ فِي نَحْوِ مَسْجِدٍ أَوْ جِهَةٍ وَفِي مَوْقُوفَةِ الْبَعْضِ وَلِيُّهَا أَوْ سَيِّدُهَا مَعَ مَنْ ذُكِرَ وَبِنْتُ الْمَوْقُوفَةِ مِثْلُهَا إنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْوَقْفِ، وَاخْتَارَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهَا وَقْفٌ أَيْضًا. وَيُزَوِّجُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا الْوَارِثُ بِإِذْنِ الْمُوصَى لَهُ أَوْ وَلِيِّهِ، وَيُزَوِّجُ الْمُشْتَرَكَةَ سَادَاتُهَا أَوْ أَحَدُهُمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ إنْ وَافَقَهَا فِي الدِّينِ، وَيُزَوِّجُ أَمَةَ الْقِرَاضِ الْمَالِكُ بِإِذْنِ الْعَامِلِ، وَيُزَوِّجُ الْمَبِيعَةَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَإِنْ شَرَطَ لَهَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ اُعْتُبِرَ إذْنُهَا وُجُوبًا، وَيُزَوِّجُ أَمَةَ بَيْتِ الْمَالِ الْإِمَامُ كَاللَّقِيطَةِ بِإِذْنِهَا؛ وَأَمَّا عَبْدُ بَيْتِ الْمَالِ وَالْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ أَوْ عَبْدُ الْمَسْجِدِ فَلَا يُزَوَّجُ بِحَالٍ.
قَوْلُهُ: (تَبَعًا لِلْوِلَايَةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا وِلَايَةٌ كَالثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ الْعَاقِلَةِ لَمْ يُزَوِّجْ عَتِيقَتَهَا. وَصُورَةُ عَتِيقَةِ