أَنْ يَدْعُوَهُنَّ لِمَسْكَنِ إحْدَاهُنَّ إلَّا بِرِضَاهُنَّ وَلَا أَنْ يَجْمَعَهُنَّ بِمَسْكَنٍ إلَّا بِرِضَاهُنَّ وَلَا أَنْ يَدْعُوَ بَعْضًا لِمَسْكَنِهِ وَيَمْضِيَ لِبَعْضٍ آخَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْصِيصِ الْمُوحِشِ إلَّا بِرِضَاهُنَّ أَوْ بِقُرْعَةٍ أَوْ غَرَضٍ كَقُرْبِ مَسْكَنِ مَنْ يَمْضِي إلَيْهَا دُونَ الْأُخْرَى. وَالْأَصْلُ فِي الْقَسْمِ لِمَنْ عَمَلَهُ نَهَارًا اللَّيْلُ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ السُّكُونِ وَالنَّهَارُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ تَبَعٌ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْمَعَاشِ، قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} [يونس: ٦٧] وَالْأَصْلُ فِي الْقَسْمِ لِمَنْ عَمَلُهُ لَيْلًا كَحَارِسِ النَّهَارُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ لِلزَّوْجِ مَسْكَنٌ يَلِيقُ بِهِنَّ دَعَاهُنَّ إلَيْهِ وَلَزِمَهُنَّ الْإِجَابَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْأَوْلَى أَنْ يَدُورَ عَلَيْهِنَّ فَمَا ذَكَرَهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ مَسْكَنٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ. وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمِنْهَاجِ مَعَ شَرْحِهِ لِلرَّمْلِيِّ: فَإِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِمَسْكَنٍ وَأَرَادَ الْقَسْمَ دَارَ عَلَيْهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ تَوْفِيَةً لِحَقِّهِنَّ وَإِنْ انْفَرَدَ بِمَسْكَنٍ فَالْأَفْضَلُ الْمُضِيُّ إلَيْهِنَّ صَوْنًا لَهُنَّ وَلَهُ دُعَاؤُهُنَّ لِمَسْكَنِهِ وَعَلَيْهِنَّ الْإِجَابَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّهُ فَمَنْ امْتَنَعَتْ، أَيْ وَقَدْ لَاقَ مَسْكَنُهُ بِهَا فِيمَا يَظْهَرُ فَهِيَ نَاشِزَةٌ، إلَّا ذَاتَ قَدْرٍ لَمْ تَعْتَدْ الْبُرُوزَ فَيَذْهَبُ لَهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ الرُّويَانِيُّ، وَإِلَّا نَحْوَ مَعْذُورَةٍ بِمَرَضٍ فَيَذْهَبُ أَوْ يُرْسِلُ لَهَا مَرْكَبًا إنْ أَطَاقَتْ مَعَ مَنْ يَقِيهَا مِنْ نَحْوِ مَطَرٍ اهـ.
وَكَتَبَ ق ل عَلَى قَوْلِهِ: " وَالْأَوْلَى أَنْ يَدُورَ إلَخْ ". فَلَوْ انْفَرَدَ مَسْكَنٌ وَدَعَاهُنَّ إلَيْهِ لَزِمَ مَنْ لَا عُذْرَ لَهَا الْحُضُورُ إلَيْهِ وَأُجْرَةُ حُضُورِهَا عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا، وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ مَعْذُورَةً فَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَا يَلْزَمُهَا الْحُضُورُ إلَيْهِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَهُنَّ) وَلَوْ لَمْ تَكُنْ صَاحِبَةُ الْمَنْزِلِ فِيهِ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيّ جَوَازَ جَمْعِهِنَّ بِخَيْمَةٍ فِي السَّفَرِ لِمَشَقَّةِ الِانْفِرَادِ مَعَ عَدَمِ تَأَبُّدِ الضَّرُورَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ هَكَذَا قَالَهُ ز ي. وَقَوْلُهُ: " بِخَيْمَةٍ فِي السَّفَرِ " وَكَذَا بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ فِي سَفِينَةٍ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: حَيْثُ أُفْرِدَ كُلٌّ بِمَحَلٍّ ح ل. وَقَوْلُهُ " لِمَشَقَّةِ الِانْفِرَادِ " أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ سَهُلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ جَازَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (إلَّا بِرِضَاهُنَّ) فَإِنْ رَضِينَ بِهِ جَازَ، لَكِنْ يُكْرَهُ وَطْءُ إحْدَاهُنَّ بِحَضْرَةِ الْبَقِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ الْمُرُوءَةِ، وَلَا تَلْزَمُهَا الْإِجَابَةُ إلَيْهِ. وَلَوْ كَانَ فِي دَارٍ حَجْرٍ أَوْ عُلْوٍ وَسُفْلٍ جَازَ إسْكَانُهُنَّ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُنَّ إنْ تَمَيَّزَتْ الْمَرَافِقُ وَلَاقَتْ الْمَسَاكِنُ بِهِنَّ. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
وَقَوْلُهُ: " لَكِنْ يُكْرَهُ وَطْءُ إلَخْ " الْمَدَارُ عَلَى عِلْمِهِ بِعِلْمِ إحْدَى ضَرَّاتِهَا بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَجَسُّسٍ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِحُضُورِهَا، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ أَذِيَّةَ غَيْرِهَا وَلَمْ يَرَيْنَ شَيْئًا مِنْ عَوْرَتِهَا وَإِلَّا حَرُمَ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ الْقَوْلُ بِالتَّحْرِيمِ وَعَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى يُحْمَلُ الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ. وَيَحْرُمُ التَّمْكِينُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ. وَقَوْلُهُ: أَوْ عُلْوٍ وَسُفْلٍ وَالْخِيَرَةُ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي تَسْكِينِ بَعْضِهِنَّ فِي الْعُلْوِ وَبَعْضِهِنَّ فِي السُّفْلِ لِلزَّوْجِ حَيْثُ كَانَا أَيْ الْعُلْوُ وَالسُّفْلُ لَائِقَيْنِ بِهِنَّ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (أَوْ بِقُرْعَةٍ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى شَرِيفَةٍ لَمْ تَعْتَدْ الْبُرُوزَ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا فِي الْحَاشِيَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلزَّوْجِ مَسْكَنٌ وَدَعَاهُنَّ إلَيْهِ لَزِمَهُنَّ الْإِجَابَةُ إلَّا مَنْ كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ أَوْ مَرَضٍ فَلَا تَلْزَمُهَا الْإِجَابَةُ بَلْ يَلْزَمُهُ الذَّهَابُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ وَهُنَا بِالْقُرْعَةِ.
قَوْلُهُ: (كَقُرْبِ مَسْكَنٍ) وَكَخَوْفٍ عَلَيْهَا مِنْ الْفَجَرَةِ. قَوْلُهُ: (اللَّيْلُ) وَهُوَ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ أَوْ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، لَكِنْ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَالْأَذْرَعِيُّ: الْوَجْهُ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَآخِرِهِ قِ ل.
قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَهُ) وَهُوَ أَوْلَى، وَعَلَيْهِ التَّوَارِيخُ الشَّرْعِيَّةُ فَإِنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ اللَّيَالِي زي.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ الَّذِي) التِّلَاوَةُ: " هُوَ الَّذِي " وَإِنَّمَا أَسْنَدَ الْإِبْصَارَ إلَى النَّهَارِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُبْصِرُ فِيهِ بِسُهُولَةٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَتَعَبٍ فَهُوَ سَبَبٌ بِخِلَافِ السُّكُونِ فِي اللَّيْلِ؛ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: قَوْلُهُ: مُبْصِرًا أَسْنَدَ الْإِبْصَارَ إلَيْهِ مَجَازًا؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضٍ لِلْإِبْصَارِ بِذَاتِهِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ لِتُبْصِرُوا فِيهِ بِخِلَافِ اللَّيْلِ. وَقَالَ ح ل: لَمْ يَقُلْ لِتُبْصِرُوا فِيهِ كَمَا فِي جَانِبِ اللَّيْلِ. قَالَ الْقَاضِي: تَفْرِقَةً بَيْنَ الظَّرْفِ الْمُجَرَّدِ