للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيك وَمَنْ يَجِدُ مِثْلَكِ؟ (وَيَجُوزُ أَنْ يُعَرِّضَ) لِغَيْرِ الرَّجْعِيَّةِ (بِنِكَاحِهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) سَوَاءٌ كَانَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ أَمْ بَائِنٍ بِفَسْخٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ رِدَّةٍ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِانْقِطَاعِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَنْهَا.

تَنْبِيهٌ: هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ الَّذِي يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا فِيهَا، أَمَّا هُوَ فَيَحِلُّ لَهُ التَّعْرِيضُ وَالتَّصْرِيحُ، وَأَمَّا مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا فِيهَا كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا فَوَطِئَهَا أَجْنَبِيٌّ بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ، فَإِنَّ عِدَّةَ الْحَمْلِ تُقَدَّمُ، وَلَا يَحِلُّ لِصَاحِبِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ أَنْ يَخْطُبَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ. وَحُكْمُ جَوَابِ الْمَرْأَةِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا حُكْمُ الْخِطْبَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ.

وَيَحْرُمُ عَلَى عَالِمٍ خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةٍ جَائِزَةٍ مِمَّنْ صَرَّحَ بِإِجَابَتِهِ إلَّا بِالْإِعْرَاضِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

ابْنُ حَجَرٍ وم ر. وَقَوْلُهُ: " مَا يَحْتَمِلُ الرَّغْبَةَ فِي النِّكَاحِ " أَيْ وَلَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى ذِكْرِ الْجِمَاعِ وَإِلَّا كَانَ صَرِيحًا كَقَوْلِهِ عِنْدِي جِمَاعٌ يُرْضِي مَنْ جُومِعَتْ؛ قَالَهُ ح ل. قَالَ ع ش عَلَى م ر. وَمُقْتَضَاهُ حُرْمَتُهَا حِينَئِذٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ حَرَامٌ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: ٢٣٥] أَيْ نِكَاحًا فَالسِّرُّ كِنَايَةٌ عَنْ النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْوَطْءُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُسَرُّ ثُمَّ عَبَّرَ بِالسِّرِّ الَّذِي هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الْوَطْءِ عَنْ عَقْدِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ سَبَبٌ فِي الْوَطْءِ، وَقِيلَ: هُوَ الزِّنَا كَانَ الرَّجُلُ يَدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ أَجْلِ الزِّنَا وَهُوَ يُعَرِّضُ بِالنِّكَاحِ وَيَقُولُ لَهَا دَعِينِي فَإِذَا أَوْفَيْتِي عِدَّتَك أَظْهَرْت نِكَاحَك.

قَوْلُهُ: (وَرُبَّ رَاغِبٍ فِيك) وَمِثْلُهُ إنِّي رَاغِبٌ فِيك وَإِنْ تُوُهِّمَ أَنَّهُ صَرِيحٌ بِحَسْبِ جَوْهَرِ اللَّفْظِ اهـ م ر.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ يَجِدُ مِثْلَك) وَإِنِّي رَاغِبٌ فِيك، وَأَمَّا الْكِنَايَةُ وَهِيَ الدَّلَالَةُ عَلَى الشَّيْءِ بِذِكْرِ لَازِمِهِ فَقَدْ تُفِيدُ مَا يُفِيدُهُ الصَّرِيحُ فَتَحْرُمُ نَحْوُ أُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْك نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ وَأَتَلَذَّذَ بِك فَإِنْ حَذَفَ أَتَلَذَّذَ بِك لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا وَلَا تَعْرِيضًا ح ل. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِ الرَّجْعِيَّةِ) مِثْلُهَا زَوْجُهَا الْمُرْتَدُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعُودُ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَلِانْقِطَاعِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ إلَخْ) أَيْ مَعَ ضَعْفِ التَّعْرِيضِ، فَلَا يَرُدُّ أَنَّ السَّلْطَنَةَ أَيْضًا مُنْقَطِعَةٌ مَعَ التَّصْرِيحِ. قَالَ أج: نَعَمْ إنْ فَحُشَ بِأَنْ اشْتَمَلَ عَلَى ذِكْرِ الْجِمَاعِ حَرُمَ لِفُحْشِهِ أَوْ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيضَ بِالْجِمَاعِ تَصْرِيحٌ بِالْخِطْبَةِ.

قَوْلُهُ: (هَذَا كُلُّهُ) أَيْ عَدَمُ جَوَازِ التَّصْرِيحِ بِالْخِطْبَةِ وَجَوَازِ التَّعْرِيضِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.

قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ صَاحِبِ الْعِدَّةِ بِالْمَرَّةِ أَوْ صَاحِبَ عِدَّةٍ لَا يَحِلُّ لَهُ النِّكَاحُ، فَيُفَصَّلُ كَمَا تَقَدَّمَ فَفِي الرَّجْعِيَّةِ يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا، وَفِي غَيْرِهَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ. أَمَّا صَاحِبُ الْعِدَّةِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا كَأَنْ خَالَعَهَا وَشَرَعَتْ فِي الْعِدَّةِ فَيَجُوزُ لَهُ التَّعْرِيضُ وَالتَّصْرِيحُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا، وَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ تَعْرِيضٌ وَلَا تَصْرِيحٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ رَجْعَتُهَا. وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ صَرِيحَةٌ فِي جَوَازِ نِكَاحِهَا لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ، فَيَجُوزُ لَهُ التَّعْرِيضُ وَالتَّصْرِيحُ، وَهِيَ ضَعِيفَةٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْعَقْدِ عَلَى الرَّجْعِيَّةِ الرَّجْعَةَ فَإِنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً فِي الرَّجْعَةِ فَإِنْ نَوَاهَا بِهِ حَصَلَتْ وَإِلَّا فَلَا تَحْصُلُ وَلَا يَصِحُّ عَقْدُ النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ اهـ.

قَوْلُهُ: (فَحَمَلَتْ مِنْهُ إلَخْ) إنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ بِالْحَمْلِ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ فَإِنَّ عِدَّةَ الزَّوْجِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: (لِصَاحِبِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ أَنْ يَخْطُبَهَا) مُجْمَلٌ وَتَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً امْتَنَعَ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا جَازَ التَّعْرِيضُ؛ لَكِنْ الْعَقْدُ يَكُونُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْوَضْعِ.

قَوْلُهُ: (وَحُكْمُ جَوَابِ الْمَرْأَةِ إلَخْ) لَوْ قَالَ: وَحُكْمُ جَوَابِ الْخِطْبَةِ إلَخْ لَكَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْجَوَابَ مِنْ الْمَرْأَةِ وَمِمَّنْ يَلِي نِكَاحَهَا.

قَوْلُهُ: (عَلَى عَالِمٍ) أَيْ بِالْخِطْبَةِ الْأُولَى وَبِجَوَازِهَا وَبِالْإِجَابَةِ فِيهَا بِالصَّرِيحِ ق ل. فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ وَأَنْ لَا يَحْصُلَ إعْرَاضٌ وَأَنْ يَكُونَ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ مُحْتَرَمًا.

قَوْلُهُ: (جَائِزَةٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مَكْرُوهَةً، خَرَجَ بِذَلِكَ غَيْرُ الْجَائِزَةِ كَأَنْ خَطَبَ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ: وَتَحْرُمُ عَلَى عَالِمٍ خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةٍ جَائِزَةٍ مِمَّنْ صَرَّحَ بِإِجَابَتِهِ إلَّا بِإِعْرَاضٍ بِإِذْنٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْخَاطِبِ أَوْ الْمُجِيبِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَوَّلُ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا مُحْتَرَمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>