للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَلَكَ أُمًّا وَبِنْتَهَا فَوَطِئَ إحْدَاهُمَا حُرِّمَتْ الْأُخْرَى مُؤَبَّدًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. وَلَوْ مَلَكَ أَمَةً ثُمَّ نَكَحَ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا كَأَنْ نَكَحَ أُخْتَهَا الْحُرَّةَ أَوْ عَمَّتَهَا أَوْ خَالَتَهَا أَوْ نَكَحَ امْرَأَةً ثُمَّ مَلَكَ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا كَأَنْ مَلَكَ أُخْتَهَا حَلَّتْ الْمَنْكُوحَةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ دُونَ الْمَمْلُوكَةِ؛ لِأَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ أَقْوَى، إذْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ وَغَيْرُهَا بِخِلَافِ الْمِلْكِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي مُثْبِتَاتِ الْخِيَارِ بِقَوْلِهِ: (وَتُرَدُّ الْمَرْأَةُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، أَيْ يَثْبُتُ لِلزَّوْجِ خِيَارُ فَسْخِ نِكَاحِهِ. (بِخَمْسَةِ عُيُوبٍ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا، وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهَا؛ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (بِالْجُنُونِ) وَإِنْ تَقَطَّعَ وَكَانَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

صِغَرِهَا أَمَّا إذَا بَلَغَتْ وَاخْتَارَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ جَازَ نِكَاحُهَا.

قَوْلُهُ: (كَمَحْرَمٍ) كَبِنْتِ أُخْتِهِ مَعَ عَمَّتِهَا وَكَأُخْتِهِ لِأَبِيهِ مَعَ أُخْتِهَا لِأُمِّهَا، فَإِنَّ عَمَّتَهَا وَأُخْتَهَا لِأُمِّهَا يَحِلَّانِ لَهُ وَإِنْ كَانَ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعَمَّةِ وَبِنْتِ أَخِيهَا وَبَيْنَ الْأُخْتِ لِلْأَبِ وَأُخْتِهَا لِأُمِّهَا فِي النِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ حُرِّمَتْ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى.

قَوْلُهُ: (الْحُرَّةَ) قَيَّدَ بِهَا لِصِحَّةِ النِّكَاحِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَكَحَ امْرَأَةً) وَكَذَا لَوْ تَقَارَنَ الْمِلْكُ وَالنِّكَاحُ حَلَّتْ الْمَنْكُوحَةُ لِمَا ذَكَرَهُ.

قَوْلُهُ: (دُونَ الْمَمْلُوكَةِ) أَيْ وَإِنْ وُطِئَتْ. قَوْلُهُ: (حَلَّتْ الْمَنْكُوحَةُ إلَخْ) أَيْ مَا دَامَ النِّكَاحُ بَاقِيًا، فَإِنْ طَلَّقَ الْمَنْكُوحَةَ حَلَّتْ الْأُخْرَى. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (دُونَ الْمَمْلُوكَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ الْمَنْكُوحَةَ. وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ حُرِّمَ جَمْعُهُمَا بِنِكَاحٍ حُرِّمَ أَيْضًا فِي الْوَطْءِ بِمِلْكٍ أَوْ مِلْكٍ وَنِكَاحٍ، يَقْتَضِي أَنَّ الْمَمْلُوكَةَ لَا تَحْرُمُ إلَّا إنْ وَطِئَ الْمَنْكُوحَةَ فَلْيُحَرَّرْ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ أَقْوَى) أَيْ مِنْ فِرَاشِ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ نَفْسُهُ أَقْوَى مِنْ النِّكَاحِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا طَرَأَ عَلَى النِّكَاحِ أَبْطَلَهُ؛ وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِهِ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ وَالنِّكَاحُ لَا يُمْلَكُ بِهِ إلَّا ضَرْبٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهَا) مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ لُحُوقُ الْوَلَدِ فِيهِ بِالْإِمْكَانِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ، وَلَا يُجَامِعُهُ الْحِلُّ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ مِلْكِ الْيَمِينِ ح ل.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ شَرَعَ فِي مُثْبِتَاتِ الْخِيَارِ) شُرُوعٌ فِي التَّرْجَمَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِقِ وَالْمَذْكُورُ مِنْهَا هُنَا قِسْمٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْعُيُوبُ الْمَذْكُورَةُ، وَمِنْهَا خُلْفُ الشَّرْطِ وَخُلْفُ الظَّنِّ فَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا بَيْضَاءَ فَبَانَتْ سَمْرَاءَ أَوْ كَوْنَهُ أَبْيَضَ فَبَانَ أَسْمَرَ وَكَوْنَ أَحَدِهِمَا جَمِيلًا فَبَانَ قَبِيحًا وَهَكَذَا، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْخِيَارُ وَهَلْ مِثْلُهُ الْكُحْلُ وَالدَّعَجُ وَالسِّمَنُ وَغَيْرُهَا مِمَّا ذُكِرَ فِي السَّلَم أَوْ لَا. وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تُقْصَدُ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّمَتُّعُ، وَلَا كَذَلِكَ الرَّقِيقُ لِمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْخِدْمَةُ وَهِيَ لَا تَخْتَلِفُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِمَا ذُكِرَ فِيهِ. وَمِمَّا يُثْبِتُ الْخِيَارَ عِتْقُهَا تَحْتَ مَنْ بِهِ رِقٌّ وَالْإِعْسَارُ بِالْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْإِعْسَارُ بِالنَّفَقَةِ مُطْلَقًا، وَهُوَ شَامِلٌ لِلْكِسْوَةِ وَالْمَسْكَنِ. وَحَاصِلُ الْعُيُوبِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا أَنَّهَا عَشَرَةٌ تَفْصِيلًا سَبْعَةٌ إجْمَالًا لِعُمُومِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَالْعَيْبُ إمَّا مُشْتَرَكٌ وَهُوَ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ، وَإِمَّا مُخْتَصٌّ بِالزَّوْجِ وَهُوَ الْجَبُّ وَالْعُنَّةُ، أَوْ بِهَا وَهُوَ الرَّتْقُ وَالْقَرَنُ. وَاسْتُشْكِلَ تَصْوِيرُ فَسْخِهَا بِالْعَيْبِ بِأَنَّهَا إنْ عَلِمَتْ بِهِ فَلَا خِيَارَ وَإِلَّا بَطَلَ النِّكَاحُ لِانْتِفَاءِ الْكَفَاءَةِ.

وَأَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ تَأْذَنَ فِي مُعَيَّنٍ غَيْرِ كُفْءٍ وَيُزَوِّجُهَا الْوَلِيُّ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ سَلِيمٌ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ صِحَّةُ النِّكَاحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ. اهـ. ز ي.

قَوْلُهُ: (خِيَارُ فَسْخِ نِكَاحِهِ) وَفَوَائِدُ الْفَسْخِ ثَلَاثَةٌ: الْأُولَى: أَنَّهُ لَا يُنْقِصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ. الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفَسَخَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الْمَهْرِ، الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا وَتَبَيَّنَ بِهَا عَيْبٌ وَفَسَخَ النِّكَاحَ سَقَطَ الْمُسَمَّى وَيَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ طَلَّقَ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى ع ش. وَقَوْلُهُ: " وَيَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ " أَيْ وَيَرْجِعُ بِالزَّائِدِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ، وَإِذَا أَرَادَ رُجُوعَهَا اُحْتِيجَ لِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَصَحَّ رُجُوعُهَا وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ. وَزَادَ بَعْضُهُمْ رَابِعًا، وَهُوَ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا وَإِنْ فَسَخَ بِمُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَلَهَا السُّكْنَى. وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ: " خِيَارُ فَسْخِ " عَلَى مَعْنَى: " فِي ". وَخَرَجَ بِالزَّوْجِ وَلِيُّهُ وَسَيِّدُهُ فَلَا خِيَارَ لَهُمَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِمَا وَلَا عَارٍ يَلْحَقُهُمَا.

قَوْلُهُ: (بِخَمْسَةِ عُيُوبٍ) كَلَامُهُ فِي الْمُثْبِتَاتِ لِلْخِيَارِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَسَكَتَ عَنْ الْمُثْبِتَاتِ لِلْخِيَارِ إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>