للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَضَاءُ، أَمَّا مَنْ عِمَادُ قَسْمِهِ النَّهَارُ فَلَيْلُهُ كَنَهَارِ غَيْرِهِ وَنَهَارُهُ كَلَيْلِ غَيْرِهِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ. هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُقِيمِ، أَمَّا الْمُسَافِرُ فَعِمَادُ قَسْمِهِ وَقْتُ نُزُولِهِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا؛ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ.

تَنْبِيهٌ: أَقَلُّ نُوَبِ الْقَسْمِ لِمُقِيمٍ عَمَلُهُ نَهَارًا لَيْلَةٌ، وَلَا يَجُوزُ تَبْعِيضُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَشْوِيشِ الْعَيْشِ وَعُسْرِ ضَبْطِ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ، وَلَا بِلَيْلَةٍ وَبَعْضِ أُخْرَى. وَأَمَّا «طَوَافُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ» فَمَحْمُولٌ عَلَى رِضَاهُنَّ، أَمَّا الْمُسَافِرُ فَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ، وَأَمَّا مَنْ عِمَادُ قَسْمِهِ النَّهَارُ كَالْحَارِسِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَبْعِيضُهُ كَتَبْعِيضِ اللَّيْلِ مِمَّنْ يَقْسِمُ لَيْلًا وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِسُهُولَةِ الضَّبْطِ. وَالِاقْتِصَارُ عَلَى اللَّيْلَةِ أَفْضَلُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِيَقْرَبَ عَهْدُهُ بِهِنَّ، وَيَجُوزُ لَيْلَتَيْنِ وَثَلَاثًا بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى الْمُهَاجَرَةِ وَالْإِيحَاشِ لِلْبَاقِيَاتِ بِطُولِ الْمُقَامِ عِنْدَ الضَّرَّةِ، وَقَدْ يَمُوتُ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ فَيَفُوتُ حَقُّهُنَّ. وَتَجِبُ الْقُرْعَةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِلْبَاقِيَاتِ " أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَظْلُومَ بِسَبَبِهَا إذَا مَاتَتْ لَمْ يَبْقَ لَهَا حَقٌّ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْ حَقِّهَا لِغَيْرِهَا. وَبِمَا تَقَرَّرَ أَوَّلًا تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ الْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: فَلَوْ مَاتَتْ الْمَظْلُومُ بِحَذْفِ التَّاءِ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَهَا يُوهِمُ رُجُوعَ الضَّمِيرِ إلَى الْمَظْلُومَةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا؛ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي نَقْلًا عَنْ أج غَيْرُ ظَاهِرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ مَا قَالَهُ أج هُوَ الظَّاهِرُ، فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ بِسَبَبِهَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَلْجَأَ الْقَائِلَ إلَى مَا قَالَهُ.

قَوْلُهُ: (تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ رَدَّهَا، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا لِعِصْمَتِهِ وَلَوْ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ إذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ وَيَقْضِي لَهَا حَقَّهَا. وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَهُ حَاكِمٌ عَلَى الْعَقْدِ عَلَيْهِ صَحَّ مَعَ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ كَمَا قَالَهُ ح ل.

قَوْلُهُ: (أَمَّا مَنْ عِمَادُ قَسْمِهِ النَّهَارُ) هَذَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (وَقْتُ نُزُولِهِ) مَا لَمْ تَكُنْ خَلْوَتُهُ فِي سَيْرِهِ وَإِلَّا فَوَقْتُهَا هُوَ الْعِمَادُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنْ كَانَ فِي مِحَفَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَحَالَةُ النُّزُولِ يَكُونُ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي خَيْمَةٍ مَثَلًا وَعِمَادُ الْمَجْنُونِ وَقْتُ إفَاقَتِهِ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ.

قَوْلُهُ: (قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا) ظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِتَوْزِيعِ مَرَّاتِ النُّزُولِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ أَوْقَاتَ النُّزُولِ لَا تَنْضَبِطُ وَتَشُقُّ مُرَاعَاةُ التَّفَاوُتِ فَسُومِحَ فِيهِ، وَمَحَلُّهُ فِي نُزُولٍ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْقَسْمُ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُقِيمِ، أَمَّا نُزُولٌ يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ كَيَوْمَيْنِ بِلَيْلَتَيْهِمَا وَمَعَهُ زَوْجَتَانِ مَثَلًا فَيَجِبُ الْقَسْمُ بَيْنَهُمَا كَالْمُقِيمِ سم بِأَنْ يَجْعَلَ لِوَاحِدَةٍ لَيْلَةً مَعَ يَوْمٍ وَالْأُخْرَى كَذَلِكَ؛ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخُصَّ إحْدَاهُمَا بِجَمِيعِ هَذِهِ الْإِقَامَةِ وَيَجْعَلَ لِلْأُخْرَى وَقْتَ النُّزُولِ الْحَاصِلِ عَقِبَ السَّفَرِ عَنْ هَذِهِ الْإِقَامَةِ. اهـ. م ر سم.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ تَبْعِيضُهَا) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ. هَكَذَا فِي غَالِبِ النُّسَخِ، وَاَلَّذِي فِي بَعْضٍ آخَرَ بِبَعْضِهَا بِبَاءَيْنِ مُوَحَّدَتَيْنِ مَعَ كَسْرِ الْأُولَى، وَهِيَ أَنْسَبُ بِالْمَعْطُوفِ الْآتِي وَهُوَ قَوْلُهُ: " وَلَا بِلَيْلَةٍ وَبَعْضِ أُخْرَى " وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَا يَجُوزُ بِبَعْضِهَا.

قَوْلُهُ: (مِنْ تَشْوِيشِ الْعَيْشِ) ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ادَّعَتْ مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا أَنَّ وَقْتَهَا دَخَلَ قَبْلَ مَجِيئِهِ لَهَا فَيَحْصُلُ التَّشْوِيشُ الْمَذْكُورُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَلَا بِلَيْلَةٍ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ الْقَسْمُ بِلَيْلَةٍ وَبَعْضِ لَيْلَةٍ. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا طَوَافُهُ إلَخْ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَا يَجُوزُ تَبْعِيضُهَا.

قَوْلُهُ: (فَمَحْمُولٌ عَلَى رِضَاهُنَّ) بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْقَسْمِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَوْلُهُ: (فَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ) وَهُوَ أَنَّ أَقَلَّ نُوَبِ قَسْمِهِ وَقْتُ نُزُولِهِ، وَوَقْتُ الِارْتِحَالِ تَابِعٌ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الظَّاهِرُ) أَيْ عَدَمُ الْجَوَازِ.

قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ) أَفْهَمَ جَوَازَ الزِّيَادَةِ وَلَوْ مُشَاهَرَةً أَيْ شَهْرًا مَثَلًا، وَمُسَانَهَةً أَيْ سَنَةً مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ) فَإِذَا كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ فِي مِصْرَ يَبِيتُ عِنْدَهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ وَبَعْدَهَا يَبِيتُ فِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ مَثَلًا، وَإِذَا ذَهَبَ إلَى الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى يَمْكُثُ عِنْدَهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ وَبَعْدَهَا يَمْكُثُ فِي مَحَلٍّ مُعْتَزَلٍ عَنْهَا مُدَّةَ إقَامَتِهِ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَثُرَ السُّؤَالُ عَنْهُ أَنَّهُ مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ بِمَكَّةَ وَأُخْرَى بِمِصْرَ مَثَلًا فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ إحْدَاهُمَا أَزْيَدَ مِنْ ثَلَاثٍ، فَإِذَا بَاتَ ثَلَاثًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْأُخْرَى وَيَبِيتَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا؛ وَهَذَا الْحُكْمُ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى اهـ.

قَوْلُهُ: (إلَى الْمُهَاجَرَةِ) أَيْ الْهَجْرِ ضِدُّ الْوَصْلِ، فَالْمُفَاعَلَةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا وَالْإِيحَاشُ ضِدُّ الْأُنْسِ.

قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ الْقُرْعَةُ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>