للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْصُلُ لَهَا مِنْهُ حَظٌّ وَمَصْلَحَةٌ لِشَفَقَتِهِ عَلَيْهَا، أَمَّا مُجَرَّدُ كَرَاهَتِهَا لَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَلَا يُؤَثِّرُ لَكِنْ يُكْرَهُ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَيُسَنُّ اسْتِئْذَانُ الْبِكْرِ إذَا كَانَتْ مُكَلَّفَةً لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ: «وَالْبِكْرُ يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا» وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ تَطَيُّبًا لِخَاطِرِهَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُكَلَّفَةِ فَلَا إذْنَ لَهَا. وَيُسَنُّ اسْتِفْهَامُ الْمُرَاهِقَةِ وَأَنْ لَا تُزَوَّجَ الصَّغِيرَةُ حَتَّى تَبْلُغَ، وَالسُّنَّةُ فِي الِاسْتِئْذَانِ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُرْسِلَ إلَيْهَا نِسْوَةً ثِقَاتٍ يَنْظُرْنَ مَا فِي نَفْسِهَا، وَالْأُمُّ بِذَلِكَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تَطَّلِعُ عَلَى مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهَا.

(وَالثَّيِّبُ) الْبَالِغَةُ (لَا يَجُوزُ) وَلَا يَصِحُّ (تَزْوِيجُهَا) وَإِنْ عَادَتْ بَكَارَتُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ السَّابِقِ وَخَبَرِ: «لَا تُنْكِحُوا الْأَيَامَى حَتَّى تَسْتَأْمِرُوهُنَّ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَلِأَنَّهَا عَرَفَتْ مَقْصُودَ النِّكَاحِ فَلَا تُجْبَرُ بِخِلَافِ الْبِكْرِ، فَإِنْ كَانَتْ الثَّيِّبُ صَغِيرَةً غَيْرَ مَجْنُونَةٍ وَغَيْرَ أَمَةٍ لَمْ تُزَوَّجْ سَوَاءٌ احْتَمَلَتْ الْوَطْءَ أَمْ لَا. (إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهَا وَإِذْنِهَا) ؛ لِأَنَّ إذْنَ الصَّغِيرَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَامْتَنَعَ تَزْوِيجُهَا إلَى الْبُلُوغِ، أَمَّا الْمَجْنُونَةُ فَيُزَوِّجُهَا الْأَبُ وَالْجَدُّ عِنْدَ عَدَمِهِ قَبْلَ بُلُوغِهَا

لِلْمَصْلَحَةِ

، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلِسَيِّدِهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَكَذَا الْوَلِيُّ السَّيِّدُ عِنْدَ

الْمَصْلَحَةِ.

تَتِمَّةٌ: لَوْ وُطِئَتْ الْبِكْرُ فِي قُبُلِهَا وَلَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا كَأَنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ فَهِيَ كَسَائِرِ الْأَبْكَارِ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى تَعْلِيمِهِمْ بِمُمَارَسَةِ الرِّجَالِ خِلَافَهُ كَمَا أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمْ كَذَلِكَ إذَا زَالَتْ بِذَكَرِ حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ كَقِرْدٍ مَعَ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهَا كَالثَّيِّبِ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَدَاوَتِهِ لِتَنَافِيهِمَا؛؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا الْعَدَالَةُ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا مُجَرَّدُ كَرَاهَتِهَا) مُقَابِلُ قَوْلِهِ الْعَدَاوَةِ مِنْ قَوْلِهِ انْتِفَاءُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا إلَخْ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْكَرَاهِيَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ لَا يُقَالُ لَهُ عَدَاوَةٌ وَقَوْلُهُ لَهُ أَيْ لِلزَّوْجِ.

قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ اسْتِفْهَامُ الْمُرَاهِقَةِ) كَأَنْ يَقُولَ أُزَوِّجُك أَوْ أَتَتَزَوَّجِي. وَعَبَّرَ بِالِاسْتِفْهَامِ دُونَ الِاسْتِئْذَانِ؛ لِأَنَّ الْمُرَاهِقَةَ لَا إذْنَ لَهَا مُعْتَبَرٌ، وَلَكِنَّ إذْنَ الْبَالِغَةِ فِي شُرُوطِ الصِّحَّةِ يَكْفِي فِيهِ السُّكُوتُ وَإِذْنُهَا فِي شُرُوطِ جَوَازِ الْإِقْدَامِ لَا يَكْفِي فِيهِ السُّكُوتُ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ النُّطْقِ؛ فَإِذَا اُسْتُؤْذِنَتْ فِي دُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَسَكَتَتْ لَا يَكُونُ إذْنًا بِالدُّونِ بَلْ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.

قَوْلُهُ: «لَا تُنْكِحُوا الْأَيَامَى» فِيهِ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَيِّمَ شَامِلَةٌ لِلْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْجَلَالُ أَيْضًا؛ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ «حَتَّى تَسْتَأْمِرُوهُنَّ» أَيْ وُجُوبًا فِي الثَّيِّبِ وَنَدْبًا فِي غَيْرِهَا، فَلَا يُقَالُ الدَّلِيلُ أَعَمُّ مِنْ الْمُدَّعَى.

قَوْلُهُ: (وَإِذْنِهَا) أَيْ الْإِذْنِ بِالصَّرِيحِ أَيْ بِالنُّطْقِ بِهِ مِنْ النَّاطِقَةِ وَبِالْإِشَارَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْمَجْنُونَةِ فَلَا يُزَوِّجُهَا مُطْلَقًا. وَمِنْ صَرِيحِ الْإِذْنِ قَوْلُهَا رَضِيت بِمَا يَفْعَلُهُ أَبِي أَوْ أُمِّي أَوْ أَخِي أَوْ عَمِّي أَوْ رَضِيت بِمَا يَرْضَوْنَهُ أَوْ رَضِيت أَنْ أُزَوَّجَ أَوْ رَضِيت فُلَانًا زَوْجًا وَأَمَّا إنْ رَضِيَ أَبِي مَثَلًا فَقَدْ رَضِيت، فَلَيْسَ إذْنًا؛. اهـ. ق ل. وَيَكْفِي فِي الْبِكْرِ سُكُوتُهَا بَعْدَ اسْتِئْذَانِهَا وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ كَوْنَهُ إذْنًا وَلَمْ تَعْلَمْ الزَّوْجَ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ، وَتَرَدَّدَ شَيْخُنَا فِي خَرْسَاءَ لَا إشَارَةَ لَهَا مُفْهِمَةٌ وَلَا كِتَابَةَ ثُمَّ رَجَّحَ أَنَّهَا كَالْمَجْنُونَةِ. وَعِبَارَةُ عب: وَإِذَا لَمْ تَكُنْ ثَيِّبًا بِوَطْءٍ كَفَى سُكُوتُهَا بَعْدَ اسْتِئْذَانِهَا وَلَوْ لِغَيْرِ كُفْءٍ وَغَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ جَهِلَتْ كَوْنَ الصَّمْتِ إذْنًا أَوْ بَكَتْ إلَّا مَعَ صِيَاحٍ وَلَوْ اسْتَأْذَنَهَا بِلَا مَهْرٍ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ فَسَكَتَتْ لَمْ تَكُنْ آذِنَةً ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحْيَا مِنْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (لَوْ وُطِئَتْ الْبِكْرُ فِي قُبُلِهَا إلَخْ) وَلَوْ كَانَ لَهَا فَرْجَانِ أَصْلِيَّانِ فَوُطِئَتْ فِي أَحَدِهِمَا وَزَالَتْ بَكَارَتُهَا صَارَتْ ثَيِّبًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَاشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ فَلَا تَصِيرُ ثَيِّبًا إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ فِي الزَّائِدِ وَالْوِلَايَةُ ثَابِتَةٌ فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ. اهـ. زي. وَقَوْلُهُ " صَارَتْ ثَيِّبًا " أَيْ وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَتَمَيَّزَ وَوَطِئَ فِي الْأَصْلِ فَزَالَتْ بَكَارَتُهَا فَإِنَّهَا تَصِيرُ بِذَلِكَ ثَيِّبًا، بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَ فِي الزَّائِدِ الْمُتَمَيِّزِ فَإِنَّهَا تَسْتَمِرُّ عَلَى بَكَارَتِهَا وَلَا تَصِيرُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ ثَيِّبًا اهـ. وَعِبَارَةُ ق ل: وَلَمَّا تَعَدَّدَ الْفَرْجُ لَمْ يَزَلْ الْإِجْبَارُ بِالْوَطْءِ فِي الزَّائِدِ يَقِينًا وَلَا فِي أَحَدِ الْمُشْتَبِهَيْنِ لِلشَّكِّ فِي زَوَالِ الْوِلَايَةِ وَيَزُولُ بِالْوَطْءِ فِي أَحَدِ الْأَصْلِيَّيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا؛ قَالَهُ شَيْخُنَا. وَيُتَّجَهُ فِي تَزْوِيجِهَا فِي الثَّالِثَةِ اعْتِبَارُ مَهْرِ بِكْرٍ نَظَرًا لِلْأَصْلِيِّ عَلَى الْآخَرِ وَوُجُوبُ مَهْرِ بِكْرٍ بِالْوَطْءِ فِيهِ بَلْ مَعَ أَرْشِ بَكَارَةٍ إذَا كَانَ الْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ، وَيُتَّجَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُشْتَبِهَيْنِ وَاعْتِبَارِ إذْنِهَا احْتِيَاطًا؛ نَعَمْ لَا حَدَّ هُنَا بِوَطْئِهَا لِلشُّبْهَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا) وَيَتَقَرَّرُ الْمَهْرُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الصَّدَاقِ. قَوْلُهُ: (كَسَائِرِ الْأَبْكَارِ) فَيُزَوِّجُهَا أَبُوهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>