للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظَّنِّ أَنَّ فِي مَالِ الدَّاعِي شُبْهَةً، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الدَّاعِي امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً وَلَيْسَ فِي مَوْضِعِ الدَّعْوَةِ مَحْرَمٌ لَهَا وَلَا لِلْمَدْعُوِّ وَإِنْ لَمْ يَخْلُ بِهَا، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الدَّاعِي ظَالِمًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ شِرِّيرًا أَوْ مُتَكَلِّفًا طَالِبًا لِلْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ؛ قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ حُرًّا، فَلَوْ دَعَا عَبْدًا لَزِمَتْهُ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ إنْ لَمْ يَضُرَّ حُضُورُهُ بِكَسْبِهِ، فَإِنَّ ضَرَّ وَأَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فَوَجْهَانِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ فِي إجَابَةِ الدَّعْوَى كَالرَّشِيدِ. وَمِنْهَا أَنْ يَدْعُوَهُ فِي وَقْتِ الْوَلِيمَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَقْتُهَا. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْمَدْعُوُّ قَاضِيًا، وَفِي مَعْنَاهُ كُلُّ ذِي وِلَايَةٍ عَامَّةٍ. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مَعْذُورًا بِمُرَخِّصٍ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يَتَأَذَّى بِحُضُورِهِ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ كَالْأَرَاذِلِ. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْمَدْعُوُّ أَمْرَدَ يُخَافُ مِنْ حُضُورِهِ رِيبَةً أَوْ تُهْمَةً أَوْ قَالَةً. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُنْكَرٌ لَا يَزُولُ بِحُضُورِهِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالضَّرْبِ بِالْمَلَاهِي، فَإِنْ كَانَ يَزُولُ بِحُضُورِهِ وَجَبَ حُضُورُهُ لِلدَّعْوَةِ وَإِزَالَةُ الْمُنْكَرِ. وَمِنْ الْمُنْكَرِ فُرُشٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الدَّعْوَةِ مَحْرَمٌ) أَيْ لِيَأْمَنَ مَعَهُ مِنْ الْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ. وَهَذَا الْقَيْدُ قَدْ يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِي وَإِنْ لَمْ يَخْلُ بِهَا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ق ل: قَوْلُهُ وَلَيْسَ إلَخْ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ تَدَافُعٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَيْسَ فِي مَوْضِعِ الدَّعْوَةِ مَحْرَمٌ أَيْ لِيَأْمَنَ مَعَهُ مِنْ رِيبَةٍ أَوْ تُهْمَةٍ، فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِي وَإِنْ لَمْ يَخْلُ بِهَا.

قَوْلُهُ: (أَوْ شِرِّيرًا) أَيْ كَثِيرِ الشَّرِّ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُتَكَلِّفًا) أَيْ كَلَّفَ نَفْسَهُ مَا لَا يُطِيقُ مِنْ الطَّعَامِ الْكَثِيرِ؛ أَفَادَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (فِي وَقْتِ الْوَلِيمَةِ) وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ بِأَنْ يَدْعُوهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي، أَمَّا لَوْ دَعَاهُ قَبْلَ وَقْتِهَا كَأَنْ جَعَلُوا الْوَلِيمَةَ لِلْعُرْسِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ. وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَسَنِّهَا فِي الثَّانِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ غَرَضًا، أَمَّا إذَا كَانَ غَرَضٌ أَوْ عُذْرٌ كَأَنْ جَعَلَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ يَوْمًا أَوْ لِضِيقِ مَنْزِلِهِ عَنْ كُلِّهِمْ أَوْ عَجْزِهِ عَنْ طَعَامٍ يَكْفِي الْجَمِيعَ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ وَلَوْ شَهْرًا.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَقَدَّمَ وَقْتُهَا) أَيْ أَنَّ أَوَّلَ ابْتِدَائِهِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَيَنْتَهِي أَدَاؤُهَا بِالْأُسْبُوعِ فِي الْبِكْرِ وَالثَّلَاثِ فِي الثَّيِّبِ.

قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَكُونَ الْمَدْعُوُّ قَاضِيًا) وَالْأَوْجَهُ اسْتِثْنَاءُ أَبْعَاضِهِ وَنَحْوِهِمْ فَتَلْزَمُهُ إجَابَتُهُمْ لِعَدَمِ نُفُوذِ حُكْمِهِ لَهُمْ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بِمُرَخِّصٍ) أَيْ مِمَّا يَأْتِي هُنَا فَلَا يُنَافِي أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ الْجُوعَ وَالْعَطَشَ، وَلَيْسَ عُذْرًا هُنَا لِوُجُودِ ذَلِكَ فِي مَقْصِدِهِ م د.

قَوْلُهُ: (كَالْأَرَاذِلِ) وَالزَّحْمَةِ وَالْعَدَاوَةِ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ تَضَرَّرَ. اهـ. ز ي. وَالْمُرَادُ بِالْأَرَاذِلِ الْأَرَاذِلُ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا أَمَّا فِي الدِّينِ فَتَحْرُمُ مُجَالَسَتُهُمْ ق ل.

قَوْلُهُ: (أَمْرَدَ) أَيْ جَمِيلًا، بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِ بِخَوْفِ نَحْوِ رِيبَةٍ. وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَدْعُوَّةَ كَذَلِكَ ق ل. وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ: وَغَيْرِهِ وَمِنْ الْعُذْرِ كَوْنُهُ أَمْرَدَ جَمِيلًا يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ رِيبَةٍ أَوْ تُهْمَةٍ وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَكَوْنُ النِّسَاءِ بِنَحْوِ أَسْطُحَةِ الدَّارِ وَمَرَافِقِهَا بِحَيْثُ يَنْظُرْنَ لِلرِّجَالِ أَوْ يَخْتَلِطْنَ بِهِمْ وَلَوْ أَمْكَنَهُ التَّحَرُّزُ عَنْ رُؤْيَتِهِنَّ لَهُ كَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ بِحَيْثُ لَا يُرَى شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَوُجُودُ مَنْ يُضْحِكُ النَّاسَ بِالْفُحْشِ وَالْكَذِبِ.

قَوْلُهُ: (رِيبَةً أَوْ تُهْمَةً) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرِّيبَةَ هِيَ الَّتِي لَا تَكُونُ بِمُجَرَّدِ التَّوَهُّمِ بَلْ بِالظَّنِّ، بِخِلَافِ التُّهْمَةِ فَهِيَ أَدْوَنُ مِنْهَا، وَالْقَالَةُ أَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِ قَوْلٌ لَا يَلِيقُ بِهِ كَغِيبَةٍ أَوْ نَمِيمَةٍ. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُنْكَرٌ) أَيْ وَلَوْ فِي اعْتِقَادِ الْمَدْعُوِّ فَقَطْ كَفُرُشِ حَرِيرٍ لِلرِّجَالِ وَشُرْبِ نَبِيذٍ، نَعَمْ يَجُوزُ الْحُضُورُ إنْ اعْتَقَدَ الْفَاعِلُ الْجَوَازَ كَالْحَنَفِيِّ فِي الْمِثَالَيْنِ لَكِنَّهُ إذَا حَضَرَ لَا يُنْكِرُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَاعِدَةِ إنَّ شَرْطَ الْإِنْكَارِ كَوْنُ الْمُنْكَرِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَوْ يَعْتَقِدُ الْفَاعِلُ حُرْمَتَهُ. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ سُقُوطُ الْوُجُوبِ دُونَ الْجَوَازِ فِيمَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ مَالِكِيٌّ يَتَطَهَّرُ بِالْمُسْتَعْمَلِ أَوْ حَنَفِيٌّ يَتْرُكُ الطُّمَأْنِينَةَ فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ كَانَ الْفَاعِلُ يَرَى التَّحْرِيمَ دُونَ الْمَدْعُوِّ، فَالْوَجْهُ سُقُوطُ الْوُجُوبِ وَحُرْمَةُ الْحُضُورِ إذْ حُضُورُ الْمُنْكَرِ وَلَوْ فِي اعْتِقَادِ الْفَاعِلِ فَقَطْ لِغَيْرِ إنْكَارِهِ حَرَامٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ إقْرَارًا عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَهُوَ حَرَامٌ. اهـ. سم.

وَقَوْلُهُ: " وَلَوْ فِي اعْتِقَادِ الْمَدْعُوِّ فَقَطْ " وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي السِّيَرِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الَّذِي يُنْكِرُ بِاعْتِقَادِ الْفَاعِلِ تَحْرِيمَهُ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي وُجُوبِ الْحُضُورِ وَوُجُوبُهُ مَعَ وُجُودِ مُحَرَّمٍ فِي اعْتِقَادِهِ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِ فَسَقَطَ وُجُوبُ الْحُضُورِ لِذَلِكَ، وَأَمَّا الْإِنْكَارُ فَفِيهِ إضْرَارٌ بِالْفَاعِلِ وَلَا يَجُوزُ إضْرَارُهُ إلَّا إذَا اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَقَدَ الْمُنْكِرُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يُعَامَلُ بِقَضِيَّةِ اعْتِقَادِ غَيْرِهِ. اهـ. حَجّ. اهـ. س ل.

قَوْلُهُ: (وَالضَّرْبُ بِالْمَلَاهِي) أَيْ آلَةِ لَهْوٍ يَسْمَعُهَا أَوْ يَعْلَمُ أَنَّهَا تُضْرَبُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِمَحَلِّ حُضُورِهِ بِأَنْ كَانَتْ بِبَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>