بِضِدِّ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: مُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَأَمَّا مَوْضِعُ التَّحْذِيفِ فَمِنْ الرَّأْسِ لِاتِّصَالِ شَعْرِهِ بِشَعْرِ الرَّأْسِ وَهُوَ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ الْخَفِيفُ بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْعِذَارِ وَالنَّزَعَةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ وَالْأَشْرَافَ يَحْذِفُونَ الشَّعْرَ عَنْهُ لِيَتَّسِعَ الْوَجْهُ.
وَضَابِطُهُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَنْ يَضَعَ طَرَفَ خَيْطٍ عَلَى رَأْسِ الْأُذُنِ، وَالطَّرَفَ الثَّانِيَ عَلَى أَعْلَى الْجَبْهَةِ، وَيُفْرَضُ هَذَا الْخَيْطُ مُسْتَقِيمًا فَمَا نَزَلَ عَنْهُ إلَى جَانِبِ الْوَجْهِ فَهُوَ مَوْضِعُ التَّحْذِيفِ، وَمِنْ الرَّأْسِ أَيْضًا النَّزَعَتَانِ وَهُمَا بَيَاضَانِ يَكْتَنِفَانِ النَّاصِيَةَ وَهُوَ مُقَدَّمُ الرَّأْسِ مِنْ أَعْلَى الْجَبِينِ وَالصُّدْغَانِ وَهُمَا فَوْقَ الْأُذُنَيْنِ مُتَّصِلَانِ بِالْعِذَارَيْنِ لِدُخُولِهِمَا فِي تَدْوِيرِ الرَّأْسِ، وَيُسَنُّ غَسْلُ مَوْضِعِ الصَّلَعِ وَالتَّحْذِيفِ وَالنَّزَعَتَيْنِ وَالصُّدْغَيْنِ مَعَ الْوَجْهِ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا فِي غَسْلِهِ وَيَجِبُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
ضِدُّ الذَّكَاءِ وَالْجُبْنُ ضِدُّ الشُّجَاعَةِ الَّتِي هِيَ الْإِقْدَامُ عَلَى الْمَخَاوِفِ فَالْجَبَانُ هُوَ الَّذِي يَخَافُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا يَقْدُمُ عَلَى الْمَخَاوِفِ قَالَ بَعْضُهُمْ
فِي الْجُبْنِ عَارٌ وَفِي الْإِقْدَامِ مَكْرُمَةٌ ... وَالْمَرْءُ بِالْجُبْنِ لَا يَنْجُو مِنْ الْقَدَرِ.
قَوْلُهُ: (وَالنَّزَعُ بِضِدِّ ذَلِكَ) قَالَ الشَّاعِرُ:
أَقَلِّيّ عَلَيَّ النُّوحَ وَارْعَيْ لِمَنْ رَعَى ... وَلَا تَجْزَعِي مِمَّا أَصَابَ وَأَوْجَعَا
وَلَا تَنْكِحِي إنْ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنَا ... أَغَمَّ الْقَفَا وَالْوَجْهُ لَيْسَ بِأَنْزَعَا.
قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ قَوْلُهُ وَتَحْتَ مُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَزِدْت تَحْتَ لِيَدْخُلَ مُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ. اهـ.
قَوْلُهُ: (وَأَمَّا مَوْضِعُ التَّحْذِيفِ) مِنْ الْحَذْفِ وَهُوَ الْإِزَالَةُ وَالْعَامَّةُ تُبْدِلُ الذَّالَ بِالْفَاءِ. قَوْلُهُ: (الْعِذَارُ) بِذَالِ مُعْجَمَةٍ الشَّعْرُ النَّابِتُ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنِ أَيْ لِبَعْضِهَا بَيْنَ الصُّدْغِ وَالْعَارِضُ أَوَّلُ مَا يَنْبُتُ لِلْأَمْرَدِ غَالِبًا شَرَحَ م ر.
وَالْعَارِضُ مَا يَنْحَطُّ عَنْ الْأُذُنِ إلَى أَوَّلِ الْمُنْخَسِفِ مِنْ عَظْمِ اللِّحْيَةِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: هُوَ أَيْ الْعِذَارُ مَا يَنْبُتُ عَلَى الْعَظْمِ النَّاتِئِ فَوْقَ الْعَارِضِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَشْرَافَ) أَيْ الْأَكَابِرَ لَا خُصُوصَ أَوْلَادِ فَاطِمَةَ، فَالْمُرَادُ بِالْأَشْرَافِ مَنْ لَهُ وَجَاهَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيفًا.
قَوْلُهُ: (عَلَى رَأْسِ الْأُذُنِ) وَرَأْسُهَا هُوَ أَصْلُهَا الَّذِي يَعْلُوهُ بَيَاضٌ مَسْتُورٌ بِالْمُرْتَفِعِ مِنْهَا فَهُوَ فَوْقَ الْوَتَدِ قَرِيبٌ مِنْهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَاصِلٌ إلَّا الْجُزْءَ الْمُنْخَفِضَ فَالْجُزْءُ الَّذِي فَوْقَ هَذَا الْمُنْخَفِضِ هُوَ الْمُسَمَّى بِرَأْسِ الْأُذُنِ كَمَا قَالَهُ ع ش وَعِبَارَةُ اج قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْمُرَادُ بِرَأْسِ الْأُذُنِ الْجُزْءُ الْمُحَاذِي لِأَعْلَى الْعِذَارِ قَرِيبًا مِنْ الْوَتَدِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَعْلَى الْأُذُنِ مِنْ جِهَةِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحَاذِيًا لِمَبْدَأِ الْعِذَارِ. اهـ.
وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ مَوْضِعُ التَّحْذِيفِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مِنْ الْوَجْهِ لَا مِنْ الرَّأْسِ، كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ تَدَبَّرَ ذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ يُدْرَكُ بِالْمَحْسُوسِ، فَالْمُتَعَيَّنُ إبْقَاءُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى ظَاهِرِهِ، فَإِنَّهُ إذَا وَضَعَ الْخَيْطَ عَلَى أَعْلَى الْأُذُنِ كَانَ مَوْضِعُ التَّحْذِيفِ مِنْ الرَّأْسِ قَطْعًا. اهـ. وَعَلَى كَلَامِهِمَا يَكُونُ بَعْضُ التَّحْذِيفِ مِنْ الْوَجْهِ.
قَوْلُهُ: (وَيَفْرِضُ هَذَا الْخَيْطَ إلَخْ) اُنْظُرْ لِمَ عَبَّرَ بِالْفَرْضِ أَيْ التَّقْدِيرُ مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يُقَالَ وَيَجْعَلُ هَذَا الْخَيْطَ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (إلَى جَانِبِ الْوَجْهِ) أَيْ مِنْ الْمُلَاصِقِ لِلنَّزَعَةِ. قَوْلُهُ: (النَّزَعَتَانِ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ النَّاصِيَةُ وَذَكَرَهُ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ وَهُوَ قَوْلُهُ مُقَدَّمُ، وَيَجُوزُ تَأْنِيثُهُ أَيْضًا، وَالتَّذْكِيرُ هُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَوْلَى مُرَاعَاةُ الْخَبَرِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ أَعْلَى الْجَبِينِ) حَالٌ مِنْ مُقَدَّمٍ. قَوْلُهُ: (وَالصُّدْغَانِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَالنَّزَعَتَانِ أَيْ وَمِنْ الرَّأْسِ أَيْضًا الصُّدْغَانِ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ سم بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَا انْحَطَّ عَنْ مَنْبَتِ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ وَبَعْضُ الصُّدْغِ مُنْحَطٌّ عَنْ مُحَاذَاتِهِمَا قَطْعًا، فَيَكُونُ مِنْ الْوَجْهِ لَا مِنْ الرَّأْسِ. قَالَ الْمَرْحُومِيُّ، قَالَ الشِّهَابُ الصُّدْغُ مَا بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَهُمَا فَوْقَ الْأُذُنِ) أَيْ مُلَاقِيَانِ لِلْأُذُنَيْنِ وَمُحَاذِيَانِ لَهُمَا لَا مُطْلَقُ الْفَوْقِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ وَسَطَ الرَّأْسِ. وَقَوْلُهُ: