أُمُّ زَوْجَةِ الْأَبِ وَلَا بِنْتُهَا وَلَا أُمُّ زَوْجَةِ الِابْنِ وَلَا بِنْتُهَا وَلَا زَوْجَةُ الرَّبِيبِ وَلَا زَوْجَةُ الرَّابِّ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ التَّحْرِيمُ غَيْرُ الْمُؤَبَّدِ بِقَوْلِهِ (و) تَحْرُمُ (وَاحِدَةٌ مِنْ جِهَةِ الْجَمْعِ) فِي الْعِصْمَةِ (وَهِيَ أُخْتُ الزَّوْجَةِ) فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا بَلْ تَحِلُّ بِمَوْتِ أُخْتِهَا أَوْ بَيْنُونَتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٣] وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَإِنْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ فَإِنَّ الطَّبْعَ يَتَغَيَّرُ. (وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا خَالَتِهَا) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ الْخَبَرِ: «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا وَلَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا لَا الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ. وَلِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ فِي الْأُخْتَيْنِ (وَيَحْرُمُ مِنْ) النِّسَاءِ بِسَبَبِ (الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ) مِنْهُنَّ (مِنْ النَّسَبِ) وَهِيَ السَّبْعَةُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
يَنْكِحَ كُلٌّ مِنْ رَجُلَيْنِ أُخْتَ الْآخَرِ فَيُولَدُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ابْنٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا أُمُّ زَوْجَةِ الْأَبِ إلَخْ) وَلَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ بِنْتًا وَابْنُهُ بِامْرَأَةٍ هِيَ أُمٌّ لِلْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ صَحَّ نِكَاحُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِانْتِفَاءِ أَسْبَابِ التَّحْرِيمِ وَهِيَ الْقَرَابَةُ وَالرَّضَاعُ وَالْمُصَاهَرَةُ، وَتَحْرُمُ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ وَأُمِّهَا مِنْ الْأَوْلَادِ لِوُجُوبِ سَبَبِ التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ الْحَاصِلِينَ مِنْ الْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ أَعْمَامٌ وَعَمَّاتٌ لِأَوْلَادِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ لِكَوْنِهِمْ إخْوَةً وَأَخَوَاتِ أَبِيهِمْ وَأَوْلَادَ أُخْتٍ لِكَوْنِ أُمِّهِمْ أُخْتَهمْ لِأُمِّهِمْ، وَحِينَئِذٍ إذَا حَصَلَ مِنْ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْلَادٌ ذُكُورٌ وَأَرَادُوا التَّزَوُّجَ بِالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ امْتَنَعَ عَلَيْهِمْ لِحُرْمَتِهِنَّ عَلَيْهِمْ لِكَوْنِهِنَّ بَنَاتَ أَخِيهِمْ لِأُمِّهِمْ وَعَمَّاتِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ الذُّكُورُ مِنْ أَوْلَادِ الْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ التَّزَوُّجَ بِالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الْكَبِيرَةِ امْتَنَعَ عَلَيْهِمْ لِحُرْمَتِهِنَّ عَلَيْهِمْ لِكَوْنِهِنَّ بَنَاتَ أَخِيهِمْ لِأَبِيهِمْ؛ لِأَنَّ وَالِدَهُمْ أَخُوهُمْ لِأَبِيهِمْ. قَوْلُهُ: (وَلَا زَوْجَةُ الرَّبِيبِ) وَهُوَ ابْنُ الزَّوْجَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا زَوْجَةُ الرَّابِّ) وَهُوَ زَوْجُ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ يُرَبِّيهِ غَالِبًا.
قَوْلُهُ: (وَتَحْرُمُ وَاحِدَةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ وَاحِدَةً عَطْفٌ عَلَى سَبْعٍ، فَهِيَ بَدَلٌ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَى الْبَدَلِ بَدَلٌ وَتَقْدِيرُ الْفِعْلِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ ق ل. وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ تَقْدِيرَ الْفِعْلِ لَا بُدَّ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ جَعْلِ الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى التَّأْبِيدِ، لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَعْدُودَ إنَّمَا هُوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَقَطْ؛ وَلِهَذَا قُلْنَا فِيمَا مَرَّ إنَّ الْمُتَعَيِّنَ حَذْفُ لَفْظِ الْمُؤَبَّدِ لِيَشْمَلَ هَذِهِ وَيَكُونُ الْعَدَدُ تَامًّا فَتَأَمَّلْ، فَيَكُونُ كَلَامُ ق ل ظَاهِرًا عَلَى هَذَا اهـ. وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأُخْتِ؛ لِأَنَّهَا الْمَذْكُورَةُ فِي الْآيَةِ أَيْ فِي قَوْلِهِ: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: ٢٣] وَإِلَّا فَقَوْلُهُ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ تَحْرِيمُ الْجَمْعِ أَيْضًا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا. قَوْلُهُ: (أُخْتُ الزَّوْجَةِ) قَالَ شَيْخُنَا يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَأُخْتِهَا وَإِنْ نَفَاهَا وَالِدُهَا بِلِعَانٍ، إذْ هِيَ غَيْرُ مُنْتَفِيَةٍ قَطْعًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ مَتَى اسْتَلْحَقَهَا لَحِقَتْهُ. وَهَذَا بِاعْتِبَارِ الدُّنْيَا، أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْ جَمْعِ الْأُخْتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ فِيهَا كَمَنْ تَزَوَّجَ إحْدَاهُمَا ثُمَّ مَاتَتْ فِي عِصْمَتِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَ الْأُخْرَى وَمَاتَتْ فِي عِصْمَتِهِ فَيَجْتَمِعَانِ مَعَهُ فِي الْجَنَّةِ أَوْ مَاتَ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ بَعْدَهُ غَيْرَهُ قَالَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ شَوْبَرِيٌّ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: يَجُوزُ نِكَاحُ الْمَحَارِمِ فِي الْجَنَّةِ مَا عَدَا الْأُصُولَ وَالْفُرُوعَ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ وَهِيَ الْحِقْدُ وَالْبُغْضُ، قَالَ تَعَالَى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: ٤٣] وَتَحْرِيمُ هَذَا الْجَمْعِ عَامٌّ فِي حَقِّ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ وَأُمَمَهُمْ كَمَا فِي الْعُبَابِ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ تَجْمَعُوا) قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: هُوَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَطْفٌ عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ، أَيْ عَلَى قَوْلِهِ: " أُمَّهَاتُكُمْ " وَقَوْلُهُ: " وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ " يَعْنِي عَمَّاتِ أُصُولِهَا وَخَالَاتِهِمْ اهـ م د. قَوْلُهُ: (لَا الْكُبْرَى) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ أَنَّ الْعَمَّةَ وَالْخَالَةَ هِيَ الْكُبْرَى غَالِبًا ق ل. قَالَ شَيْخُنَا: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَوْكِيدٌ وَمَا فِي حَاشِيَةِ ق ل غَيْرَ ظَاهِرٍ، وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: قَوْلُهُ: " لَا الْكُبْرَى " هُوَ تَوْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ غَيْرِ الْمُرَتَّبِ، وَفِيهِ دَفْعُ تَوَهُّمِ تَقْيِيدِ الْمَنْعِ بِكَوْنِ الْعَمَّةِ أَوْ الْخَالَةِ هِيَ الْكُبْرَى كَمَا هُوَ الْغَالِبُ اهـ.
قَوْلُهُ: (بِسَبَبِ الرَّضَاعِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ " مِنْ " فِي كَلَامِ الْمَتْنِ لِلتَّعْلِيلِ.
قَوْلُهُ: (مَا يَحْرُمُ) عَبَّرَ بِمَا دُونَ مِنْ نَظَرًا إلَى أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute