الْأَوَّلُ الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ. وَالضَّابِطُ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لِإِيجَازِهِ، وَنَصُّهُ عَلَى الْإِنَاثِ بِخِلَافِ الثَّانِي. (وَهِيَ) أَيْ السَّبْعُ مِنْ النَّسَبِ الْأَوَّلِ مِنْهَا (الْأُمُّ) أَيْ يَحْرُمُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي الْبَاقِي وَضَابِطُ الْأُمِّ هِيَ كُلُّ مَنْ وَلَدَتْك فَهِيَ أُمُّك حَقِيقَةً، أَوْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَك ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى كَأُمِّ الْأَبِ (وَإِنْ عَلَتْ) وَأَمِّ الْأُمِّ كَذَلِكَ فَهِيَ أُمُّك مَجَازًا، وَإِنْ شِئْت قُلْت كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي إلَيْهَا نَسَبُك بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا. (و) الثَّانِي (الْبِنْتُ) وَضَابِطُهَا كُلُّ مَنْ وَلَدْتهَا فَبِنْتُك حَقِيقَةً، أَوْ وَلَدَتْ مِنْ وَلَدِهَا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى كَبِنْتِ ابْنٍ وَإِنْ نَزَلَ وَبِنْتِ بِنْتٍ (وَإِنْ سَفَلَتْ) فَبِنْتُك مَجَازًا وَإِنْ شِئْت قُلْت: كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي إلَيْك نَسَبُهَا بِالْوِلَادَةِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (و) الثَّالِثُ (الْأُخْتُ) وَضَابِطُهَا كُلُّ مَنْ وَلَدَهَا أَبَوَاك أَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مِنْ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ هُمْ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَأَوْلَادُهُمْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ غَيْرَ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ هُوَ الْأَصْلُ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ وَهُمْ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ وَإِنْ عَلَوْا. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَوَّلَ فَصْلٍ عَنْ ثَانِي فَصْلٍ فَلَا يَحْرُمْنَ وَهُنَّ أَوْلَادُ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ اهـ. وَأَمَّا الْأَصْلُ الْأَوَّلُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ جَمِيعُ فُصُولِهِ فِي قَوْلِهِ وَفُصُولُ أَوَّلِ إلَخْ م د.
قَوْلُهُ: (وَهِيَ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ مِنْهَا الْأُمُّ خَبَرٌ، وَلَوْ قَالَ الْأُولَى لَكَانَ أَنْسَبَ بِالْمَعْنَى وَاللَّفْظِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ.
وَتُطْلَقُ الْأُمُّ فِي الْقُرْآنِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا الْأَصْلُ وَمِنْهُ: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ} [الزخرف: ٤] أَيْ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَإِنَّهُ أَصْلٌ لِجَمِيعِ الْكُتُبِ فَإِنَّهَا أُنْزِلَتْ مِنْهُ. ثَانِيهَا الْوَالِدَةُ وَمِنْهُ: {فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] . ثَالِثُهَا الْمُرْضِعَةُ وَمِنْهُ: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: ٢٣] رَابِعُهَا الْمُشَابِهَةُ لِلْأُمِّ فِي الْحُرْمَةِ وَالتَّعْظِيمِ وَمِنْهُ: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: ٦] . خَامِسُهَا الْمَرْجِعُ وَالْمَصِيرُ وَمِنْهُ: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة: ٩] وَقِيلَ: الْمُرَادُ أُمُّ رَأْسِهِ وَقِيلَ النَّارُ؛ لِأَنَّهُ يَأْوِي إلَيْهَا ق ل عَلَى الشَّيْخِ خَالِدٍ وَقَوْلُهُ: " أُمُّ رَأْسِهِ " أَيْ؛ لِأَنَّهَا حَاوِيَةٌ مَا فِيهَا مِنْ مُخٍّ وَدُهْنٍ وَعَظْمٍ.
قَوْلُهُ: (أَيْ يَحْرُمُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا) وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي الْبَاقِي بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ تَعَلُّقَ الْأَحْكَامِ لِلْأَفْعَالِ لَا الذَّوَاتِ، نَحْوَ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: ٣] أَيْ تَنَاوُلُهُمَا لِأَعْيُنِهِمَا، قَالَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ: لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي طَاقَهُ الْمُكَلَّفُ؛ لِأَنَّ الْعَدَمَ حَاصِلٌ فَلَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ ثَانِيًا، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الْعَدَمُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ لَكَانَ مَوْجُودًا؛ هَذَا خُلْفٌ.
قَوْلُهُ: (وَأَمُّ الْأُمِّ كَذَلِكَ) أَيْ وَإِنْ عَلَتْ. قَوْلُهُ: (نَسَبُك) أَيْ اللُّغَوِيُّ؛ لِأَنَّ الشَّرْعِيَّ إنَّمَا يَكُونُ لِلْأَبِ.
قَوْلُهُ: (وَالْبِنْتُ) أَيْ وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْمَنْفِيَّةِ بِلِعَانٍ، فَإِنَّ الْأَحْكَامَ ثَابِتَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّافِي فَلَا يَحُدُّ بِقَذْفِهَا وَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهَا وَلَا يُقْتَلُ بِهَا وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهَا وَلَا الْخَلْوَةَ بِهَا وَلَا السَّفَرَ بِهَا؛ وَخَالَفَ حَجّ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّمْلِيِّ: وَبِنْتٌ وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْمَنْفِيَّةِ بِلِعَانٍ وَمَعَ النَّفْيِ فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ لَهَا وَالْحَدِّ بِقَذْفِهِ لَهَا وَالْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَالِهَا وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا وَجْهَانِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَشْبَهَهُمَا نَعَمْ، وَأَصَحُّهُمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ لَا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَلْ يَأْتِي الْوَجْهَانِ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهَا وَجَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهَا وَالْخَلْوَةِ بِهَا أَوْ لَا؟ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ الْمَحْرَمِيَّةُ كَمَا فِي الْمُلَاعِنَةِ وَأَمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَبِنْتِهَا وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي ثُبُوتُ الْمَحْرَمِيَّةِ وَالْأَوْجَهُ حُرْمَةُ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ بِهَا احْتِيَاطًا وَعَدَمُ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهَا لِلشَّكِّ كَمَا مَرَّ فِي أَسْبَابِ الْحَدَثِ اهـ بِحُرُوفِهِ.
وَقَوْلُهُ: " وَهَلْ يَتَأَتَّى الْوَجْهَانِ إلَخْ " قَالَ الرَّشِيدِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ تَأَتِّيهِمَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاطِنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَهِيَ إنْ كَانَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِأُمِّهَا انْتَقَضَ الْوُضُوءُ بِلَمْسِهَا قَطْعًا وَحُرِّمَ النَّظَرُ وَالْخَلْوَةُ بِهَا كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ لَمْ يُنْتَقَضْ قَطْعًا وَحَلَّ كُلٌّ مِنْ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ بِهَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ فَلَا وَجْهَ لِجَرَيَانِ الْوَجْهَيْنِ اهـ بِحُرُوفِهِ. قَوْلُهُ: (ذَكَرًا) تَعْمِيمٌ فِي مِنْ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (يَنْتَهِي إلَيْك نَسَبُهَا بِالْوِلَادَةِ) أَيْ الْأَعَمُّ مِنْ اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ لِيَشْمَلَ بِنْتَ الْبِنْتِ. وَالْمُرَادُ " يَنْتَهِي " أَيْ يَصِلُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالِانْتِهَاءِ حَقِيقَتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا لِأُمِّنَا حَوَّاءَ وَلِأَبِينَا آدَمَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ؛ (وَالثَّالِثُ الْأُخْتُ) وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْمُسْتَلْحَقَةِ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute