للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتِمْتَاعٍ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ. وَخَرَجَ بِقَيْدِ النَّهَارِ اللَّيْلُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَوْ لِحَاجَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ ذَاتِ النَّوْبَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَرَضِهَا الْمَخُوفِ وَشِدَّةِ الطَّلْقِ وَخَوْفِ النَّهْبِ وَالْحَرِيقِ. ثُمَّ إنْ طَالَ مُكْثُهُ عُرْفًا قَضَى مِنْ نَوْبَةِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهَا مِثْلَ مُكْثِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ، فَإِنْ لَمْ يَطُلْ مُكْثُهُ لَمْ يَقْضِ لِقِلَّتِهِ، وَيَأْثَمُ مَنْ تَعَدَّى بِالدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ مُكْثُهُ. وَلَوْ جَامَعَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي نَوْبَةِ غَيْرِهَا عَصَى وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ وَكَانَ لِضَرُورَةٍ؛ قَالَ الْإِمَامُ: وَاللَّائِقُ بِالتَّحْقِيقِ الْقَطْعُ بِأَنَّ الْجِمَاعَ يُوصَفُ بِالتَّحْرِيمِ وَيُصْرَفُ التَّحْرِيمُ إلَى إيقَاعِ الْمَعْصِيَةِ لَا إلَى مَا وَقَعَتْ بِهِ الْمَعْصِيَةُ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَحْرِيمَ الْجِمَاعِ لَا لِعَيْنِهِ بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَيَقْضِي الْمُدَّةَ دُونَ الْجِمَاعِ لَا إنْ قَصُرَتْ، وَمَحِلُّ وُجُوبِ الْقَضَاءِ مَا إذَا بَقِيَتْ الْمَظْلُومَةُ فِي نِكَاحِهِ، فَلَوْ مَاتَتْ الْمَظْلُومَةُ بِسَبَبِهَا فَلَا قَضَاءَ لِخُلُوصِ الْحَقِّ لِلْبَاقِيَاتِ، وَلَوْ فَارَقَ الْمَظْلُومَةَ تَعَذَّرَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَسُكُوتُهُمْ عَنْهُ فِي الْأَصْلِ رُبَّمَا يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ ذَلِكَ ح ل وَقِ ل وس ل. وَبَحْثُ حُرْمَتِهِ أَيْ التَّمَتُّعِ إنْ أَفْضَى إلَى الْوَطْءِ إفْضَاءً قَوِيًّا كَمَا فِي قُبْلَةِ الصَّائِمِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ ذَاتَ الْجِمَاعِ مُحَرَّمَةٌ ثَمَّ إجْمَاعًا لَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ وَقَعَ جَائِزًا، وَإِنَّمَا الْحُرْمَةُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ حَقُّ الْغَيْرِ فَاحْتِيطَ لَهُ لِذَلِكَ وَلِكَوْنِهِ مُفْسِدًا لِلْعِبَادَةِ مَا لَمْ يُحْتَطْ هُنَا.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ طَالَ مُكْثُهُ إلَخْ) . وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ فِي الْأَصْلِ لِضَرُورَةٍ وَطَالَ زَمَنُ الضَّرُورَةِ أَوْ أَطَالَهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي الْجَمِيعَ، وَإِنْ دَخَلَ فِي التَّابِعِ لِحَاجَةٍ وَطَالَ زَمَنُ الْحَاجَةِ فَلَا قَضَاءَ، وَإِنْ أَطَالَهُ قَضَى الزَّائِدَ فَقَطْ زي. وَنَظَمَ الْمُحَشِّي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:

لِلزَّوْجِ أَنْ يَدْخُلَ لِلضَّرُورَةِ ... لِضَرَّةٍ لَيْسَتْ بِذَاتِ النَّوْبَةِ

فِي الْأَصْلِ مَعَ قَضَاءِ كُلِّ الزَّمَنْ ... إنْ طَالَ أَوْ أَطَالَهُ فَأَتْقَنْ

وَإِنْ يَكُنْ فِي تَابِعٍ لِحَاجَةِ ... وَقَدْ أَطَالَهُ لِتِلْكَ الْحَاجَةِ

قَضَى الَّذِي زِيدَ فَقَطْ وَلَا يَجِبْ ... قَضَاؤُهُ فِي الطُّولِ هَذَا مَا انْتُخِبْ

وَإِنْ يَكُنْ دُخُولُهُ لَا لِغَرَضْ ... عَصَى وَيَقْضِي لَا جِمَاعًا إنْ عَرَضْ

وَقَوْلُهُ فِي النَّظْمِ: " وَقَدْ أَطَالَهُ إلَخْ " كَأَنْ كَانَ يُمْكِنُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِي خَمْسٍ دَرَجَ فَقَضَاهَا فِي عَشَرَةٍ. وَقَوْلُهُ: " قَضَاؤُهُ فِي الطُّولِ " أَيْ فِيمَا إذَا طَالَ بِنَفْسِهِ. وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا فَقَالَ:

دُخُولُ زَوْجٍ طَالَ أَوْ أَطَالَهْ ... فِي الْأَصْلِ يَقْضِيه بِلَا مَحَالَهْ

وَلْيَقْضِ زَائِدًا بِمَا أَطَالَا ... فِي تَابِعٍ دُونَ الَّذِي قَدْ طَالَا

قَوْلُهُ: (قَضَى مِنْ نَوْبَةِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيَأْثَمُ مَنْ تَعَدَّى بِالدُّخُولِ) أَيْ لَا لِحَاجَةٍ وَلَا لِضَرُورَةٍ أَيْ فِي الْأَصْلِ أَوْ التَّابِعِ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ جَامَعَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي نَوْبَةِ غَيْرِهَا) أَيْ فِي الْأَصْلِ أَوْ التَّابِعِ. نَعَمْ يَجُوزُ غَيْرُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ فِي التَّابِعِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ) أَيْ الدُّخُولُ لِضَرُورَةٍ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَايَةِ.

قَوْلُهُ: (لَا يُوصَفُ بِالتَّحَرُّمِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُ كَوْنِهِ وَطْئًا، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ صَرْفُ زَمَنِ صَاحِبَةِ الْوَقْتِ لِغَيْرِهَا فَمَعْصِيَةٌ تُوصَفُ بِالتَّحْرِيمِ.

قَوْلُهُ: (وَيُصْرَفُ) أَيْ التَّحْرِيمُ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِهِمْ.

قَوْلُهُ: (إلَى إيقَاعِ الْمَعْصِيَةِ) أَيْ إيقَاعِ الْوَطْءِ فِي هَذَا الزَّمَنِ. وَقَوْلُهُ: " لَا إلَى مَا وَقَعَتْ بِهِ الْمَعْصِيَةُ " وَهُوَ الْجِمَاعُ نَفْسُهُ، وَفِيهِ أَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ مَعْصِيَةً فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَيُصْرَفُ التَّحْرِيمُ إلَى الْإِقْدَامِ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ صَرْفِ الزَّمَنِ لَهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ إنَّ تَحْرِيمَ الْجِمَاعِ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ: " لِأَمْرٍ خَارِجٍ " وَهُوَ كَوْنُهُ فِي نَوْبَةِ الْغَيْرِ قَوْلُهُ: (فَلَوْ مَاتَتْ الْمَظْلُومَةُ بِسَبَبِهَا) أَيْ بِسَبَبِ نَوْبَتِهَا الَّتِي أُخِذَتْ مِنْهَا أَيْ الَّتِي حَصَلَ الظُّلْمُ بِسَبَبِهَا فَالْمَيِّتَةُ هِيَ الْمَظْلُومَةُ، وَكَانَ الْأَوْضَحُ وَالْأَخْصَرُ فَلَوْ مَاتَتْ فَلَا قَضَاءَ، فَفِي كَلَامِهِ وَضْعُ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ أج بِالْمَعْنَى.

وَقَرَّرَ شَيْخُنَا مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ فَلَوْ مَاتَتْ الْمَظْلُومَةُ أَيْ فَلَوْ مَاتَتْ الَّتِي وَقَعَ الظُّلْمُ بِسَبَبِهَا وَهِيَ الَّتِي أُعْطِيت مِنْ نَوْبَةِ غَيْرِهَا، وَهَذَا التَّفْرِيعُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِمَا قَبْلَهُ إذْ مَا قَبْلَهُ فِي الْمَظْلُومَةِ نَفْسِهَا، وَهَذَا التَّفْرِيعُ فِيمَنْ وَقَعَ الظُّلْمُ بِسَبَبِهَا. قَوْلُهُ: " لِخُلُوصِ الْحَقِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>