قَابِلًا لِلْعِلَاجِ. وَالْجُنُونُ زَوَالُ الشُّعُورِ مِنْ الْقَلْبِ مَعَ بَقَاءِ الْحَرَكَةِ وَالْقُوَّةِ فِي الْأَعْضَاءِ. وَاسْتَثْنَى الْمُتَوَلِّي مِنْ الْمُتَقَطِّعِ الْخَفِيفَ الَّذِي يَطْرَأُ فِي بَعْضِ الزَّمَانِ، وَأَمَّا الْإِغْمَاءُ بِالْمَرَضِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ كَسَائِرِ الْأَمْرَاضِ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ فِيمَا تَحْصُلُ مِنْهُ الْإِفَاقَةُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ. أَمَّا الْمَأْيُوسُ مِنْ زَوَالِهِ فَكَالْجُنُونِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي، وَكَذَا إنْ بَقِيَ الْإِغْمَاءُ بَعْدَ رَدِّ الْمَرَضِ فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ كَالْجُنُونِ وَأَلْحَقَ الشَّافِعِيُّ الْخَبَلَ بِالْجُنُونِ. وَالْإِصْرَاعُ نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ.
(و) الثَّانِي (الْجُذَامُ) وَهُوَ عِلَّةٌ يَحْمَرُّ مِنْهَا الْعُضْوُ ثُمَّ يَسْوَدُّ ثُمَّ يَتَقَطَّعُ وَيَتَنَاثَرُ. وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي كُلِّ عُضْوٍ، لَكِنَّهُ فِي الْوَجْهِ أَغْلَبُ (و) الثَّالِثُ (الْبَرَصُ) وَهُوَ بَيَاضٌ شَدِيدٌ يُبَقِّعُ الْجِلْدَ وَيُذْهِبُ دَمَوِيَّتَهُ، هَذَا إذَا كَانَا مُسْتَحْكِمَيْنِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ أَوَائِلِ الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ، قَالَ: وَالِاسْتِحْكَامُ فِي الْجُذَامِ يَكُونُ بِالتَّقَطُّعِ، وَتَرَدَّدَ فِيهِ وَجَوَّزَ الِاكْتِفَاءَ بِاسْوِدَادِهِ. وَحَكَمَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِاسْتِحْكَامِ الْعِلَّةِ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الْجُنُونِ الِاسْتِحْكَامَ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْجُنُونَ يُفْضِي إلَى الْجِنَايَةِ. (و) الرَّابِعُ (الرَّتْقُ) وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمُثَنَّاةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
شُرِطَتْ فِي الْعَقْدِ وَمِنْهَا الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبَكَارَةُ: قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَقَطَّعَ) أَيْ وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالدُّخُولِ وَلَوْ كَانَ قَابِلًا لِلْعِلَاجِ.
قَوْلُهُ: (الْخَفِيفِ) كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ فَلَا خِيَارَ بِهِ ق ل. قَوْلُهُ: (بِالْمَرَضِ) لَيْسَ قَيْدًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِغْمَاءَ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ إنْ أَيِسَ مِنْ الْإِفَاقَةِ مِنْهُ كَالْجُنُونِ، وَإِلَّا فَلَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَأَمَّا الْإِغْمَاءُ بِالْمَرَضِ فَلَا خِيَارَ فِيهِ كَسَائِرِ الْأَمْرَاضِ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ فِيمَا تَحْصُلُ مِنْهُ الْإِفَاقَةُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، أَمَّا الْمَأْيُوسُ مِنْ زَوَالِهِ فَكَالْجُنُونِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي. وَيَثْبُتُ أَيْضًا بِالْإِغْمَاءِ بِغَيْرِ الْمَرَضِ كَالْجُنُونِ اهـ.
قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمَأْيُوسُ مِنْ زَوَالِهِ) وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْيُوسِ مِنْ زَوَالِهِ أَيْ بِأَنْ قَالَ الْأَطِبَّاءُ يَزُولُ بَعْدَ مُدَّةٍ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْخِيَارُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ، وَلَوْ قِيلَ بِثُبُوتِهِ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْعُدْ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (وَأَلْحَقَ الشَّافِعِيُّ) فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ صَحَّ الْإِلْحَاقُ مَعَ أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهُ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ نَوْعًا مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَمَالُ اسْتِغْرَاقٍ.
قَوْلُهُ: (الْخَبَلَ بِالْجُنُونِ) فِي الْقَامُوسِ أَنَّ الْخَبَلَ الْجُنُونُ كَمَا فِي م ر، أَيْ نَوْعٌ مِنْهُ؛ ثُمَّ قَالَ م ر: وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَيْ الْمُلْحِقَ الْخَبَلَ بِالْجُنُونِ لَمَحَ أَنَّ الْجُنُونَ فِيهِ كَمَالُ الِاسْتِغْرَاقِ بِخِلَافِ الْخَبْلِ بِسُكُونِ الْبَاءِ، فَإِنَّهُ ضَرْبٌ مِنْهُ وَهُوَ قِلَّةُ الْعَقْلِ.
قَوْلُهُ: (وَالْإِصْرَاعُ نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ) فِيهِ أَنَّهُ مِنْ الْجِنِّ. وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: وَالصَّرْعُ مِنْ جُنُونٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الْجُنُونِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الصَّرْعَ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جُنُونٍ لَا يَكُونُ عَيْبًا فَلْيُرَاجَعْ. وَفِي الْقَامُوسِ: الصَّرْعُ عِلَّةٌ تَمْنَعُ الْأَعْضَاءَ النَّفْسِيَّةَ عَنْ أَفْعَالِهَا مَنْعًا غَيْرَ تَامٍّ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَالْجُذَامُ) هُوَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَجْرُورٌ، وَغَيَّرَهُ الشَّارِحُ إلَى الرَّفْعِ وَهُوَ مَعِيبٌ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ ق ل. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: " وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ " أَيْ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ، أَمَّا الْجُنُونُ فَإِنْ كَانَ مِثْلُهَا فَلَا خِيَارَ لَهُ وَلَا لِوَلِيِّهِ وَلَا لَهَا أَيْضًا؛ لَكِنْ يَبْقَى الْخِيَارُ لِوَلِيِّهَا إنْ كَانَ الْجُنُونُ مُقَارِنًا لِلْعَقْدِ إلَى آخَرِ مَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَيَتَنَاثَرُ) هُوَ عَطْفُ مُغَايِرٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَقَطَّعُ وَلَا يَنْفَصِلُ.
قَوْلُهُ: (لَكِنَّهُ فِي الْوَجْهِ أَغْلَبُ) أَيْ وَالْأَطْرَافُ زي.
قَوْلُهُ: (وَالْبَرَصُ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالرَّاءِ قَوْلُهُ وَهُوَ بَيَاضٌ شَدِيدٌ بِحَيْثُ إذَا فُرِكَ لَا يَحْمَرُّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اسْتِحْكَامُهَا بَلْ يَكْفِي حُكْمُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِكَوْنِهِ جُذَامًا أَوْ بَرَصًا زي وم ر؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحْكِمًا. وَالِاسْتِحْكَامُ فِي الْبَرَصِ هُوَ وُصُولُهُ إلَى الْعَظْمِ بِحَيْثُ لَوْ فُرِكَ الْعَظْمُ فَرْكًا شَدِيدًا لَا يَحْمَرُّ.
قَوْلُهُ: (مُسْتَحْكِمَيْنِ) بِكَسْرِ الْكَافِ، بِمَعْنَى مُحْكَمَيْنِ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ زَائِدَانِ.
قَوْلُهُ: (وَتَرَدَّدَ فِيهِ) أَيْ فِي كَوْنِ الِاسْتِحْكَامِ يَكُونُ بِالتَّقَطُّعِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ. وَقَوْلُهُ: " وَجَوَّزَ الِاكْتِفَاءَ بِاسْوِدَادِهِ " أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَقَطَّعْ. وَقَوْلُهُ: وَحُكْمُ الْوَاوِ بِمَعْنَى " أَوْ " وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الِاسْتِحْكَامَ قَيْدٌ. وَمِمَّا جُرِّبَ لِلْجُذَامِ دُهْنُ حَبِّ الْعِنَبِ وَمَرَارَةِ النَّسْرِ أَجْزَاءً مُتَسَاوِيَةً وَيُخْلَطَانِ مَعًا وَيُدْلَكُ بِهِمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ. وَمِمَّا جُرِّبَ لِلْبَرَصِ مَاءُ الْوَرْدِ يُطْلَى بِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَجَوَّزَ الِاكْتِفَاءَ) مُعْتَمَدٌ.
قَوْلُهُ: (بِاسْتِحْكَامِ الْعِلَّةِ) أَيْ مِنْ جُذَامٍ أَوْ بَرَصٍ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الْجُنُونِ الِاسْتِحْكَامَ)