للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ مُقَامَ الزَّوْجِ عِنْدَهَا لَيْسَ بِمَنْفَعَةٍ مَلَكَتْهَا عَلَيْهِ. وَقَدْ اسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمِنْ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ جَوَازَ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ، وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُهُ أَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ بِهِ جَائِزٌ وَأَخْذَهُ حَلَالٌ لِإِسْقَاطِ الْحَقِّ لَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَنْزُولِ لَهُ بَلْ يَبْقَى الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إلَى نَاظِرِ الْوَظِيفَةِ يَفْعَلُ مَا فِيهِ

الْمَصْلَحَةُ

شَرْعًا، وَبَسَطَ ذَلِكَ. وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فَاسْتَفِدْهَا. وَلِلْوَاهِبَةِ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَتْ، فَإِذَا رَجَعَتْ خَرَجَ فَوْرًا، وَلَا تَرْجِعُ فِي الْمَاضِي قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ. وَإِنْ بَاتَ الزَّوْجُ فِي نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ عِنْدَ غَيْرِهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَهَبَتْ حَقَّهَا وَأَنْكَرَتْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

(وَإِذَا تَزَوَّجَ) حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ فِي دَوَامِ نِكَاحِهِ (جَدِيدَةً) وَلَوْ مُعَادَةً بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ (خَصَّهَا) كُلٌّ مِنْهُمَا وُجُوبًا (بِسَبْعِ لَيَالٍ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِأَنَّهَا لَمْ تُسْقِطْهُ مَجَّانًا وَإِنْ عَلِمَتْ بِالْفَسَادِ، وَقَالَ ق ل: قَالَ شَيْخُنَا: مَا لَمْ تَعْلَمْ بِالْفَسَادِ. هَذَا وَقَالَ سم: قَوْلُهُ: " وَلَا يَجُوزُ لِلْوَاهِبَةِ إلَخْ " فِيهِ أَنَّ الْقَسْمَ حَقُّهَا مُخْتَصٌّ بِهَا وَأَخْذُ الْعِوَضِ عَلَى الْحَقِّ مِنْ الِاخْتِصَاصِ جَائِزٌ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ هَذَا الْحَقَّ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ إذَا كَانَ فِي نِكَاحِهِ غَيْرَهَا وَأَرَادَ الْمَبِيتَ عِنْدَهَا وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ وَبِأَنَّ هَذَا الْحَقَّ مُشْتَرَكٌ؛ لِأَنَّ لِلزَّوْجِ فِيهِ شَائِبَةً؛ وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَتْ لِغَيْرِهَا فَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى فَضَعُفَ تَعَلُّقُهَا بِهِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مُقَامَ الزَّوْجِ) أَيْ مُكْثَهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ اسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) لَكِنَّ الِاسْتِنْبَاطَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ عِوَضٌ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ هُنَا لَا عِوَضَ فِيهَا، فَأَخْذُ مَسْأَلَةِ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ مِنْهَا بَعِيدٌ، إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ كَلَامُ الشَّارِحِ أَيْ اُسْتُنْبِطَ جَوَازُ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ وَيَكُونُ النُّزُولُ بِعِوَضٍ مَأْخُوذًا مِنْ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ وَالنُّزُولُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ مَأْخُوذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مِنْ مَفْهُومِ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ فِيهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ: " لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْنٍ وَلَا مَنْفَعَةَ " م د، أَيْ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ إذَا كَانَ الْحَقُّ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَى إسْقَاطِهِ كَالنُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ. قَوْلُهُ: (جَوَازُ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ) أَيْ بِعِوَضٍ وَدُونِهِ لَكِنْ لِمَنْ هُوَ مِثْلُ النَّازِلِ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، وَلَا يَصِحُّ التَّقْرِيرُ مِنْ الْحَاكِمِ، وَإِذَا قَرَّرَ الْحَاكِمُ غَيْرَ الْمَنْزُولِ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى النَّازِلِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ إلَّا إنْ شَرَطَهُ؛ ق ل مَعَ زِيَادَةٍ قَلِيلَةٍ.

قَوْلُهُ: (إنْ أَخَذَ الْعِوَضَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَنَّ بَذْلَ الْعِوَضِ مُطْلَقًا وَأَخْذَهُ إنْ كَانَ النَّازِلُ أَهْلًا وَهُوَ حِينَئِذٍ لِإِسْقَاطِ حَقِّ النَّازِلِ فَهُوَ مُجَرَّدُ افْتِدَاءٍ، وَبِهِ فَارَقَ مَنْعَ بَيْعِ حَقِّ التَّحَجُّرِ وَشَبَهَهُ كَمَا هُنَا لَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَنْزُولِ لَهُ بِهَا أَوْ بِشَرْطِ حُصُولِهَا لَهُ بَلْ يَلْزَمُ نَاظِرَ الْوَظِيفَةِ تَوْلِيَةُ مَنْ تَقْتَضِيه

الْمَصْلَحَةُ

الشَّرْعِيَّةُ وَلَوْ غَيْرَ الْمَنْزُولِ لَهُ.

قَوْلُهُ: (لِإِسْقَاطِ الْحَقِّ) وَلَيْسَ لِبَاذِلِ الْعِوَضِ الرُّجُوعُ فِيهِ إنْ لَمْ يُقَرَّرْ، إلَّا أَنْ يَشْرِطَ بِأَنْ يَقُولَ وَلِيُّ الرُّجُوعِ فِي الْعِوَضِ إنْ لَمْ أُقَرِّرْهُ، وَكَذَا لَيْسَ لِصَاحِبِ الْوَظِيفَةِ الرُّجُوعُ فِيهَا إنْ لَمْ يُقَرِّرْ الْمَنْزُولُ لَهُ إلَّا أَنْ يَشْرِطَ بِأَنْ يَقُولَ أَسْقَطْت حَقِّي مِنْ هَذِهِ الْوَظِيفَةِ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ لِفُلَانٍ بِشَرْطِ أَنْ يُقَرِّرَ فِيهَا، فَإِنْ لَمْ يُقَرِّرْ رَجَعَتْ، فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعَ. اهـ. مَيْدَانِيٌّ.

قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي التَّوْلِيَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلِلْوَاهِبَةِ الرُّجُوعُ) ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَالْمُسْتَقْبِلُ لَمْ يُقْبَضْ؛ شَرْحُ التَّنْبِيهِ. وَشَمِلَ إطْلَاقُهُمْ الرُّجُوعَ فِي بَعْضِ اللَّيْلَةِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ فِي الرُّجُوعِ نَصُّهَا: فَيَخْرُجُ وُجُوبًا بَعْدَ رُجُوعِهَا مِنْ عِنْدِ الْمَوْهُوبِ لَهَا فَوْرًا وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ إنْ أَمْكَنَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَمُلَتْ اللَّيْلَةُ عِنْدَهَا؛ وَالْأَوْلَى عَدَمُ التَّمَتُّعِ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي قَضَاءُ بَقِيَّةِ اللَّيْلَةِ حَيْثُ لَمْ يَنْعَزِلْ عَنْهَا فِي مَسْكَنٍ اهـ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَرْجِعُ فِي الْمَاضِي) أَيْ لَا يَقْضِي لَهَا مَا مَضَى قَبْلَ عِلْمِهِ بِالرُّجُوعِ وَلَوْ لَيَالِيَ ق ل، بِخِلَافِ مَا فَاتَ بَعْدَ عِلْمِهِ، وَكَذَا بَعْدَ عِلْمِ الضَّرَّةِ الْمُسْتَوْفِيَةِ دُونَ الزَّوْجِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَارْتَضَاهُ م ر سم، وَبِخِلَافِ مَنْ أُبِيحَ لَهُ أَكْلُ ثَمَرِ بُسْتَانٍ ثُمَّ رَجَعَ الْمُبِيحُ حَيْثُ يَغْرَمُ الْمُبَاحُ لَهُ مَا أَكَلَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِي الْمَنَافِعِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْأَعْيَانِ كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ، وَفَرَّقَ ح ل أَيْضًا فَقَالَ: لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ وَفَرَّقَ ق ل بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْغَرَامَاتِ وَالْإِتْلَافَاتِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَيْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، وَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا تَزَوَّجَ جَدِيدَةً إلَخْ) بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: " وَالتَّسْوِيَةُ فِي الْقَسْمِ وَاجِبَةٌ " فَكَأَنَّهُ قَالَ: إلَّا إذَا تَزَوَّجَ جَدِيدَةً إلَخْ. قَوْلُهُ: (فِي دَوَامِ نِكَاحِهِ) : لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّ مَعَهُ غَيْرَهَا مِمَّنْ بَاتَ عِنْدَهَا وَإِلَّا فَلَا وُجُوبَ ق ل؛ لَكِنْ يُسَنُّ وَدَوَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>