غَسْلُ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ وَمِنْ الْحَلْقِ وَمِنْ تَحْتِ الْحَنَكِ وَمِنْ الْأُذُنَيْنِ وَمِنْ الْوَجْهِ الْبَيَاضِ الَّذِي بَيْنَ الْعِذَارِ وَالْأُذُنِ لِدُخُولِهِ فِي حَدِّهِ وَمَا ظَهَرَ مِنْ حُمْرَةِ الشَّفَتَيْنِ وَمِنْ الْأَنْفِ بِالْجَدْعِ. وَيَجِبُ غَسْلُ كُلِّ هُدْبٍ وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى أَجْفَانِ الْعَيْنِ، وَحَاجِبٍ وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى أَعْلَى الْعَيْنِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْجُبُ عَنْ الْعَيْنِ شُعَاعَ الشَّمْسِ، وَعِذَارٍ وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنِ بَيْنَ الصُّدْغِ وَالْعَارِضِ؛ وَشَارِبٍ وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الشَّفَةِ الْعُلْيَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمُلَاقَاتِهِ فَمَ الْإِنْسَانِ عِنْدَ الشُّرْبِ وَشَعْرٍ نَابِتٍ عَلَى الْخَدِّ وَعَنْفَقَةٍ وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الشَّفَةِ السُّفْلَى أَيْ يَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَإِنْ كَثُفَ الشَّعْرُ؛ لِأَنَّ كَثَافَتَهُ نَادِرَةٌ فَأُلْحِقَ بِالْغَالِبِ.
وَاللِّحْيَةُ مِنْ الرَّجُلِ وَهِيَ بِكَسْرِ اللَّامِ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِي غَسْلِهِ) أَيْ مَعَ غَسْلِهِ فَفِي بِمَعْنَى مَعَ.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ غَسْلُ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ) إلَّا إذَا سَقَطَ غَسْلُ الْوَجْهِ. قَالَ ع ش: وَلَوْ سَقَطَ غَسْلُ الْوَجْهِ مَثَلًا لَمْ يَجِبْ غَسْلُ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ الْمَتْبُوعُ سَقَطَ التَّابِعُ. اهـ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْوَجْهِ الْبَيَاضُ إلَخْ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْأَنْفِ بِالْجَدْعِ) هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْقَطْعُ وَالْمُرَادُ مَا بَاشَرَتْهُ السِّكِّينُ بِالْقَطْعِ لَا مَا كَانَ مَسْتُورًا بِالْأَنْفِ لِئَلَّا يُنَافِيَ قَوْلَهُ السَّابِقَ، وَخَرَجَ بِظَاهِرِ بَاطِنِ الْأَنْفُ وَالْفَمُ وَالْعَيْنُ، وَإِنْ انْفَتَحَا بِقَطْعِ جَفْنٍ أَوْ شَفَةٍ إذًا لَا فَرْقَ بَيْنَ بَاطِنِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ إذَا قُطِعَ سَاتِرُهُمَا وَلَوْ اتَّخَذَ لَهُ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ وَالْتَحَمَ وَجَبَ غَسْلُهُ، كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْ أَنْفِهِ بِالْقَطْعِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ لِلْعُذْرِ فَصَارَ الْأَنْفُ الْمَذْكُورُ فِي حَقِّهِ كَالْأَصْلِيِّ. م ر. وَهَلْ تَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَهُ أَمْ لَا؟ . قَالَ بِالْأَوَّلِ ق ل، وَبِالثَّانِي س ل. وَقَوْلُ م ر وَجَبَ غَسْلُهُ أَيْ يَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ غَسْلِ مَا فِي مَحَلِّ الِالْتِحَامِ؛ لِأَنَّهُ الْبَدَلُ دُونَ مَا زَادَ. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَيَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ نَحْوِ أَنْفٍ مِنْ نَقْدٍ الْتَحَمَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ حُكْمُ الْوَجْهِ، وَتَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَهُ وَلَا يُنْقَضُ لَمْسُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَشَرَةِ وَإِنْ أُعْطِيَ حُكْمَهَا. اهـ.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ غَسْلُ كُلِّ هُدْبٍ إلَخْ) ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ الثَّانِي غَسْلُ الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَجْزَاءٌ لِلْوَجْهِ اهـ ع ش. وَقَوْلُهُ: (كُلِّ هُدْبٍ) هُوَ بِضَمِّ الْهَاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَبِضَمِّهِمَا وَفَتْحِهِمَا مَعًا ش م ر. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ بِجَمِيعِ اللُّغَاتِ جَمْعٌ مُفْرَدُهُ هُدْبَةٌ، وَجَمْعُ الْجَمْعِ أَهْدَابٌ، وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى أَشْفَارِ الْعَيْنَيْنِ، وَالْأَشْفَارُ جَمْعُ شَفْرٍ بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْفَاءِ كَفَلْسٍ جَفْنُ الْعَيْنِ أَمَّا بِضَمِّ الشِّينِ فَحَرْفُ الْفَرْجِ أَقُولُ لَيْسَ جَمْعًا بَلْ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ بِالتَّاءِ.
قَوْلُهُ: (النَّابِتُ عَلَى أَجْفَانِ الْعَيْنِ) خَرَجَ بِهِ النَّابِتُ فِي الْعَيْنِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ، وَإِنْ طَالَ جِدًّا ع ش.
قَوْلُهُ: (وَعِذَارٍ إلَخْ) وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَنْبُتُ لِلْأَمْرَدِ غَالِبًا وَسِبَالٍ وَهُوَ مَا طَالَ مِنْ الشَّارِبِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (وَشَارِبٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ السِّبَالَيْنِ بِكَسْرِ السِّينِ وَضَمِّهَا فَأَدْرَجَهُمَا فِي الشَّارِبِ، فَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُمَا.
قَوْلُهُ: (لِمُلَاقَاتِهِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لِمُلَاقَاتِهِ لِلْمَاءِ عِنْدَ الشُّرْبِ إذْ الشَّارِبُ مُلَاقٍ لِلْفَمِ دَائِمًا. قَوْلُهُ: (أَيْ يَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ. وَقَوْلُهُ: (ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ.
قَوْلُهُ: (ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا وَإِنْ كَثُفَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حَدِّهِ بِدَلِيلِ قَوْلِ م ر. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ شُعُورَ الْوَجْهِ إنْ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَدِّهِ وَكَانَتْ نَادِرَةَ الْكَثَافَةِ كَالْهُدْبِ وَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ وَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى، فَيَجِبُ غَسْلُهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا خَفَّتْ أَوْ كَثُفَتْ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّهِ وَكَانَتْ كَثِيفَةً وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا فَقَطْ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى، وَإِنْ خَفَّتْ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا أَوْ غَيْرَ نَادِرَةِ الْكَثَافَةِ وَهِيَ لِحْيَةُ الذَّكَرِ وَعَارَضَاهُ، فَإِنْ خَفَّتْ بِأَنْ تُرَى الْبَشَرَةُ مِنْ تَحْتِهَا فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ، وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا مُطْلَقًا، وَإِنْ كَثُفَتْ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا فَقَطْ مُطْلَقًا، فَإِنْ خَفَّ بَعْضُهَا وَكَثُفَ بَعْضُهَا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ إنْ تَمَيَّزَ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ إفْرَادُهُ بِالْغَسْلِ كَأَنْ كَانَ الْكَثِيفُ مُتَفَرِّقًا بَيْنَ أَجْزَاءِ الْخَفِيفِ وَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ، وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ مَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ فَاحْذَرْهُ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ الْإِيهَامِ.