يَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ قَطْعًا، وَإِنْ انْفَتِحَا بِقَطْعِ جَفْنٍ أَوْ شَفَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ، وَلَا يُشْكَلُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ سَلَخَ جَلْدَةَ الْوَجْهِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ مَحَلِّ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فَكَانَ بَدَلًا، بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ غَسْلُهُ قَبْلَ إزَالَةِ مَا ذُكِرَ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ بَعْدَ إزَالَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ
وَلَا يُسَنُّ غَسْلُ دَاخِلِ الْعَيْنِ وَلَكِنْ يَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ إنْ تَنَجَّسَ وَالْفَرْقُ غِلَظُ النَّجَاسَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تُزَالُ عَنْ الشَّهِيدِ إذَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ دَمِ الشَّهَادَةِ، أَمَّا مَاقُ الْعَيْنِ فَيُغْسَلُ بِلَا خِلَافٍ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْمَحَلِّ الْوَاجِبِ كَالرَّصَاصِ وَجَبَتْ إزَالَتُهُ، وَغَسْلُ مَا تَحْتَهُ، وَبِمَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ الْأَصْلَعِ وَهُوَ مَنْ انْحَسَرَ الشَّعْرُ عَنْ نَاصِيَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُمَا، وَدَخَلَ مَوْضِعُ الْغَمَمِ فَإِنَّهُ مِنْ الْوَجْهِ لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهِ وَهُوَ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ مِنْ الْجَبْهَةِ وَالْغَمَمُ أَنْ يَسِيلَ الشَّعْرُ حَتَّى تَضِيقَ الْجَبْهَةُ وَالْقَفَا يُقَالُ رَجُلٌ أَغَمُّ وَامْرَأَةٌ غَمَّاءُ وَالْعَرَبُ تَذُمُّ بِهِ وَتَمْدَحُ بِالنَّزَعِ لِأَنَّ الْغَمَمَ يَدُلُّ عَلَى الْبَلَادَةِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَالنَّزَعُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ كَمَا فِي إشَارَاتِ ابْنِ الْمُلَقِّنِ. قَالَ اج: وَلَوْ تَأَخَّرَتْ أُذُنَاهُ عَنْ مَحَلِّهِمَا أَوْ تَقَدَّمَتَا لَا يَجِبُ غَسْلُ الْوَجْهِ إلَيْهِمَا فِي الْأُولَى وَيَجِبُ غَسْلُهُمَا فِي الثَّانِيَةِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَالُوهُ فِي الْمَرْفِقَيْنِ وَالْكَعْبِ وَالْحَشَفَةِ حَيْثُ أَنَاطُوا الْحُكْمَ بِهَا، وَلَوْ خَرَجَتْ عَنْ حَيِّزِ الِاعْتِدَالِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا غَسْلُ مَا تَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ فَأَنَاطُوا الْحُكْمَ بِهِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا لِخِلَافِهَا، وَأَمَّا الْمَرْفِقَانِ وَالْكَعْبَانِ وَالْحَشَفَةُ فَإِنَّ الْحُكْمَ مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْهَا فَاعْتُبِرَ. اهـ اج.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْوَجْهَ) تَعْلِيلٌ لِتَحْدِيدِ الْوَجْهِ بِمَا ذُكِرَ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ؛ لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا الْوَجْهُ تَقَعُ بِذَلِكَ، فَقَوْلُهُ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا الْوَجْهُ أَيْ الَّتِي هِيَ سَبَبٌ فِي تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ لَا بِمَعْنَى الِاشْتِقَاقِ النَّحْوِيِّ، فَلَا حَاجَةَ لِمَا شَنَّعَ بِهِ بَعْضُهُمْ هُنَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (دَاخِلَ الْأَنْفِ وَالْفَمِ) أَيْ الدَّاخِلُ أَصَالَةً وَهُوَ الْفُرْجَةُ فِي الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَبَاطِنِ الْعَيْنِ، وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ انْفَتَحَا) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا مَحَلُّ الْقَطْعِ فَيَجِبُ غَسْلُهُ.
قَوْلُهُ: (لَا يَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ) بَلْ وَلَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُ بَاطِنِ الْعَيْنِ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِكَرَاهَتِهِ لِضَرَرِهِ إنْ تَوَهَّمَ الضَّرَرَ، وَمُقْتَضَاهُ الْحُرْمَةُ إنْ تَحَقَّقَ الضَّرَرُ. اهـ طَبَلَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ انْفَتَحَا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ انْفَتَحَتْ لِيَشْمَلَ الْأَنْفَ أَيْ وَكَأَنْ يَزِيدَ أَوْ أَرْنَبَةً بِالنِّسْبَةِ لِلْأَنْفِ، أَوْ يَقُولُ وَإِنْ انْفَتَحَ أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الثَّلَاثَةِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ انْفَتَحَتْ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ لَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ أَوْ أَرْنَبَةً بِالنِّسْبَةِ لِلْأَنْفِ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ. وَعَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي فِيهَا وَإِنْ انْفَتَحَا يُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ انْفَتَحَتْ أَيْ: الْأَنْفُ وَالْفَمُ وَالْعَيْنُ؛ لِأَنَّ الْأَنْفَ مَفْتُوحٌ أَبَدًا فَالضَّمِيرُ لِلْفَمِ وَالْعَيْنِ فَقَطْ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ وُجُوبِ غَسْلِ مَحَلِّ انْفِتَاحِ الشَّفَةِ وَمَا مَعَهَا. قَوْلُهُ: (فَكَانَ بَدَلًا) قَدْ يُقَالُ بَاطِنُ الْأَنْفِ وَالْفَمِ وَالْعَيْنِ بَدَلٌ عَنْ ظَاهِرِهَا أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ غَسْلُهُ) وَلَمْ يُوجِبُوهُ فَعَدَمُ إيجَابِهِمْ لِغَسْلِهِ قَبْلَ الْإِزَالَةِ مَعَ إمْكَانِهِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ بَعْدَهَا.
قَوْلُهُ: (مَاقُ الْعَيْنِ) الْمَاقُ لُغَةً فِي الْمُوقِ وَهُوَ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَيَجُوزُ التَّخْفِيفُ وَقِيلَ الْمُوقُ الْمُؤْخِرُ وَالَمَاقُ بِالْأَلِفِ الْمُقَدَّمُ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ أَجْمَعَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ الْمُوقَ وَالَمَاقَ لُغَتَانِ بِمَعْنَى الْمُؤَخَّرِ وَهُوَ مَا يَلِي الصُّدْغَ اهـ اج وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ مُوقُ الْعَيْنِ طَرَفُهَا مِمَّا يَلِي الْأَنْفَ وَاللِّحَاظُ طَرَفُهَا مِمَّا يَلِي الْأُذُنَ وَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَبِكَسْرِهَا مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمُلَاحَظَةِ اهـ مَرْحُومِيٌّ قَوْلُهُ مَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ أَيْ إلَّا عُقَدًا فِي الشَّعْرِ تَعَقَّدَ بِنَفْسِهِ فَيُعْفَى عَنْهُ وَمِثْلُهُ مَنْ اُبْتُلِيَ بِنَحْوِ طَبُوعٍ لَصِقَ بِأُصُولِ شَعْرِهِ حَتَّى مَنَعَ وُصُولَ الْمَاءِ إلَيْهَا وَلَمْ تُمْكِنْهُ إزَالَتُهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ وُجُوبُ حَلْقِهِ حَيْثُ لَا مُثْلَةَ وَإِلَّا فَيُعْفَى عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ قَالَ يَتَيَمَّمُ عَنْهُ. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ كَالرِّمَاصِ الَّذِي فِي الْمِصْبَاحِ وَالصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ الرَّمَصُ بِالتَّحْرِيكِ أَيْ بِلَا أَلِفٍ وَسَخٌ يَجْتَمِعُ فِي الْمُوقِ. قَوْلُهُ: (وَبِمَنَابِتِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبِمَا بَيْنَ مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ إلَخْ. وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِظَاهِرٍ.
قَوْلُهُ: (الْأَصْلَعِ) أَيْ خَرَجَ مَحَلُّ الصَّلَعِ، فَالْمُرَادُ خَرَجَ الْأَصْلَعُ مِنْ حَيْثُ مَحَلُّ الصَّلَعِ أَيْ خَرَجَ عَنْ الْوَجْهِ.
قَوْلُهُ: (وَالْقَفَا) هُوَ مَقْصُورٌ ذُكِرَ لِبَيَانِ مَعْنَى الْغَمَمِ لُغَةً ق ل. أَيْ فَلَا يَعْتَرِض عَلَيْهِ بِأَنَّ الْقَفَا لَيْسَ مَحَلَّ غَسْلٍ هُنَا. وَأَمَّا مَعْنَى الْغَمَمِ شَرْعًا فَهُوَ الشَّعْرُ الَّذِي عَلَى الْجَبْهَةِ خَاصَّة كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ. وَالْقَفَا يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَجَمْعُهُ أَقْفَاءُ وَأَقْفٌ وَأَقْفِيَةٌ وَقُفِيٌّ بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْفَاءِ. اهـ. نَوَوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (بِالنَّزَعِ) بِفَتْحِ الزَّايِ أَيْ بِالنَّزَعَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِيمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (الْبَلَادَةِ)