للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلِابْتِدَاءِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عِنْدَ عَدَمِ رِضَاهُنَّ تَحَرُّزًا عَنْ التَّرْجِيحِ مَعَ اسْتِوَائِهِنَّ فِي الْحَقِّ، فَيَبْدَأُ بِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا فَإِذَا مَضَتْ نَوْبَتُهَا أَقْرَعَ بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ، ثُمَّ بَيْنَ الْأَخِيرَتَيْنِ؛ فَإِذَا تَمَّتْ النَّوْبَةُ رَاعَى التَّرْتِيبَ. وَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَةِ الْقُرْعَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَدَأَ بِلَا قُرْعَةٍ فَإِنَّهُ يَقْرَعُ بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ فَإِذَا تَمَّتْ النَّوْبَةُ أَقْرَعَ لِلِابْتِدَاءِ.

(وَإِذَا أَرَادَ) الزَّوْجُ (السَّفَرَ) لِنَقْلَةِ وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَصْحِبَ بَعْضَهُنَّ دُونَ بَعْضٍ وَلَوْ بِقُرْعَةٍ، فَإِنْ سَافَرَ بِبَعْضِهِنَّ وَلَوْ بِقُرْعَةٍ قَضَى لِلْمُتَخَلِّفَاتِ، وَلَوْ نَقَلَ بَعْضَهُنَّ بِنَفْسِهِ وَبَعْضَهُنَّ بِوَكِيلِهِ قَضَى لِمَنْ مَعَ الْوَكِيلِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَهُنَّ بَلْ يَنْقُلَهُنَّ أَوْ يُطَلِّقَهُنَّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ قَطْعِ أَطْمَاعِهِنَّ مِنْ الْوِقَاعِ، فَأَشْبَهَ الْإِيلَاءَ بِخِلَافِ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الدُّخُولِ إلَيْهِنَّ وَهُوَ حَاضِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ رَجَاؤُهُنَّ. وَفِي بَاقِي الْأَسْفَارِ الطَّوِيلَةِ أَوْ الْقَصِيرَةِ الْمُبَاحَةِ إذَا أَرَادَ اسْتِصْحَابَ بَعْضِهِنَّ. (أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ) وُجُوبًا كَمَا اقْتَضَاهُ إيرَادُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عِنْدَ تَنَازُعِهِنَّ. (وَخَرَجَ بِاَلَّتِي تَخْرُجُ عَلَيْهَا) سَهْمُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْحَاصِلُ أَنَّ الزَّوْجَاتِ إنْ كُنَّ أَرْبَعًا وَجَبَ ثَلَاثُ قُرَعٍ؛ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ تَتَعَيَّنُ، وَإِنْ كُنَّ ثَلَاثًا وَجَبَ قُرْعَتَانِ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَةَ تَتَعَيَّنُ، وَإِنْ كُنَّ اثْنَتَيْنِ وَجَبَتْ وَاحِدَةٌ زي. وَلَهُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِقُرْعَةٍ وَاحِدَةٍ لَهُنَّ بِأَنْ يَكْتُبَ أَسْمَاءَ النِّسَاءِ كُلَّهُنَّ وَيُخْرِجَهَا عَلَى اللَّيَالِيِ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَةِ الْقُرْعَةِ ظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ إعَادَتَهَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا خَرَجَتْ مُخَالِفَةً لِلْقُرْعَةِ الْأُولَى.

قَوْلُهُ: (أَقْرَعَ لِلِابْتِدَاءِ) وَكَذَا لِلْبَاقِي كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَعِبَارَتُهُ: فَإِذَا تَمَّتْ النُّوَبُ أَعَادَ الْقُرْعَةَ لِلْجَمِيعِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالنُّوَبِ دُونَ النَّوْبَةِ.

قَوْلُهُ: (لِنَقْلَةِ) هَذِهِ دَخِيلَةٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. ق ل قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: فَلَوْ غَيَّرَ نِيَّةَ النَّقْلَةِ بِنِيَّةِ السَّفَرِ لِغَيْرِهَا فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَضَاءُ وَالْإِثْمُ بِذَلِكَ أَوْ يَسْتَمِرُّ حُكْمُهُمَا إلَى أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْبَاقِيَاتِ؟ وَجْهَانِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: نَصُّ الْأُمِّ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالثَّانِي اهـ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ إلَخْ) الْمَسْأَلَةُ لَهَا خَمْسَةُ أَحْوَالٍ يَحْرُمُ فِي اثْنَيْنِ مِنْهَا، وَهُمَا أَنْ يَسْتَصْحِبَ بَعْضَهُنَّ وَيُبْقِيَ بَعْضَهُنَّ عَلَى عِصْمَتِهِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ أَوْ يَتْرُكَ الْجَمِيعَ، وَيَحِلُّ فِيمَا إذَا اسْتَصْحَبَ الْكُلَّ أَوْ طَلَّقَ الْكُلَّ أَوْ اسْتَصْحَبَ بَعْضًا وَطَلَّقَ بَعْضًا.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ سَافَرَ بِبَعْضِهِنَّ) أَيْ لِنَقْلَةٍ.

قَوْلُهُ: (قَضَى لِلْمُتَخَلِّفَاتِ) أَيْ مِنْ نَوْبَةِ الَّتِي اسْتَصْحَبَهَا. نَعَمْ لَوْ عَجَزَ عَنْ اسْتِصْحَابِ جَمِيعِهِنَّ دَفْعَةً فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ اسْتِصْحَابُ بَعْضِهِنَّ أَوَّلًا بِالْقُرْعَةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُرْسِلُ لِأَخْذِ الْبَاقِي أَوْ يَأْخُذُهُنَّ م د عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (قَضَى لِمَنْ مَعَ الْوَكِيلِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ اسْتِصْحَابِهِ لِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مَحْرَمًا لَهَا أَوْ عَبْدًا لَهَا مَمْسُوحًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَهُنَّ) أَيْ بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ م د.

قَوْلُهُ: (بَلْ يَنْقُلُهُنَّ) أَيْ أَوْ يَنْقُلُ بَعْضًا وَيُطَلِّقُ بَعْضًا، فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُلَ بَعْضَهُنَّ بِنَفْسِهِ وَالْبَعْضَ الْآخَرَ بِوَكِيلِهِ إلَّا بِقُرْعَةٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ مَحْرَمًا لِمَنْ يَنْقُلُهَا وَإِلَّا فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ خ ض.

قَوْلُهُ: (أَوْ يُطَلِّقُهُنَّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ.

قَوْلُهُ: (لِمَا فِي ذَلِكَ) أَيْ تَرْكِهِنَّ، فَهَذَا عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَهُنَّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فَأَشْبَهَ الْإِيلَاءَ أَيْ فَكَانَ غَيْرَ جَائِزٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْوِقَاعِ) أَيْ الْجِمَاعِ.

قَوْلُهُ: (وَفِي بَاقِي الْأَسْفَارِ) الْبَاقِي هُوَ السَّفَرُ لِغَيْرِ نَقْلَةٍ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ إمَّا لِنَقْلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: (وَفِي بَاقِي الْأَسْفَارِ) أَيْ لَا لِنَقْلَةٍ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَقْرَعَ الَّذِي بَعْدَهُ فَهُوَ دُخُولٌ عَلَى الْمَتْنِ.

قَوْلُهُ: (الْمُبَاحَةِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ مُصَاحَبَةَ الْمُسَافِرَةِ رُخْصَةٌ وَهِيَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعْصِيَةِ. وَيَجِبُ عَلَيْهَا السَّفَرُ بِطَلَبِهِ كَرُكُوبِ بَحْرٍ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِيهِ إنْ أُمِنَ الطَّرِيقُ وَالْمَقْصِدُ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْهُ لِعِصْيَانِهِ بِهِ نُشُوزٌ؛؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْعُهَا لِلْمَعْصِيَةِ، بَلْ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: وَامْتِنَاعُ الْمَرْأَةِ مِنْ السَّفَرِ مَعَ الزَّوْجِ نُشُوزٌ وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ مَعْصِيَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْعُهَا لِمَعْصِيَةٍ بَلْ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ. وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْذُورَةً بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ كَشِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ لَا تُطِيقُ السَّفَرَ مَعَهُ، وَلَيْسَ مِنْهُ مُجَرَّدُ مُفَارَقَةِ أَهْلِهَا وَعَشِيرَتِهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (كَمَا اقْتَضَاهُ) أَيْ الْوُجُوبُ.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ تَنَازُعِهِنَّ) مُتَعَلِّقٌ بِأَقْرَعَ.

قَوْلُهُ: (بِاَلَّتِي تَخْرُجُ عَلَيْهَا) أَيْ لَهَا. قَوْلُهُ: (سَهْمٌ) فِي إقْحَامِ سَهْمٍ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ اللَّفْظِيِّ وَهُوَ مَعِيبٌ، عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرْعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>