للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ وَقْتُ سُكُونِهِ وَاللَّيْلَ تَبَعٌ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ مَعَاشِهِ، فَلَوْ كَانَ يَعْمَلُ تَارَةً بِالنَّهَارِ وَتَارَةً بِاللَّيْلِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْسِمَ لِوَاحِدَةٍ لَيْلَةً تَابِعَةً وَنَهَارًا مَتْبُوعًا وَلِأُخْرَى عَكْسَهُ.

(وَ) مَنْ عِمَادُ قَسْمِهِ اللَّيْلُ (لَا يَدْخُلُ) نَهَارًا (عَلَى غَيْرِ الْمَقْسُومِ لَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ) لِتَحْرِيمِهِ حِينَئِذٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ، فَإِنْ فَعَلَ وَطَالَ مُكْثُهُ لَزِمَهُ لِصَاحِبَةِ النَّوْبَةِ الْقَضَاءُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ نَوْبَةِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهَا، أَمَّا دُخُولُهُ لِحَاجَةٍ كَوَضْعِ مَتَاعٍ أَوْ أَخْذِهِ أَوْ تَسْلِيمِ نَفَقَةٍ أَوْ تَعْرِيفِ خَبَرٍ فَجَائِزٌ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ أَيْ وَطْءٍ حَتَّى يَبْلُغَ إلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتُ عِنْدَهَا» . وَلَا يَقْضِي إذَا دَخَلَ لِحَاجَةٍ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ؛ لِأَنَّ النَّهَارَ تَابِعٌ مَعَ وُجُودِ الْحَاجَةِ وَلَهُ مَا سِوَى وَطْءٍ مِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالظَّرْفِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ، أَيْ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ سَبَبًا لِلسُّكُونِ أَيْ مَحَلًّا تَسْكُنُونَ فِيهِ، وَالنَّهَارَ سَبَبٌ لِلْإِبْصَارِ أَيْ مُقْتَضٍ لِلْإِبْصَارِ بِذَاتِهِ أَيْ جَعَلَكُمْ مُبْصِرِينَ فِيهِ اهـ. وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مُجَرَّدًا أَنْ يَكُونَ مُجَرَّدًا عَنْ السَّبَبِيَّةِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اللَّيْلِ السُّكُونُ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ كَانَ يَعْمَلُ تَارَةً إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: فَالْمُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ وَقْتُ فَرَاغِهِ مِنْ عَمَلِهِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا قِ ل. وَعِبَارَةُ م ر: وَإِنْ كَانَ تَارَةً يَعْمَلُ لَيْلًا وَتَارَةً نَهَارًا لَمْ يُجْزِ نَهَارُهُ عَنْ لَيْلِهِ وَلَا عَكْسُهُ، أَيْ وَالْأَصْلُ فِي حَقِّهِ وَقْتُ السُّكُونِ لِتَفَاوُتِ الْغَرَضِ وَلَوْ كَانَ عَمَلُهُ بَعْضَ اللَّيْلِ وَبَعْضَ النَّهَارِ، فَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّ السُّكُونِ هُوَ الْأَصْلُ وَالْعَمَلُ هُوَ التَّبَعُ وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَمَلُهُ فِي بَيْتِهِ كَخِيَاطَةٍ وَكِتَابَةٍ؛ فَظَاهِرُ تَمْثِيلِهِمْ بِالْحَارِسِ وَالْأَتُونِيِّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ التَّاءِ فَفِي الْمِصْبَاحِ أَتُونٌ كَرَسُولٍ عَدَمُ الِاعْتِبَارِ بِهَذَا الْعَمَلِ فَيَكُونُ اللَّيْلُ فِي حَقِّهِ هُوَ الْأَصْلُ إذْ الْقَصْدُ الْأُنْسُ وَهُوَ حَاصِلٌ وَالْمُرَادُ بِالْأَتُونِيِّ مَا يُحْمَى عَلَى دُسْتِ الْحَمَّامِ.

قَوْلُهُ: (لَا يَدْخُلُ نَهَارًا) لَوْ قَالَ: وَلَا يَدْخُلُ فِي تَابِعٍ إلَخْ لَكَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ مَعَ احْتِمَالِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لِلْأَصْلِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ الْمُفْهِمِ جَوَازَ الدُّخُولِ لِلْحَاجَةِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ فِي الْأَصْلِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فَإِنَّ الدُّخُولَ فِي الْأَصْلِ يَمْتَنِعُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ دَخَلَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ. قَوْلُهُ: (وَطَالَ مُكْثُهُ) أَيْ عُرْفًا، فَإِنْ لَمْ يَطُلْ فَلَا قَضَاءَ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ ق ل. وَقَوْلُهُ: " مِنْ نَوْبَةٍ " لَيْسَ بِقَيْدٍ لِيَشْمَلَ مَا لَيْسَ مِنْ نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِأَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ عِنْدَهُنَّ رَأْسًا. قَوْلُهُ: (أَوْ تَعْرِيفُ خَبَرٍ) أَيْ تَحْتَاجُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا كَانَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَإِلَّا فَالْمُقَرَّرُ فِي السِّيَرِ وَالْخَصَائِصِ أَنَّهُ كَانَ يَدُورُ عَلَيْهِنَّ بِمَسِيسٍ أَيْ وَطْءٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ، وَرُبَّمَا دَارَ عَلَى الْكُلِّ بِالْوَطْءِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ. وَكَانَ يَفْعَلُ هَذَا بَعْدَ الْعَصْرِ فَإِنْ كَانَ لَهُ شَاغِلٌ فِيهِ فَعَلَهُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ. وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ كَانَ يُرْضِي الضَّرَّاتِ أَوْ أَنَّ اللَّهَ خَصَّهُ بِوَقْتٍ لَا حَقَّ لِلزَّوْجَاتِ فِيهِ يَدْخُلُ فِيهِ عَلَى مَنْ اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَوْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ وَهَذَا كَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ رَاجِعْ الْمَوَاهِبَ.

قَوْلُهُ: (أَيْ وَطْءٍ) أَمَّا بِوَطْءٍ فَيَحْرُمُ لَا لِذَاتِهِ بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ زي، أَيْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ حَقُّ الْغَيْرِ وَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَبْلُغَ إلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا) يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ يَجْعَلُ النَّهَارَ قَبْلَ اللَّيْلِ، فِي رِوَايَةِ م ر خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ: حَتَّى يَبْلُغَ الَّتِي جَاءَتْ نَوْبَتُهَا فَيَبِيتُ عِنْدَهَا، وَعِبَارَةُ ح ل: أَيْ كَانَ يَدْخُلُ فِي الْيَوْمِ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ إذَا انْتَهَى إلَى صَاحِبَةِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بَاتَ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ طَوَافَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي التَّبَعِ لَا فِي الْأَصْلِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ) أَيْ وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْهُ الْحَاجَةُ زي، وَقَالَ ق ل: ظَاهِرُهُ وَإِنْ زَادَ فِيهِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ كَثِيرًا اهـ؛ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا طَوَّلَهُ قَضَى مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ قَوْلُهُ: (وَلَهُ مَا سِوَى وَطْءٍ) أَمَّا الْوَطْءُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ إيقَاعُهُ. وَيُلْغَزُ وَيُقَالُ: لَنَا زَوْجَةٌ يَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا وَطْؤُهَا وَهِيَ طَاهِرٌ خَالِيَةٌ مِنْ الْمَوَانِعِ. وَلَوْ قَدَّمَ الشَّارِحُ هَذَا عَلَى الْحَدِيثِ لَكَانَ أَنْسَبَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَعِبَارَتُهُ: وَلَهُ دُخُولٌ فِي أَصْلٍ عَلَى أُخْرَى لِضَرُورَةٍ كَمَرَضِهَا الْمَخُوفِ وَلَهُ دُخُولٌ فِي غَيْرِهِ أَيْ فِي غَيْرِ الْأَصْلِ وَهُوَ التَّبَعُ لِحَاجَةٍ كَوَضْعِ مَتَاعٍ وَلَهُ تَمَتُّعٌ بِغَيْرِ وَطْءٍ فِيهِ أَيْ فِي دُخُولِهِ فِي غَيْرِ الْأَصْلِ أَمَّا بِوَطْءٍ فَيَحْرُمُ لِقَوْلِ عَائِشَةَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَطُوفُ عَلَيْنَا» إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ تَمَتَّعَ بِغَيْرِ وَطْءٍ فِيهِ، وَكَذَا فِي الْأَصْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ كَانَ ذَكَرَهُمْ لَهُ فِي غَيْرِ الْأَصْلِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>