الصَّحِيحُ كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ فَيَتَشَطَّرُ بِطَلَاقٍ بَعْدَ عَقْدٍ وَقَبْلَ وَطْءٍ سَوَاءٌ أَكَانَ الْفَرْضُ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَمْ مِنْ الْحَاكِمِ. وَالثَّالِثُ: مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ يَدْخُلُ بِهَا) بِأَنْ يَطَأَهَا وَلَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ دُبُرٍ (فَيَجِبُ) لَهَا (مَهْرُ الْمِثْلِ) وَإِنْ أَذِنَتْ لَهُ فِي وَطْئِهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا مَهْرَ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ مِثْلِ الْمُفَوِّضَةُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ دَخَلَ بِالْعَقْدِ فِي ضَمَانِهِ، وَاقْتَرَنَ بِهِ الْإِتْلَافُ فَوَجَبَ الْأَكْثَرُ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ. وَلَوْ طَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ فَرْضٍ وَوَطْءٍ فَلَا شَطْرَ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَهُمَا وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَطْءِ فِي تَقْرِيرِ الْمُسَمَّى فَكَذَا فِي إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي التَّفْوِيضِ. وَهَلْ يُعْتَبَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ هُنَا بِالْأَكْثَرِ كَمَا مَرَّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْفَاسِدِ كَخَمْرٍ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي التَّشْطِيرِ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْوَطْءِ، بِخِلَافِ الْفَاسِدِ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ اهـ. وَقَوْلُهُ " وَبِخِلَافِ الْمَفْرُوضِ الْفَاسِدِ " وَإِنَّمَا اقْتَضَى الْفَاسِدُ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ مَهْرَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى لِكَوْنِهِ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ وَهُنَا دَوَامٌ سَبَقَهُ الْخُلُوُّ عَنْ الْعِوَضِ فَلَمْ يَنْظُرْ لِلْفَاسِدِ. وَقَوْلُهُ " فَلَا يُؤَثِّرُ فِي التَّشْطِيرِ " أَيْ فَلَا يُشْطَرَ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِهِ بَعْدَ إخْلَاءِ الْعَقْدِ عَنْ الْعِوَضِ بِالْكُلِّيَّةِ. وَقَوْلُهُ " بِخِلَافِ الْمُسَمَّى الْفَاسِدِ " أَيْ فَإِنَّهُ يُشْطَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَطَأَهَا) أَيْ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا وَإِنْ لَمْ تَزُلْ الْبَكَارَةُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ وَلَوْ بِإِدْخَالِهَا ذَكَرَهُ هَلْ وَلَوْ صَغِيرًا لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ. الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا بِوَطْءٍ. وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ التَّحْلِيلُ كَالصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى جِمَاعُهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّحْلِيلِ أَنْ مَبْنَى التَّحْلِيلَ عَلَى اللَّذَّةِ بِخِلَافِ هَذَا، وَأَيْضًا الْقَصْدُ مِنْهُ التَّنْفِيرُ عَنْ إيقَاعِ الثَّلَاثِ فَإِذَا انْضَمَّ إلَيْهِ هَذَا كَانَ أَشَدَّ فِي التَّنْفِيرِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِهِ. وَشَمَلَ قَوْلُهُ " بِأَنْ يَطَأَهَا " مَا لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُوطَأُ فِي الْعَادَةِ عَلَى مَا فِي الْإِيعَابِ، وَخَرَجَ مَا إذَا أَزَالَ بَكَارَتَهَا بِأُصْبُعِهِ أَوْ بِعُودٍ فَلَا يَتَقَرَّرُ بِهِ الْمَهْرُ وَلَا يَلْزَمُهُ لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ سِوَى النِّصْفِ فِي غَيْرِ الْمُفَوِّضَةِ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ، وَخَرَجَ أَيْضًا اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْعِدَّةَ فَقَطْ لَا الْمَهْرَ. وَقَوْلُهُ " بِأَنْ يَطَأَهَا " قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْجِنَايَاتِ: وَلَوْ أَزَالَ أَيْ الزَّوْجُ بَكَارَتَهَا بِلَا ذَكَرٍ فَلَا شَيْءَ أَوْ غَيْرُهُ بِغَيْرِ ذَكَرٍ فَحُكُومَةٌ اهـ.
وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ " أَوْ أَزَالَهَا غَيْرُهُ " أَيْ وَإِنْ أَذِنَ الزَّوْجُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ افْتِضَاضِهَا أَوْ أَذِنَتْ وَهِيَ غَيْرُ رَشِيدَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَتَنَبَّهَ لَهُ، فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ مِنْ أَنَّ الشَّخْصَ يَعْجِزُ عَنْ إزَالَةِ بَكَارَةِ زَوْجَتِهِ فَيَأْذَنُ لِامْرَأَةٍ فِي إزَالَةِ بَكَارَتِهَا فَيَلْزَمُ الْمَرْأَةَ الْمَأْذُونُ لَهَا الْأَرْشُ؛ لِأَنَّ إذْنَ الزَّوْجِ لَهَا لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ. لَا يُقَالُ هُوَ مُسْتَحِقُّ الْإِزَالَةِ فَيُنَزَّلُ فِعْلُ الْمَرْأَةِ مَنْزِلَةَ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مُسْتَحِقٌّ لَهَا بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ اهـ قَالَ سم: وَلَا يَجُوزُ إزَالَةُ بَكَارَتِهَا بِأُصْبُعِهِ أَوْ نَحْوِهَا، إذْ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَجْزُهُ عَنْ إزَالَتِهَا مُثْبِتًا لِلْخِيَارِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إزَالَتِهَا بِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ) أَيْ فَيُصَانُ عَنْ التَّصَوُّرِ بِصُورَةِ الْمُبَاحِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يَتَمَحَّضُ حَقًّا لِلْمَرْأَةِ بَلْ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ فَيُصَانُ عَنْ التَّصَوُّرِ بِصُورَةِ الْمُبَاحَاتِ؟ أَفَادَهُ الْحَلَبِيُّ. قَالَ شَيْخُنَا: فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْوَطْءَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ مُسْتَنِدًا لِلْإِبَاحَةِ وَلَيْسَتْ هِيَ الَّتِي أَحَلَّتْهُ وَإِنَّمَا الَّذِي أَحَلَّهُ الْعَقْدُ.
وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ التَّفْوِيضَ فِيهِ صُورَةُ الْإِبَاحَةِ وَالْوَطْءُ مَصُونٌ عَنْ التَّصَوُّرِ بِصُورَةِ الْمُبَاحِ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْمَوْتِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ مُتَصَوَّرًا بِصُورَةِ الْمُبَاحِ.
قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ) أَيْ الْوَطْءِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ الزِّنَا، قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، وَأَمَّا قَوْلُ شَيْخِنَا م د لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ اهـ. وَبَعْضُهُمْ فَسَّرَ حَقَّ اللَّهِ بِقَوْلِهِ بِمَعْنَى أَنَّ إبَاحَتَهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى إذْنِ الشَّارِعِ وَهُوَ أَظْهَرُ.
قَوْلُهُ: (أَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ عِنْدَ الْوَطْءِ بِصِفَةٍ، كَعِلْمٍ، لَا تُوجَدُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَزَادَ مَهْرُ مِثْلِهَا بِذَلِكَ اُعْتُبِرَ هَذَا الزَّائِدُ.
قَوْلُهُ: (وَاقْتَرَنَ بِهِ) أَيْ بِالدُّخُولِ أَوْ بِالضَّمَانِ لَا بِالْعَقْدِ.
قَوْلُهُ: (الْإِتْلَافُ) أَيْ إتْلَافُ الْمَنْفَعَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ إدْخَالِ الذَّكَرِ فِيهِ، كَالدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَإِنَّهَا تَتْلَفُ مَنْفَعَتُهَا بِسُكْنَى الْمُسْتَأْجِرِ لَهَا، فَإِذَا لَمْ يَسْكُنْهَا لَمْ تَتْلَفْ.
قَوْلُهُ: (كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ) لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِتْلَافُ كَمَا هُنَا. قَوْلُهُ: (فَلَا شَطْرَ) لَكِنْ تَجِبُ الْمُتْعَةُ، قَوْلُهُ: (قَبْلَهُمَا) أَيْ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالْوَطْءِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَوْتَ كَالْوَطْءِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا مَهْرَ بِالْمَوْتِ