للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحْتَهُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ، فَلِلْحُرَّةِ لَيْلَتَانِ وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةٌ، لِحَدِيثٍ فِيهِ مُرْسَلٍ. وَإِذَا قَامَ بِالزَّوْجَةِ نُشُوزٌ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ إثْمٌ كَمَجْنُونَةٍ بِأَنْ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَةِ زَوْجِهَا كَأَنْ خَرَجَتْ مِنْ مَسْكَنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ لَمْ تَفْتَحْ لَهُ الْبَابَ لِيَدْخُلَ أَوْ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا لَا تَسْتَحِقُّ قَسْمًا، كَمَا لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً

وَلِلزَّوْجِ إعْرَاضٌ عَنْ زَوْجَاتِهِ بِأَنْ لَا يَبِيتَ عِنْدَهُنَّ لِأَنَّ الْمَبِيتَ حَقُّهُ فَلَهُ تَرْكُهُ. وَيُسَنُّ أَنْ لَا يُعَطِّلَهُنَّ بِأَنْ يَبِيتَ عِنْدَهُنَّ وَيُحْصِنَهُنَّ كَوَاحِدَةٍ لَيْسَ تَحْتَهُ غَيْرُهَا فَلَهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهَا. وَيُسَنُّ أَنْ لَا يُعَطِّلَهَا وَأَدْنَى دَرَجَاتِهَا أَنْ لَا يُخَلِّيَهَا كُلَّ أَرْبَعِ لَيَالٍ عَنْ لَيْلَةٍ اعْتِبَارًا بِمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَدُورَ عَلَيْهِنَّ بِمَسْكَنِهِنَّ، وَلَيْسَ لَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْوُجُوبُ وَهُوَ الَّذِي قَالَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَغَوِيُّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِقَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَقَوْلُهُ: " وَلَا أَمْلِكُ " وَهُوَ الْحُبُّ الْقَهْرِيُّ. وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ وُجُوبِ الْقَسْمِ وَبِأَنَّهُ بِرِضَا صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ وَبِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرٍ، قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فَقَالَ وَلَا نَعْلَمُ حَالَ النَّاسِ يُخَالِفُ حَالَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ «كَانَ يَقْسِمُ لِنِسَائِهِ فَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ» . اهـ. مُنَاوِيٌّ عَلَى الْخَصَائِصِ وَعِبَارَةُ الْقَسْطَلَّانِيِّ.

وَأَمَّا وَطْءُ الْكُلِّ فِي سَاعَةٍ فَلِأَنَّ الْقَسْمَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ كَمَا هُوَ وَجْهٌ لِأَصْحَابِنَا الشَّافِعِيَّةِ وَجَزَمَ بِهِ الْإِصْطَخْرِيُّ، أَوْ أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ مِنْ سَفَرٍ وَأَرَادَ الْقَسْمَ وَلَا وَاحِدَةَ أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى بِالْبُدَاءَةِ بِهَا وَطِئَ الْكُلَّ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ بِاسْتِطَابَتِهِنَّ أَوْ الدَّوَرَانِ كَانَ فِي يَوْمِ الْقُرْعَةِ لِلْقِسْمَةِ قَبْلَ أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى سَاعَةً لَيْسَ لِأَزْوَاجِهِ فِيهَا حَقٌّ يَدْخُلُ فِيهَا عَلَى جَمِيعِ أَزْوَاجِهِ فَيَفْعَلُ مَا يُرِيدُ بِهِنَّ وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ تِلْكَ السَّاعَةَ كَانَتْ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَاسْتَغْرَبَ هَذَا الْأَخِيرَ ابْنُ حَجَرٍ وَقَالَ: إنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ثُبُوتِ مَا ذَكَرَهُ مُفَصَّلًا اهـ بِحُرُوفِهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الزَّوْجِ) أَيْ بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا وَإِنْ كَانَ بِهِ عُنَّةٌ أَوْ مَرَضٌ أَوْ جَبٌّ، وَعَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ الْمُطِيقِ لِلْوَطْءِ فَإِنْ جَارَ فَالْإِثْمُ عَلَى وَلِيِّهِ وَعَلَى وَلِيِّ الْمَجْنُونِ أَنْ يَدُورَ بِهِ إنْ كَانَ لَهُ فِيهِ مَصْلَحَةٌ كَأَنْ يَنْفَعَهُ الْجِمَاعُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مُطَالَبَةُ بَعْضِ الزَّوْجَاتِ بِقَضَاءِ حَقِّهَا مِنْ قَسْمٍ وَقَعَ مِنْهُ أَيْ بِأَنْ جُنَّ الزَّوْجُ بَعْضَ قَسْمِهِ لِبَعْضِ نِسَائِهِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ يَطُوفُ بِهِ عَلَى الْبَاقِيَاتِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ الْوَلِيُّ. اهـ. قِ ل. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «إذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ أَوْ سَاقِطٌ» وَقَدْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَايَةٍ مِنْ الْعَدْلِ فِي الْقَسْمِ.

قَوْلُهُ: (فَلِلْحُرَّةِ لَيْلَتَانِ وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةٌ) وَلَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرُ؛ وَلِهَذَا كَانَ التَّعْبِيرُ بِمَا قَالَهُ مُعْتَبَرًا بِخِلَافِ مَنْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَلِحُرَّةٍ مِثْلَا أَمَةٍ. اهـ. ق ل؛ أَيْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَادِقٌ بِأَنْ يَجْعَلَ لِلْأَمَةِ ثُلُثَ لَيْلَةٍ وَلِلْحُرَّةِ ثُلُثَيْهَا وَصَادِقٌ بِأَنْ يَجْعَلَ لِلْأَمَةِ لَيْلَتَيْنِ وَلِلْحُرَّةِ أَرْبَعًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ إلَّا بِالرِّضَا. وَلَوْ بَاتَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مُحْرِمًا وَعِنْدَ وَاحِدَةٍ حَلَالًا فَقَدْ أَدَّى حَقَّهَا لِحُصُولِ الْأُنْسِ. فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ؟ قُلْت: يُتَصَوَّرُ بِصُوَرٍ: مِنْهَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ رَقِيقًا، وَمِنْهَا مَا إذَا نَكَحَ الْأَمَةَ أَوَّلًا ثُمَّ أَيْسَرَ بَعْدَ نِكَاحِهَا وَنَكَحَ الْحُرَّةَ عَلَيْهَا، وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَتْ الْحُرَّةُ لَا تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ، وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَتْ لَقِيطَةً أَقَرَّتْ بَعْدَ نِكَاحِهَا بِالرِّقِّ، فَهَذِهِ صُوَرٌ تَجْتَمِعُ فِيهَا الْحُرَّةُ مَعَ الْأَمَةِ ز ي.

قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ تَفْتَحْ لَهُ الْبَابَ) وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْخِدْمَةِ وَهِيَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إلَّا مُلَازَمَةُ الْبَيْتِ وَالتَّمْكِينُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا كَانَتْ قَفَلَتْهُ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ الْفَتْحِ لِكَوْنِ الْمِفْتَاحِ مَعَهَا أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ قَضَاءَ حَاجَتِهِ مِنْهَا وَتَوَقَّفَ عَلَى الْفَتْحِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (لَا تَسْتَحِقُّ قَسْمًا) وَهَلْ لَهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا أَوْ لَا؟ الظَّاهِرُ لَا حَيْثُ لَزِمَ عَلَى ذَلِكَ تَأْخِيرُ حَقِّ غَيْرِهَا. اهـ. ح ل

قَوْلُهُ: (وَلِلزَّوْجِ إعْرَاضٌ عَنْ زَوْجَاتِهِ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ دَوْرِهِنَّ أَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْمَبِيتِ، وَكَرِهَ الْمُتَوَلِّي إعْرَاضَهُ اهـ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يَبِيتَ عِنْدَهُنَّ) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ تَمَامِ دَوْرِهِنَّ لَا فِي أَثْنَائِهِ لِفَوَاتِ حَقِّ مَنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ، حَتَّى لَوْ طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ مِمَّنْ بَقِيَ وَجَبَ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا لِيُوَفِّيَهَا حَقَّهَا ح ل.

قَوْلُهُ: (وَيُحْصِنَهُنَّ) أَيْ يُعِفَّهُنَّ عَنْ الزِّنَا بِالْوَطْءِ فَتَكُونُ السُّنَّةُ فِي حَقِّهِ الْمَبِيتَ وَالْوَطْءَ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَوْلَى أَنْ يَدُورَ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>