للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْغَسْلِ الِانْغِسَالُ، سَوَاءٌ كَانَ بِفِعْلِ الْمُتَوَضِّئِ أَمْ بِغَيْرِهِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ.

وَحَدُّ الْوَجْهِ طُولًا مَا بَيْنَ مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ وَتَحْتِ مُنْتَهَى لَحْيَيْهِ وَهُمَا بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمَشْهُورِ الْعَظْمَاتُ اللَّذَانِ تَنْبُتُ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى وَعَرْضًا مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ لِأَنَّ الْوَجْهَ مَا تَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ وَهِيَ تَقَعُ بِذَلِكَ، وَخَرَجَ بِظَاهِرٍ دَاخِلُ الْأَنْفِ وَالْفَمِ وَالْعَيْنِ فَإِنَّهُ لَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

شُيُوخِنَا: وَمِثْلُ الْكُحْلِ التُّرَابُ دُونَ غَيْرِهِ كَحِبْرٍ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِي الِاحْتِرَازِ عَنْهُ. اهـ. قُلْت: قَضِيَّةُ تَشْبِيهِ التُّرَابِ بِالْكُحْلِ أَنَّ اعْتِبَارَ عَدَمِ الضَّرَرِ فِي مُقَيَّدٍ بِالِابْتِلَاءِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَبَقَ فِي الْمِيَاهِ أَنَّ التُّرَابَ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا إلَّا إذَا صَارَ الْمَاءُ يُسَمَّى طِينًا. اهـ اج.

قَوْلُهُ: (وَالتُّرَابِ) أَيْ إذَا كَانَ عَلَى الْوَجْهِ وَغَيَّرَ الْمَاءَ عِنْدَ غَسْلِهِ. قَوْله: (كُلِّ) زَادَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الِاكْتِفَاءِ بِغَسْلِ الْبَعْضِ الْمُحْتَمِلِ لَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، هَذَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ لَفْظَ كُلِّ مِنْ أَلْفَاظِ التَّأْكِيدِ، وَأَنَّهُ يُؤَكَّدُ بِهِ مَا يَتَجَزَّأُ بِنَفْسِهِ كَالْجَيْشِ أَوْ بِعَامِلِهِ كَالْعَبْدِ فِي نَحْوِ: اشْتَرَيْت الْعَبْدَ كُلَّهُ وَمَا هُنَا مِنْ الثَّانِي اهـ. ع ش. قَوْلُهُ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] إلَخْ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ} [المائدة: ٦] إلَخْ. قَالَ بَعْضُهُمْ: دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى سَبْعَةِ أُصُولٍ كُلِّهَا مَثْنًى طَهَارَتَانِ: الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ، وَمُطَهِّرَانِ: الْمَاءُ وَالتُّرَابُ، وَحُكْمَانِ: الْمَسْحُ وَالْغُسْلُ، وَمُوجِبَانِ: الْحَدَثُ وَالْجَنَابَةُ، وَمُبِيحَانِ: الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ، وَكِنَايَتَانِ: الْغَائِطُ وَالْمُلَامَسَةُ، وَكَرَامَتَانِ: تَطْهِيرُ الذُّنُوبِ وَإِتْمَامُ النِّعْمَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَاسْتُشْكِلَ: كَيْفَ صَحَّ الِاسْتِدْلَال بِهَا مَعَ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ أَيْ الْوُضُوءُ شُرِعَ بِمَكَّةَ؟ وَأُجِيبَ: بِأَنَّهَا نَزَلَتْ مُقَرِّرَةً لِمَا عَلَّمَهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ بِمَكَّةَ فَلَا إشْكَالَ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِالْغَسْلِ الِانْغِسَالُ) وَلَوْ بِغَسْلِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ أَوْ سُقُوطِهِ فِي نَحْوِ نَهْرٍ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلنِّيَّةِ فِيهِمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِفِعْلِهِ كَتَعَرُّضِهِ لِلْمَطَرِ وَمَشْيِهِ فِي الْمَاءِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ أَيْ تَذَكُّرُ النِّيَّةِ اكْتِفَاءً بِالْأُولَى اهـ. ز ي. قَوْلُهُ: (أَمْ بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ فِعْلِ الْمُتَوَضِّئِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ بِأَنْ كَانَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلٍ أَصْلًا كَأَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْمَطَرُ. وَقَوْلُهُ: (وَكَذَا الْحُكْمُ) أَيْ الْمُرَادُ بِالْغَسْلِ الِانْغِسَالُ فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ أَيْ بَاقِيهَا. وَفِيهِ أَنَّ بَاقِيَهَا شَامِلٌ لِلرَّأْسِ، فَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِالْغَسْلِ مَا يَشْمَلُ الْمَسْحَ أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْمَسْحِ فِي الرَّأْسِ الِانْمِسَاحُ فَتَأَمَّلْ. .

قَوْلُهُ: (طُولًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمُضَافِ، وَالْأَصْلُ وَحَدُّ طُولِ الْوَجْهِ إلَخْ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ عَرْضًا قَوْلُهُ مَا بَيْنَ مَنَابِتِ إلَخْ الْمَنَابِتُ جَمْعُ مَنْبِتٍ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِهَا كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَفِي الْقَامُوسِ مَنْبِتٌ كَمَجْلِسٍ مَوْضِعُهُ أَيْ النَّبَاتُ شَاذٌّ وَالْقِيَاسُ كَمَقْعَدٍ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ نَبَتَ يَنْبُتُ بِالضَّمِّ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَصْدَرُهُ عَلَى وَزْنِ مَفْعَلٍ بِالْفَتْحِ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش عَلَى م ر وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَا بَيْنَ مَنَابِتِ أَيْ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَنْبُتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ الْمَذْكُورُ، فَلِذَلِكَ اسْتَغْنَى الشَّارِحُ عَنْ زِيَادَةِ بَعْضِهِمْ غَالِبًا؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا إذَا أُرِيدَ النَّابِتُ بِالْفِعْلِ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُرِيدَ مَا مِنْ شَأْنِهِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ.

قَوْلُهُ: (شَعْرِ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ فَيُجْمَعُ عَلَى شُعُورٍ كَفَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَبِفَتْحِهَا فَيُجْمَعُ عَلَى أَشْعَارٍ كَسَبَبٍ وَأَسْبَابٍ، وَهُوَ مُذَكَّرٌ الْوَاحِدَةُ شَعْرَةٌ، وَإِنَّمَا جُمِعَ الشَّعْرُ تَشْبِيهًا لِاسْمِ الْجِنْسِ بِالْمُفْرَدِ مُنَاوِيٌّ عَلَى الشَّمَائِلِ. قَوْلُهُ: (وَتَحْتِ مُنْتَهَى) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَنَابِتِ أَيْ وَهُوَ مَا بَيْنَ رَأْسِهِ وَمَا تَحْتَ إلَخْ. فَالْمُنْتَهَى دَاخِلٌ فِي الْوَجْهِ، أَمَّا لَوْ قَالَ مَا بَيْنَ مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ. وَالْمُنْتَهَى أَيْ وَبَيْنَ الْمُنْتَهَى بِدُونِ تَحْتَ لَأَفَادَ أَنَّ الْمُنْتَهَى خَارِجٌ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ دُخُولُهُ. قَوْلُهُ: (وَعَرْضًا مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ) تَثْنِيَةُ أُذُنٍ بِضَمِّ الذَّالِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا تَخْفِيفًا وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ عَلَى فُعُلٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ وَيَجُوزُ إسْكَانُ ثَانِيهِ كَعُنُقٍ وَكُتُبٍ وَرُسُلٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ مِنْ الْأَذَنِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالذَّالِ وَهُوَ الِاسْتِمَاعُ وَتَصْغِيرُهَا أُذَيْنَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>