للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَالْبِكْرُ) وَلَوْ كَبِيرَةً وَمَخْلُوقَةً بِلَا بَكَارَةٍ، أَوْ زَالَتْ بِلَا وَطْءٍ كَسَقْطَةٍ أَوْ حِدَّةِ حَيْضٍ (يَجُوزُ) وَيَصِحُّ (لِلْأَبِ وَالْجَدِّ) أَبِي الْأَبِ وَإِنْ عَلَا عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ (إجْبَارُهَا عَلَى النِّكَاحِ) أَيْ تَزْوِيجُهَا لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ: «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا وَالْبِكْرُ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا» وَلِأَنَّهَا لَمْ تُمَارِسْ الرِّجَالَ بِالْوَطْءِ فَهِيَ شَدِيدَةُ الْحَيَاءِ.

تَنْبِيهٌ: لِتَزْوِيجِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ الْبِكْرَ بِغَيْرِ إذْنِهَا شُرُوطٌ: الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ. الثَّانِي: أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ كُفْءٍ. الثَّالِثُ: أَنْ يُزَوِّجَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا. الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ. الْخَامِسُ: أَنْ لَا يَكُونَ الزَّوْجُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كِنَايَةٌ عَنْ ضَرْبٍ وَالضَّرْبُ فِي الْمَعْنَى جَمْعٌ.

قَوْلُهُ: (فَالْبِكْرُ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا بِدَلِيلِ الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَمُخَدَّرَةٌ) الْمُخَدَّرَةُ هِيَ الَّتِي مُلَازِمَةٌ لِبَيْتِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ زَالَتْ) أَيْ أَوْ خُلِقَتْ بِبَكَارَةٍ وَزَالَتْ بِلَا وَطْءٍ، كَأَنْ زَالَتْ بِأُصْبُعٍ أَوْ نَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (لِلْأَبِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَلِ الْمَالَ لِطُرُوِّ سَفَهٍ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَى النَّصِّ؛ لِأَنَّ الْعَارَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ وِلَايَةَ تَزْوِيجِهَا تَابِعَةٌ لِوِلَايَةِ مَالِهَا شَرْحُ م ر، أَيْ فَتَكُونُ لِلْقَاضِي.

قَوْلُهُ: (أَيْ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ بِالْإِجْبَارِ هُنَا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ الْإِكْرَاهَ ق ل.

قَوْلُهُ: (أَحَقُّ بِنَفْسِهَا) أَيْ فِي اخْتِيَارِهَا لِلزَّوْجِ أَوْ فِي الْإِذْنِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا أَحَقُّ بِنَفْسِهَا فِي الْعَقْدِ كَمَا يَقُولُهُ الْمُخَالِفُ وَهُمْ الْحَنَفِيَّةُ. وَالْإِمَامُ دَاوُد الظَّاهِرِيُّ يُصَحِّحُهُ بِدُونِهِمَا مَعًا أَيْ الشُّهُودِ وَالْوَلِيِّ وَلَا حَدَّ فِيهِمَا أَيْضًا، نَعَمْ إنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِبُطْلَانِهِ حُدَّ إنْ عَلِمَ قَبْلَ وَطْئِهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (شَدِيدَةُ الْحَيَاءِ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهَا. قَوْلُهُ: (الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ. قَوْلُهُ: (عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ) أَيْ بِحَيْثُ لَا تَخْفَى عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهَا. وَخَرَجَ بِالْعَدَاوَةِ الْكَرَاهَةُ لِنَحْوِ بُخْلٍ أَوْ عَمًى أَوْ تَشَوُّهِ خِلْقَةٍ فَيُكْرَهُ التَّزْوِيجُ فَقَطْ، وَهَلْ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ وَكِيلُهُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ الْعَدَاوَةِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَوَكِيلِهِ؟ اعْتَمَدَ م ر وحج الثَّانِيَ، قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا حَاجَةَ لِاشْتِرَاطِ عَدَمِ عَدَاوَةِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ سَلِيقَةَ الْوَلِيِّ أَيْ طَبِيعَتَهُ تَدْعُوهُ إلَى أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا مِنْ عَدُوِّهَا وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: (الثَّانِي أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ كُفْءٍ) هُوَ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ أَيْضًا. وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ خِصَالَ الْكَفَاءَةِ فِي قَوْلِهِ:

شَرْطُ الْكَفَاءَةِ خَمْسَةٌ قَدْ حُرِّرَتْ ... يُنْبِيكَ عَنْهَا بَيْتُ شِعْرٍ مُفْرَدُ

نَسَبٌ وَدِينٌ حِرْفَةٌ حُرِّيَّةٌ ... فَقْدُ الْعُيُوبِ وَفِي الْيَسَارِ تَرَدُّدُ

وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ وَلَا يَفْتَخِرُ بِهِ أَصْحَابُ الْمُرُوآتِ وَالْبَصَائِرِ، قَالَ الْعَلَّامَةُ مَرْعِيٌّ الْحَنْبَلِيُّ:

قَالُوا الْكَفَاءَةُ سِتَّةٌ فَأَجَبْتهمْ ... قَدْ كَانَ هَذَا فِي الزَّمَانِ الْأَقْدَمِ

أَمَّا بَنُو هَذَا الزَّمَانِ فَإِنَّهُمْ ... لَا يَعْرِفُونَ سِوَى يَسَارِ الدِّرْهَمِ

وَقَوْلُهُ: " حِرْفَةٌ " وَالْأَوْجَهُ مُرَاعَاةُ الْبَلَدِ فِي الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ الَّتِي لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا الْفُقَهَاءُ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ مَا نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَيْهِ مِنْ رِفْعَةٍ أَوْ دَنَاءَةٍ نُعَوِّلُ عَلَيْهِ وَمَا لَمْ يَنُصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَيْهِ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى عُرْفِ الْبَلَدِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الزِّيَادِيِّ وَالرَّمْلِيِّ، فَفِي الْأَمْصَارِ التَّاجِرُ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ الزُّرَّاعِ وَفِي الْأَرْيَافِ الزُّرَّاعُ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ التَّاجِرِ حَتَّى لَوْ كَانَ عُرْفُ تِلْكَ الْبَلَدِ أَنَّ ابْنَ الْفَلَّاحِ أَشْرَفُ مِنْ ابْنِ الْعَالِمِ لَمْ يَكُنْ ابْنُ الْعَالِمِ كُفُؤًا لِبِنْتِ الْفَلَّاحِ؛ كَذَا ذَكَرَهُ سم عَنْ م ر. وَفِي شَرْحِ ابْنِ حَجَرٍ مَا يُخَالِفُهُ.

قَوْلُهُ: (الثَّالِثُ إلَخْ) هُوَ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ وَكَذَا الرَّابِعُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) الْمُرَادُ بِهِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بِهِ فِيهَا وَلَوْ عَرُوضًا؛ قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ. وَمَحَلُّهُ فِي هَذَا مَا لَمْ يَكُونُوا بِبَلَدٍ يَعْتَادُونَ فِيهِ التَّزْوِيجَ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>