للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوْلِيَاءِ عَلَى مَا فِي تَرْتِيبِهِمْ بِرِضَا الْعَتِيقَةِ، وَيَكْفِي سُكُوتُ الْبِكْرِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ فِي تَكْمِلَتِهِ وَإِنْ خَالَفَ فِي دِيبَاجِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُعْتَقَةِ فِي ذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهَا وَلَا إجْبَارَ، فَلَا فَائِدَةَ لَهُ فَإِذَا مَاتَتْ الْمُعْتَقَةُ زَوَّجَ الْعَتِيقَةَ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى الْمُعْتَقَةِ مِنْ عَصَبَاتِهَا، فَيُزَوِّجُهَا ابْنُهَا ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ أَبُوهَا عَلَى تَرْتِيبِ عَصَبَةِ الْوَلَاءِ إذْ تَبَعِيَّةُ الْوِلَايَةِ انْقَطَعَتْ بِالْمَوْتِ.

(ثُمَّ) إنْ فُقِدَ الْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ زَوَّجَ (الْحَاكِمُ) الْمَرْأَةَ الَّتِي فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَلِخَبَرِ: «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا وَإِنْ رَضِيَتْ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ، وَكَذَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ إذَا عَضَلَ النَّسِيبُ الْقَرِيبُ وَلَوْ مُجْبِرًا وَالْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا امْتَنَعُوا مِنْ وَفَائِهِ وَفَّاهُ الْحَاكِمُ وَلَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

الصَّغِيرَةِ أَنْ يُعْتِقَ وَلِيُّهَا أَمَتَهَا عَلَى كَفَّارَةٍ عَلَيْهَا كَالْقَتْلِ. اهـ. سم عَلَى حَجّ.

قَوْلُهُ: (عَلَى مَا فِي تَرْتِيبِهِمْ) أَيْ عَلَى مَا مَرَّ فِي تَرْتِيبِهِمْ.

قَوْلُهُ: (بِرِضَا الْعَتِيقَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُزَوِّجُهَا. قَوْلُهُ: (وَيَكْفِي سُكُوتُ الْبِكْرِ) وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ كَوْنَهُ إذْنًا وَلَمْ تَعْلَمْ الزَّوْجَ. اهـ. حَجّ. وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي خَرْسَاءَ لَا إشَارَةَ لَهَا مُفْهِمَةٌ وَلَا كِتَابَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَالْمَجْنُونَةِ اهـ. وَالْمُرَادُ بِالْبِكْرِ أَيْ الْعَتِيقَةُ الْبَالِغَةُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُزَوِّجَهَا إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهَا.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ خَالَفَ فِي دِيبَاجِهِ) هُوَ شَرْحٌ صَغِيرٌ لَهُ عَلَى الْمِنْهَاجِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُعْتَقَةِ) وَلَا رِضَاهَا بَلْ وَإِنْ مَنَعَتْ.

قَوْلُهُ: (فَلَا فَائِدَةَ لَهُ) أَيْ الْإِذْنِ. قَوْلُهُ: (مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى الْمُعْتَقَةِ) بِفَتْحِ التَّاءِ أَيْ الْعَتِيقَةِ، فَهُوَ مِنْ وَضْعِ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهَا. وَقَوْلُهُ: " مِنْ عَصَبَاتِهَا " أَيْ الْمُعْتِقَةِ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفِيهِ تَشْتِيتُ الضَّمَائِرِ لَوْ أَضْمَرَ فِي الْمُعْتَقَةِ، وَهَذَا حِكْمَةُ الْإِظْهَارِ.

قَوْلُهُ: (فَيُزَوِّجُهَا ابْنُهَا ثُمَّ ابْنُهُ) وَهَذَا هُوَ مَحَلُّ مُخَالَفَةِ حَيَاتِهَا لِحَالِ مَوْتِهَا.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ فُقِدَ الْمُعْتِقُ) أَيْ جِنْسُهُ الشَّامِلُ لِمُعْتِقِ الْمُعْتَقِ.

قَوْلُهُ: (زَوَّجَ الْحَاكِمُ) فَإِنْ فُقِدَ الْحَاكِمُ كَانَ لِلزَّوْجَيْنِ أَنْ يُحَكِّمَا لَهُمَا عَدْلًا يَعْقِدُ لَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا وَلَوْ مَعَ وُجُودِ مُجْتَهِدٍ. أَمَّا مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ وَلَوْ حَاكِمَ ضَرُورَةٍ فَلَا يُحَكِّمَانِ إلَّا مُجْتَهِدًا إلَّا إنْ كَانَ الْحَاكِمُ يَأْخُذُ دَرَاهِمَ لَهَا وَقْعٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً فِي مِثْلِهَا كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْبِلَادِ، وَمِنْ ذَلِكَ قُضَاةُ مِصْرَ فِي زَمَنِنَا هَذَا فَلَهُمَا أَنْ يُحَكِّمَا عَدْلًا وَلَوْ غَيْرَ مُجْتَهِدٍ. وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدَا أَحَدًا وَخَافَتْ الزِّنَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلِيِّ مَسَافَةُ الْقَصْرِ، ثُمَّ إذَا رَجَعَا إلَى الْعُمْرَانِ وَوَجَدَا النَّاسَ جَدَّدَا الْعَقْدَ إنْ لَمْ يَكُونَا قَلَّدَا مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) أَيْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَتْ مُجْتَازَةً وَإِنْ أَذِنَتْ لَهُ وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْهُ، فَعَلَى هَذَا يَكْفِي الْإِذْنُ مَعَ وُجُودِ الْمَانِعِ. وَلَا يُزَوِّجُ مَنْ لَيْسَتْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَلَوْ لِمَنْ فِيهَا بِخِلَافِ عَكْسِهِ إذَا وَكَّلَ الزَّوْجُ. اهـ. ق ل.

وَقَوْلُهُ: " بِخِلَافِ عَكْسِهِ " أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ يُزَوِّجُ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَالزَّوْجُ خَارِجَهُ بِأَنْ وَكَّلَ الزَّوْجُ فَعَقَدَ الْحَاكِمُ مَعَ وَكِيلِهِ فَالْعِبْرَةُ بِالْمَرْأَةِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ إذَا عَضَلَ) وَلَوْ بِالسُّكُوتِ وَلَوْ لِنَقْصِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَهَا لَا لَهُ، فَإِذَا رَضِيَتْ بِهِ لَمْ يَكُنْ لِعَضْلِهِ عُذْرٌ. فَلَوْ زَوَّجَ فَقَدَّمَ الْحَاكِمَ فِي الْعَضْلِ ثُمَّ تَبَيَّنَ رُجُوعَ الْعَاضِلِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ بَانَ بُطْلَانُهُ. اهـ. س ل. وَالْعَضْلُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ صَغِيرَةٌ، وَأَفْتَى النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ إذَا تَكَرَّرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ؛ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَا يَأْثَمُ بَاطِنًا بِعَضْلٍ لِمَانِعٍ يُخِلُّ بِالْكَفَاءَةِ عَلِمَهُ مِنْهُ بَاطِنًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ إثْبَاتُهُ ح ل. وَعِبَارَةُ م ر: وَإِفْتَاءُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مُرَادُهُ أَنَّهُ فِي حُكْمِهَا بِإِصْرَارِهِ عَلَيْهِ لِتَصْرِيحِهِ هُوَ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ اهـ.

تَنْبِيهٌ: تَوْبَةُ الْعَاضِلِ دُونَ ثَلَاثٍ تَحْصُلُ بِتَزْوِيجِهِ فَتَعُودُ وِلَايَتُهُ بِهِ، وَهَذِهِ زَائِدَةٌ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ بِعَوْدِ وِلَايَتِهِ بِلَا تَوْلِيَةِ جَدِيدٍ فَرَاجِعْهُ اهـ ق ل أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهَا لَهُ ثَانِيًا. قَوْلُهُ: (النَّسِيبُ الْقَرِيبُ) وَأَمَّا إذَا عَضَلَ النَّسِيبُ الْمُسَاوِي لِغَيْرِهِ كَمَا لَوْ كَانَ لَهَا إخْوَةٌ كُلُّهُمْ أَشِقَّاءُ فَعَضَلَ أَحَدُهُمْ وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ لَهُ فَيُزَوِّجُ غَيْرُهُ مِنْهُمْ. وَلَا تَنْتَقِلُ لِلسُّلْطَانِ سَوَاءٌ عَضَلَ ثَلَاثًا أَوْ أَقَلَّ؛ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِعَضْلِهِ سَقَطَ حَقُّهُ وَمَعَهُ مَنْ يُسَاوِيهِ فِي الدَّرَجَةِ وَحَقُّهُ بَاقٍ فَيُزَوِّجُ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُعْتِقُ) أَيْ إذَا عَضَلَ أَيْضًا فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>