للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعْسِرًا بِالْمَهْرِ. السَّادِسُ: أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا بِمَنْ تَتَضَرَّرُ بِمُعَاشَرَتِهِ كَأَعْمَى أَوْ شَيْخٍ هَرَمٍ. السَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهَا نُسُكٌ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَمْنَعُهَا لِكَوْنِ النُّسُكِ عَلَى التَّرَاخِي وَلَهَا غَرَضٌ فِي تَعْجِيلِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ. وَهَلْ هَذِهِ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ شُرُوطٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ أَوْ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ فَقَطْ؟ فِيهِ مَا هُوَ مُعْتَبَرٌ لِهَذَا وَمَا هُوَ مُعْتَبَرٌ لِذَلِكَ، فَالْمُعْتَبَرَاتُ لِلصِّحَّةِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلِيِّهَا عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ كُفُؤًا، وَأَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِحَالِ صَدَاقِهَا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ شُرُوطٌ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ. قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الْإِجْبَارِ أَيْضًا انْتِفَاءُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ انْتَهَى. وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ ظُهُورُ الْعَدَاوَةِ هُنَا كَمَا اُعْتُبِرَ ثَمَّ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ، بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا حَاجَةَ لِمَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ انْتِقَاءَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلِيِّ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا إلَّا مِمَّنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى ذَلِكَ م ر وحج.

قَوْلُهُ: (الْخَامِسُ أَنْ لَا يَكُونَ الزَّوْجُ إلَخْ) هُوَ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ وَقَوْلُهُ مُعْسِرًا بِالْمَهْرِ أَيْ بِالْحَالِّ مِنْهُ دُونَ مَا اُعْتِيدَ تَأْجِيلُهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِالْحَالِّ مِنْهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ. قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَيَسَارُهُ بِحَالِّ صَدَاقِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَوْ زَوَّجَهَا مِنْ مُعْسِرٍ بِهِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ بَخَسَهَا حَقَّهَا، وَلَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ مُعْتَبَرٌ فِي الْكَفَاءَةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ. وَلَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ مَحْجُورَهُ الْمُعْسِرَ بِنْتًا بِإِجْبَارِ وَلِيِّهَا لَهَا ثُمَّ دَفَعَ أَبُو الزَّوْجِ الصَّدَاقَ عَنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ؛؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَالَ الْعَقْدِ مُعْسِرًا، فَالطَّرِيقُ أَنْ يَهَبَ الْأَبُ ابْنَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ مِقْدَارَ الصَّدَاقِ وَيَقْبِضَهُ لَهُ ثُمَّ يُزَوِّجَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّ الْأَبَ يَدْفَعُ عَنْ الِابْنِ مُقَدَّمَ الصَّدَاقِ قَبْلَ الْعَقْدِ؛ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هِبَةً إلَّا أَنَّهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهَا بَلْ قَدْ يَدَّعِي أَنَّهُ هِبَةٌ ضِمْنِيَّةٌ لِلْوَلَدِ فَإِنَّ دَفْعَهُ لِوَلِيِّ الزَّوْجَةِ فِي قُوَّةٍ أَنْ يَقُولَ مَلَّكْت هَذَا لِابْنِي وَدَفَعْته لَك عَنْ الصَّدَاقِ الَّذِي قُدِّرَ لَهَا، وَانْظُرْ مَا ضَابِطُ الْيَسَارِ بِالْمَهْرِ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ الدَّيْنِ وَالْخَادِمِ وَعَنْ مُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ احْتَاجَ إلَى صَرْفِ شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُوسِرًا أَوْ لَا يُشْتَرَطُ الْفَضْلُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؟ رَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ، فَإِنَّ شَيْخَنَا تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ كَذَا بِخَطِّ الشَّيْخِ خ ض. قَوْلُهُ: (السَّادِسُ إلَخْ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ ضَعِيفَانِ.

قَوْلُهُ: (شُرُوطٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ) مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ بِكْرًا وَأَذِنَتْ فَلَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَكُونَ مُوسِرًا) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا لَوْ دَفَعَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ عَنْهُ الْمَهْرَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ مَلَّكَهُ الْمَهْرَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا مَا يَقَعُ لِبَعْضِ الْفَلَّاحِينَ حَيْثُ يَسْتَعِيرُ الزَّوْجُ شَيْئًا مِنْ الصِّيغَةِ وَيَعْقِدُ عَلَيْهِ فَهُوَ عَارِيَّةٌ وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ حِينَئِذٍ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَمَا عَدَا ذَلِكَ شُرُوطٌ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الشُّرُوطَ سَبْعَةٌ: أَرْبَعَةٌ لِلصِّحَّةِ، وَهِيَ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلِيِّهَا عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ عَدَاوَةٌ مُطْلَقًا وَأَنْ تُزَوَّجَ مِنْ كُفْءٍ وَأَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِحَالِّ الصَّدَاقِ، فَمَتَى فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ كَانَ النِّكَاحُ بَاطِلًا إنْ لَمْ تَأْذَنْ. وَثَلَاثَةٌ لِجَوَازِ الْمُبَاشَرَةِ، وَهِيَ: كَوْنُهُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَمِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَكَوْنُهُ حَالًّا وَنَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:

الشَّرْطُ فِي جَوَازِ إقْدَامٍ وَرَدْ ... حُلُولُ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدْ

كَفَاءَةُ الزَّوْجِ يَسَارُهُ بِحَالِ ... صَدَاقِهَا وَلَا عَدَاوَةٌ بِحَالِ

وَفَقْدُهَا مِنْ الْوَلِيِّ ظَاهِرَا ... شُرُوطُ صِحَّةٍ كَمَا تَقَرَّرَا

قَوْلُهُ: (وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ) مُعْتَمَدٌ وَهَذَا مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ.

قَوْلُهُ: (انْتِفَاءُ الْعَدَاوَةِ) وَلَوْ بَاطِنَةً.

قَوْلُهُ: (لِظُهُورِ الْفَرْقِ) وَهُوَ كَوْنُهَا مُفَارِقَةً لِلْوَلِيِّ مُلَازِمَةً لِلزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (لِمَا قَالَهُ) أَيْ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ مِنْ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ انْتِفَاءِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْوَلِيِّ انْتِفَاءُ الْعَدَاوَةِ الظَّاهِرَةِ، وَحِينَئِذٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هُنَاكَ عَدَاوَةً بَاطِنَةً، وَحِينَئِذٍ فَرُبَّمَا زَوَّجَهَا لِعَدُوِّهَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا. قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: لَا يُقَالُ يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَالَتِهِ انْتِفَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>