للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَلِتَعْلِيمِهَا هِيَ أَوْ وَلَدِهَا الْوَاجِبِ عَلَيْهَا تَعْلِيمُهُ، وَكَذَا لِعَبْدِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ؛ فَعَلَى هَذَا لَا يَتَعَذَّرُ تَعْلِيمُ غَيْرِهَا بِطَلَاقِهَا، أَمَّا إذَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهَا بِنَفْسِهِ فَطَلَّقَ قَبْلَ التَّعْلِيمِ بَعْدَ دُخُولِهِ أَوْ قَبْلَهُ تَعَذَّرَ تَعْلِيمُهُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ اخْتِلَاؤُهُ بِهَا. فَإِنْ قِيلَ: الْأَجْنَبِيَّةُ يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهَا لِلتَّعْلِيمِ وَهَذِهِ صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً فَهَلَّا جَازَ تَعْلِيمُهَا، أُجِيبَ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ تَعَلَّقَتْ آمَالُهُ بِالْآخَرِ وَحَصَلَ بَيْنَهُمَا نَوْعُ وُدٍّ فَقَوِيَتْ التُّهْمَةُ فَامْتَنَعَ التَّعْلِيمُ لِقُرْبِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

سُكْنَى الدَّارِ مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (كَالْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا) أَيْ مِنْ الْعِلْمِ الْمُحْتَاجَةِ إلَيْهِ وَالْحِرْفَةِ الْمُضْطَرَّةِ إلَيْهَا كَالْخِيَاطَةِ مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (وَلِلْقُرْآنِ) مِثَالٌ لِمَا لَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ أَيْ قَدْرًا مِنْهُ فِي تَعْلِيمِهِ كُلْفَةٌ عُرْفًا وَلَوْ دُونَ ثَلَاثِ آيَاتٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ قَدْرِهِ أَوْ يُقَدَّرُ بِالزَّمَانِ، فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْقَدْرِ وَالزَّمَانِ بَطَلَ. وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ نَوْعِ الْقِرَاءَةِ كَقِرَاءَةِ نَافِعٍ أَوْ حَفْصٍ حَيْثُ غَلَبَتْ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، فَإِنْ لَمْ تَغْلِبْ وَجَبَ تَعْيِينُهُ. وَعِبَارَةُ م ر: وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ بِمَا شَرَطَ تَعْلِيمَهُ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعَلِّمَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَكَّلَ الْجَاهِلُ مَنْ يُعَلِّمُهُ، وَلَا يَكْفِي التَّقْدِيرُ بِالْإِشَارَةِ إلَى الْمَكْتُوبِ فِي أَوْرَاقِ الْمُصْحَفِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْحَرْفِ أَيْ النَّوْعِ الَّذِي يُعَلِّمُهُ لَهَا كَقِرَاءَةِ نَافِعٍ فَيُعَلِّمُهَا مَا شَاءَ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ؛ وَنُقِلَ عَنْ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُ يُعَلِّمُهَا مَا غَلَبَ عَلَى قِرَاءَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ حَسَنٌ، فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ فِيهَا شَيْءٌ تَخَيَّرَ. هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ أَوَّلًا وَجَبَ التَّعْيِينُ فَلْيُحَرَّرْ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا، فَإِنْ عَيَّنَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ حَرْفًا تَعَيَّنَ، فَلَوْ عَلَّمَهَا غَيْرُهُ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِهِ وَعَلَيْهِ تَعْلِيمُ الْمُعَيَّنِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ؛ وَلَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ شَهْرًا صَحَّ لَا تَعْلِيمَ سُورَةٍ فِي شَهْرٍ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ اهـ.

وَقَوْلُهُ " وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ " قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمَرْأَةِ لِمَا يَجْعَلُ تَعْلِيمَهُ صَدَاقًا. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ إلَّا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً وَأَذِنَتْ فِيهِ، وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا رَضِيَتْ بِجَعْلِ صَدَاقِهَا مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَهُوَ التَّعْلِيمُ فَكَأَنَّهَا رَدَّتْ الْأَمْرَ إلَى وَلِيِّهَا فِيمَا يَجْعَلُهُ صَدَاقَهَا مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَوْ وُكِّلَ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ لِلْوَكِيلِ. وَقَوْلُهُ " وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الزَّوْجِ إلَخْ " وَيَكْفِي فِي عِلْمِهِمَا سَمَاعُهُمَا لَهُ مِمَّنْ تَقْرَؤُهُ عَلَيْهِمَا وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (وَالشِّعْرِ) سُئِلَ الْإِمَامُ الْمُزَنِيّ عَنْ صِحَّةِ جَعْلِ الصَّدَاقِ شِعْرًا فَقَالَ: يَجُوزُ إنْ كَانَ مِثْلَ قَوْلِ الْقَائِلِ، وَهُوَ أَبُو الدَّرْدَاءِ الْأَنْصَارِيُّ:

يُرِيدُ الْمَرْءُ أَنْ يُعْطَى مُنَاهُ ... وَيَأْبَى اللَّهُ إلَّا مَا أَرَادَا

يَقُولُ الْمَرْءُ فَائِدَتِي وَزَادِي ... وَتَقْوَى اللَّهِ أَعْظَمُ مَا اسْتَفَادَا

اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. قَوْلُهُ: (وَلِتَعْلِيمِهَا هِيَ) أَيْ وَشَامِلٌ لِتَعْلِيمِهَا إلَخْ. قَوْلُهُ: (الْوَاجِبِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ وَصِيَّةً عَلَيْهِ وَالْوَلَدُ فَقِيرٌ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا لِعَبْدِهَا) لَا يَخْفَى أَنْ تَشْبِيهَ عَبْدِهَا بِوَلَدِهَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ تَعْلِيمِ الْعَبْدِ بِالْوَاجِبِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ كَتَعْلِيمِهَا الشَّامِلِ لِغَيْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى الْوَلَدِ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا.

وَعِبَارَةُ م د: قَوْلُهُ وَكَذَا عَبْدُهَا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا تَعْلِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ تَزِيدُ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ وَلَدِهَا فَتَشْبِيهُ الْعَبْدِ بِالْوَلَدِ لَيْسَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ فِي مُطْلَقِ الصِّحَّةِ.

قَوْلُهُ: (بِطَلَاقِهِ) أَيْ إيَّاهَا فَهُوَ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ.

قَوْلُهُ: (تَعَذَّرَ تَعْلِيمُهُ) إيَّاهَا شَرْعًا أَيْ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ، أَحَدُهَا وَثَانِيهَا: أَنْ يُصْدِقَهَا تَعْلِيمَهُ بِنَفْسِهِ لِنَفْسِهَا. وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا تَصِيرَ مَحْرَمًا لَهُ كَإِرْضَاعِهَا زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ. وَالرَّابِعُ: أَنْ لَا تَصِيرَ زَوْجَةً لَهُ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ. وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ وَقْعٌ بِأَنْ يَتَعَذَّرَ تَعْلِيمُهُ بِمَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ. وَالسَّادِسُ: أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً مُطْلَقًا أَوْ صَغِيرَةً تُشْتَهَى. وَغَالِبُهَا يُؤْخَذُ مِنْ الشَّارِحِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا صَارَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ) أَيْ وَلَا يُؤْمَنُ الْوُقُوعُ فِي التُّهْمَةِ وَالْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ لَوْ جَوَّزْنَا التَّعْلِيمَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ أَوْ جَوَّزْنَاهُ بِحُضُورِ مَحْرَمٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّ الْمَحْرَمَ قَدْ يَخْرُجُ لِحَاجَةٍ فَلَا يُؤْمَنُ مِنْ الْوُقُوعِ فِي التُّهْمَةِ وَالْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي الْبُدَاءَةِ بِالتَّسْلِيمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَفْسُدُ الصَّدَاقُ وَيُؤْمَرُ بِدَفْعِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِعَدْلٍ ثُمَّ تُؤْمَرُ بِالتَّمْكِينِ هَذَا مَا تَحَرَّرَ فِي الدَّرْسِ وَلَا نَقْلَ فِيهَا فِيمَا عَلِمْت؛ هَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا م ر اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>