للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُتَقَدِّمَةُ. وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يَحْرُمُ زَوْجَةُ وَالِدِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَزَوْجَةُ وَلَدِهِ كَذَلِكَ وَبِنْتُ زَوْجَتِهِ كَذَلِكَ، أَمَّا تَحْرِيمُ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ مِنْ الرَّضَاعِ فَلِمَا مَرَّ. وَأَمَّا تَحْرِيمُ الْبَوَاقِي فَلِلْحَدِيثِ الْمَارِّ وَهُوَ: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» .

تَنْبِيهٌ: مَنْ حُرِّمَ جَمْعُهُمَا بِنِكَاحٍ حُرِّمَ أَيْضًا فِي الْوَطْءِ بِمِلْكٍ أَوْ مِلْكٍ وَنِكَاحٍ وَلَهُ تَمَلُّكُهُمَا بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَلَوْ مُكْرَهًا حُرِّمَتْ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى بِإِزَالَةِ مِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ كِتَابَةٍ، إذْ لَا جَمْعَ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَحَيْضٍ وَرَهْنٍ وَإِحْرَامٍ وَرِدَّةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ وَلَا الِاسْتِحْقَاقَ، فَلَوْ عَادَتْ الْأُولَى كَأَنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ قَبْلَ وَطْءِ الْأُخْرَى فَلَهُ وَطْءُ أَيَّتُهُمَا شَاءَ بَعْدَ اسْتِبْرَاءِ الْعَائِدَةِ أَوْ بَعْدَ وَطْئِهَا حُرِّمَتْ الْعَائِدَةُ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى، وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُبَاحَةً عَلَى انْفِرَادِهَا، فَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَجُوسِيَّةً أَوْ نَحْوَهَا كَمَحْرَمٍ فَوَطِئَهَا جَازَ لَهُ وَطْءُ الْأُخْرَى نَعَمْ لَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

حُرْمَةَ الذَّوَاتِ بِسَبَبِ أَوْصَافِهَا كَالْأُمُومَةِ وَالْبِنْتِيَّةِ فَهُوَ عَلَى حَدِّ: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} [النساء: ٣] حَيْثُ عَبَّرَ بِمَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْوَصْفُ أَيْ الطَّيِّبُ، وَهَذَا أَعَمُّ مِمَّا سَبَقَ فَيُغْنِي عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يَحْرُمُ زَوْجَةُ وَالِدِهِ إلَخْ) الْأَوَّلَانِ تَقَدَّمَا فِي قَوْلِهِ تَنْبِيهٌ لَا فَرْقَ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ النَّسَبِ أَوْ الرَّضَاعِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلَمْ تَتَقَدَّمْ؛ قَالَ شَيْخُنَا: يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ وَقَدَّمْنَا إلَخْ أَنَّ هَذَا مِمَّا كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ إذْ لَمْ يَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ: " وَيَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَخْ " إلَّا السَّبْعَةُ.

قَوْلُهُ: (وَبِنْتُ زَوْجَتِهِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ فِيهَا، وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ فِي أُمِّ الزَّوْجَةِ، فَلَوْ أَبْدَلَهَا بِأُمِّ الزَّوْجَةِ لَكَانَ أَصْوَبَ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (كَذَلِكَ) أَيْ مِنْ الرَّضَاعِ.

قَوْلُهُ: (فَلِمَا مَرَّ) وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣] .

قَوْلُهُ: (مِنْ حُرِّمَ جَمْعُهُمَا بِنِكَاحٍ حُرِّمَ أَيْضًا إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا حُرِّمَ الْعَقْدُ، فَالْوَطْءُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى، وَلِأَنَّ التَّقَاطُعَ أَيْ قَطِيعَةَ الرَّحِمِ فِيهِ أَكْثَرُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ وَطِئَ) أَيْ سَوَاءٌ فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ، بِخِلَافِ اسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ فَلَا يُحَرِّمُ الْأُخْرَى هُنَا، فَالْوَطْءُ قَيْدٌ هُنَا بِخِلَافِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي وَطْءِ مِلْكِ الْيَمِينِ وَالشُّبْهَةِ فَإِنَّ اسْتِدْخَالَ الْمَنِيِّ يُحَرِّمُ الْأُمَّ وَالْبِنْتَ. قَوْلُهُ: (وَاحِدَةً مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْمَمْلُوكَتَيْنِ لَا مِنْ الْمَمْلُوكَةِ وَالْمَنْكُوحَةِ أَيْضًا لِيُلَائِمَ قَوْلَهُ: حُرِّمَتْ الْأُخْرَى إلَخْ " فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمَمْلُوكَتَيْنِ، وَبِدَلِيلِ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ " وَلَوْ مَلَكَ أَمَةً ثُمَّ نَكَحَ إلَخْ " فَإِنَّ الَّذِي يَحِلُّ إنَّمَا هُوَ الْمَنْكُوحَةُ دُونَ الْمَمْلُوكَةِ وَإِنْ وُطِئَتْ. وَقَوْلُهُ وَطِئَ وَاحِدَةً أَيْ حَالَ كَوْنِهَا وَاضِحَةً فَلَا عِبْرَةَ بِوَطْءِ الْخُنْثَى إلَّا إنْ اتَّضَحَ بِالْأُنُوثَةِ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مُكْرَهًا) أَيْ أَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهَا أَمَتَهُ.

قَوْلُهُ: (حُرِّمَتْ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى) لِئَلَّا يَحْصُلَ الْجَمْعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، وَلَا يُؤَثِّرُ وَطْؤُهَا أَيْ الْأُخْرَى وَإِنْ حَبِلَتْ فِيمَا يَظْهَرُ فِي تَحْرِيمِ الْأُولَى إذْ الْحَرَامُ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ م ر. وَهَلْ الْمُرَادُ حَرُمَ وَطْؤُهَا أَوْ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا؟ الثَّانِي قَرِيبٌ لَكِنَّهُ يَشْمَلُ النَّظَرَ بِشَهْوَةٍ وَفِيهِ بُعْدٌ، ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الرَّوْضَةِ التَّقْيِيدَ بِالْوَطْءِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْأَنْوَارِ وَالْعُبَابِ؛ قَالَهُ ح ل. وَاعْتَمَدَ الدَّفَرِيُّ حُرْمَةَ الْوَطْءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الْأَنْوَارِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ ضَعِيفٌ.

وَقَوْلُهُ: " حَتَّى يُحَرِّمَ " الْأُولَى أَيْ الَّتِي وُطِئَتْ. قَوْلُهُ: (بِإِزَالَةِ مِلْكٍ) كَبَيْعٍ بَتٍّ وَلَوْ لِبَعْضِهَا بِلَا خِيَارٍ، أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (أَوْ نِكَاحٍ) الْأَوْلَى: إنْكَاحٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ كِتَابَةٍ) أَيْ صَحِيحَةٍ. قَوْلُهُ: (إذْ لَا جَمْعَ حِينَئِذٍ) أَيْ فِي الْوَطْءِ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ غَيْرِهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا الِاسْتِحْقَاقَ) أَيْ اسْتِحْقَاقَ التَّمَتُّعِ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ عَادَتْ الْأُولَى) أَيْ الَّتِي كَانَتْ وُطِئَتْ وَحُرِّمَتْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَ وَطْئِهَا) وَظَاهِرِ كَلَامه أَنَّ الِاسْتِدْخَالَ هُنَا، أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا فِيمَا تَقَدَّمَ لَيْسَ كَالْوَطْءِ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ: (حُرِّمَتْ الْعَائِدَةُ) أَيْ حُرِّمَ وَطْؤُهَا، وَكَذَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا؛ لَكِنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَالْعُبَابِ حُرْمَةُ الْوَطْءِ فَقَطْ ح ل، وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ) أَيْ فِي تَحْرِيمِ الْأُخْرَى أَيْ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَجُوسِيَّةً) كَأَنْ تَوَلَّدَتَا بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَبَلَغَتَا عَاقِلَتَيْنِ وَاخْتَارَتْ إحْدَاهُمَا دِينَ الْكِتَابِيِّ مِنْ أَبَوَيْهَا وَالْأُخْرَى دِينَ الْمَجُوسِيِّ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْمُتَوَلِّدَةَ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا مَحَلَّهُ فِي حَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>