للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِإِذْنٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْخَاطِبِ أَوْ الْمُجِيبِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ: «لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ» وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ. وَيَجِبُ ذِكْرُ عُيُوبِ مَنْ أُرِيدَ اجْتِمَاعٌ عَلَيْهِ لِمُنَاكَحَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَمُعَامَلَةٍ، وَأَخْذُ عِلْمٍ لِمُرِيدِهِ لِيُحْذَرَ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ سَوَاءٌ اُسْتُشِيرَ الذَّاكِرُ فِيهِ أَمْ لَا، فَإِنْ انْدَفَعَ بِدُونِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقَوْلُهُ: " عَلَى عَالِمٍ " أَيْ بِالْخِطْبَةِ وَبِالْإِجَابَةِ وَبِصَرَاحَتِهَا وَبِحُرْمَةِ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ مِنْ ذَكَرٍ، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ خِطْبَةً أَوْ لَمْ يُجِبْ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ أَوْ أُجِيبَ تَعْرِيضًا مُطْلَقًا أَوْ تَصْرِيحًا، وَلَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِالْخِطْبَةِ أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِجَابَةِ أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهَا بِالصَّرِيحِ أَوْ عَلِمَ كَوْنَهَا بِالصَّرِيحِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْحُرْمَةِ أَوْ عَلِمَ بِهَا وَحَصَلَ إعْرَاضٌ مِمَّنْ ذَكَرَ أَوْ كَانَتْ الْخِطْبَةُ مُحَرَّمَةً كَأَنْ خَطَبَ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ فَلَا تَحْرُمُ خِطْبَتُهُ إذْ لَا حَقَّ لِلْأَوَّلِ فِي الْأَخِيرَةِ وَلِسُقُوطِ حَقِّهِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ فِي الْبَقِيَّةِ. وَيُعْتَبَرُ فِي التَّحْرِيمِ أَنْ تَكُونَ الْإِجَابَةُ مِنْ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ وَمِنْ وَلِيِّهَا الْمُجْبِرِ إنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً وَمِنْهَا مَعَ الْوَلِيِّ إنْ كَانَ الْخَاطِبُ غَيْرَ كُفْءٍ وَمِنْ السَّيِّدِ إنْ كَانَتْ أَمَةً غَيْرَ مُكَاتَبَةٍ وَمِنْهُ مَعَ الْأَمَةِ إنْ كَانَتْ وَمَعَ الْمُبَعَّضَةِ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ وَإِلَّا فَمَعَ وَلِيِّهَا وَمِنْ السُّلْطَانِ إنْ كَانَتْ مَجْنُونَةً بَالِغَةً وَلَا أَبَ وَلَا جَدَّ اهـ بِحُرُوفِهِ.

وَهِيَ مُوَفِّيَةٌ عَنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ فِي هَذَا الْمَقَامِ، فَقَوْلُهُ عَلَى عَالِمٍ جُمْلَةُ الْقُيُودِ تِسْعَةٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى عَالِمٍ تَحْتَهُ أَرْبَعَةٌ وَقَوْلُهُ خِطْبَةٌ قَيْدٌ. وَقَوْلُهُ جَائِزَةٍ قَيْدٌ آخَرُ، وَصَرَّحَ قَيْدٌ وَبِإِجَابَتِهِ قَيْدٌ. وَقَوْلُهُ إلَّا بِإِعْرَاضٍ قَيْدٌ آخَرُ، فَالْجُمْلَةُ مَا ذَكَرَ وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُهُ إلَّا بِإِعْرَاضٍ قَيْدًا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِعْرَاضِ. وَقَوْلُهُ مِمَّنْ صَرَّحَ بِإِجَابَتِهِ صِفَةٌ لِخِطْبَةٍ أَيْ وَاقِعَةٍ مِمَّنْ صَرَّحَ، وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ فِي رَضِيتُك زَوْجًا أَنَّهُ تَعْرِيضٌ فَقَطْ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَسُئِلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ عَمَّنْ خَطَبَ امْرَأَةً ثُمَّ رَغِبَتْ عَنْهُ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا هَلْ يَرْتَفِعُ التَّحْرِيمُ عَمَّنْ يُرِيدُ خِطْبَتَهَا وَهَلْ هُوَ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ يَرْتَفِعُ تَحْرِيمُ الْخِطْبَةِ عَلَى الْغَيْرِ بِالرَّغْبَةِ عَنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ، وَإِنَّمَا تَعَرَّضُوا لِمَا إذَا سَكَتُوا أَوْ رَغِبَ الْخَاطِبُ، وَمَا بَحَثَهُ مِنْ ارْتِفَاعِ التَّحْرِيمِ عَنْهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بِإِذْنٍ مِنْ الْخَاطِبِ أَوْ الْمُجِيبِ. اهـ. سم عَلَى حَجّ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ لَمْ تَحْصُلْ الْمَخْطُوبَةُ لِلْخَاطِبِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ أَوْ بِمَوْتِهَا رَجَعَ بِمَا دَفَعَهُ وَلَوْ نَحْوَ طَعَامٍ. اهـ. ق ل. وَقَوْلُهُ: " وَلَوْ نَحْوَ طَعَامٍ " رَدٌّ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ ذَهَبُوا إلَى أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ فِي الطَّعَامِ وَيَرْجِعُ فِي الْمَالِ اهـ.

قَوْلُهُ: (لَا يَخْطُبُ) بِضَمِّ الطَّاءِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لَا نَاهِيَةً وَنَافِيَةً فَعَلَى الْأَوَّلِ يَخْطُب بِكَسْرِ الْبَاءِ وَعَلَى الثَّانِي بِضَمِّهَا فَلْتُرَاجَعْ الرِّوَايَةُ. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ) ذِكْرُ الْأَخِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا أَيْ فِي أَنْ يَمْتَثِلَ لِأَجْلِهِ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ) أَيْ أَوْ الْوَلِيُّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ) فِيهِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ لِلْإِيضَاحِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ) أَيْ النَّهْيِ أَوْ النَّفْيِ الْمُرَادُ مِنْهُ النَّهْيُ. قَوْلُهُ: (مَا فِيهِ) أَيْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ ذِكْرُ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِالْعُيُوبِ وَعَلِمَ سَلَامَةَ الْعَاقِبَةِ. وَقَدْ وَرَدَ: «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَأَتَزَوَّجُ أَبَا جَهْمٍ أَمْ مُعَاوِيَةَ؟ فَقَالَ لَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ الْعَصَا عَنْ عَاتِقِهِ» وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَضْرِبُ فِي غَالِبِ الْأَوْقَاتِ أَيْ لَا يُؤْمَنُ مِنْ ضَرْبِهِ وَهَذَا مِنْ النَّصِيحَةِ: «وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ» أَيْ لَا مَالَ مَعَهُ، وَقِلَّةُ الْمَالِ عَيْبٌ عُرْفِيٌّ لَا شَرْعِيٌّ.

قَوْلُهُ: (ذِكْرُ عُيُوبِ) مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ، وَالْمُرَادُ الْعُيُوبُ الشَّرْعِيَّةُ وَكَذَا الْعُرْفِيَّةُ أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ: «وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ» وَهَذَا أَحَدُ أَنْوَاعِ الْغِيبَةِ الْجَائِزَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي النَّظْمِ، قَالَ الْبَارِزِيُّ: وَلَوْ اُسْتُشِيرَ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ فِيهِ وَجَبَ ذِكْرُهُ لِلزَّوْجَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ فِيهِ، وَلَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ كَسُوءِ الْخُلُقِ وَالشُّحِّ اُسْتُحِبَّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَعَاصِي وَجَبَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ فِي الْحَالِ وَسِتْرُ نَفْسِهِ وَلَا يَذْكُرُهُ، وَإِنْ اُسْتُشِيرَ فِي وِلَايَةٍ فَإِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ عَدَمَ الْكَفَاءَةِ أَوْ الْخِيَانَةَ وَأَنَّ نَفْسَهُ لَا تُطَاوِعُهُ عَلَى تَرْكِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ أَوْ يَقُولَ لَسْت أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ اهـ.

وَوُجُوبُ التَّفْصِيلِ بَعِيدٌ وَالْأَوْجَهُ دَفْعُ ذَلِكَ بِنَحْوِ أَنَا لَا أَصْلُحُ لَكُمْ.

قَوْلُهُ: (لِمُرِيدِهِ) أَيْ مُرِيدِ الِاجْتِمَاعِ.

قَوْلُهُ: (لِيُحْذَرَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ مُتَعَلِّقٌ بِذِكْرِ وَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ، وَكَذَا قَوْلُهُ لِمُرِيدِهِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَلَامُهُ لِلتَّعْدِيَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>