للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَظَاهِرُهَا فَقَطْ مُطْلَقًا إنْ كَثُفَتْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَبَعْضُهُمْ قَرَّرَ فِي هَذِهِ الشُّعُورِ خِلَافَ ذَلِكَ فَاحْذَرْهُ. .

تَنْبِيهٌ: مَنْ لَهُ وَجْهَانِ وَكَانَ الثَّانِي مُسَامِتًا لِلْأَوَّلِ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُهُمَا كَالْيَدَيْنِ عَلَى عُضْوٍ وَاحِدٍ أَوْ رَأْسَانِ كَفَى مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْوَجْهِ غَسْلُ جَمِيعِهِ فَيَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ مَا يُسَمَّى وَجْهًا، وَفِي الرَّأْسِ مَسْحُ بَعْضِ مَا يُسَمَّى رَأْسًا وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِبَعْضِ أَحَدِهِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَجْمُوعِ.

(وَ) الثَّالِثُ مِنْ الْفُرُوضِ (غَسْلُ) جَمِيعِ (الْيَدَيْنِ) مِنْ كَفَّيْهِ وَذِرَاعَيْهِ (إلَى) أَيْ مَعَ (الْمَرْفِقَيْنِ) أَوْ قَدْرِهِمَا إنْ فُقِدَ الْمَاءُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي صِفَةِ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

غَسْلُ ظَاهِرِهَا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ ظَاهِرُهُ، وَالْمُرَادُ بِالظَّاهِرِ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَسْمُ وَجْهِ الشَّعْرِ الْأَعْلَى مِنْ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا وَبِالْبَاطِنِ مَا بَيْنَ الطَّبَقَاتِ وَمَا يَلِي الصَّدْرَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ مِنْ اللِّحْيَةِ وَالْعَارِضِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى.

قَوْلُهُ: (مَنْ لَهُ وَجْهَانِ إلَخْ) تَحْقِيقُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقَالَ مَنْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ تَارَةً يَكُونَانِ أَصْلِيَّيْنِ، بِأَصَالَتِهِمَا أَنْ يُنَزَّلَ الْوَلَدُ بِهِمَا فَإِنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُمَا إنْ تَسَاوَيَا فِي جَمِيعِ الْحَوَاسِّ، فَإِنْ زَادَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَالْعِبْرَةُ بِهِ، وَتَارَةً يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَنْبُتُ بَعْدَ انْفِصَالِ الْوَلَدِ، وَعَلَى هَذَا إمَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ الزَّائِدُ عَنْ الْأَصْلِيِّ أَوْ يَتَشَبَّهَ بِهِ وَالتَّمَيُّزُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُسَامِتًا لِلْأَصْلِيِّ أَمْ لَا. فَإِنْ سَامَتْ وَجَبَ غَسْلُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُسَامِتْ فَالْأَصْلِيُّ فَقَطْ يَجِبُ غَسْلُهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَنْبَغِي تَحْقِيقُ الْمَنَاطِ فِيهَا وَلَا الِاشْتِغَالُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يَنْدُرُ وُقُوعُهَا جِدًّا، فَإِذَا وَقَعَتْ الْحَادِثَةُ بَحَثَ عَنْهَا فَالْمُشْتَغِلُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَنْ أَوْقَدَ تَنُّورًا فِي بَلْدَةٍ خَرِبَةٍ لَا يَسْكُنُ فِيهَا أَحَدٌ مُنْتَظِرًا مَنْ يَخْبِزُ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (مُسَامِتًا) شَامِلٌ لِلْأَصْلِيِّ وَالْمُشْتَبَهِ وَالزَّائِدِ الْغَيْرِ الْمُشْتَبَهِ.

وَعِبَارَةُ اج.

قَوْلُهُ: مُسَامِتًا أَيْ عَلَى سُنَنِهِ وَمُحَاذَاتِهِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ جِهَةِ قُبُلِهِ، وَالْآخَرُ مِنْ جِهَةِ دُبُرِهِ وَجَبَ غَسْلُ الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَكُنْ فَاقِدَ الْحَوَاسِّ، وَالثَّانِي فِيهِ ذَلِكَ، فَالْعَامِلُ هُوَ الْوَاجِبُ غَسْلُهُ. قَالَ م ر: وَالْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا اسْتَوَيَا عَمَلًا، أَوْ كَانَ الَّذِي مِنْ جِهَةِ الْقُبُلِ هُوَ الْعَمَلُ أَوْ أَكْثَرُ عَمَلًا، أَمَّا لَوْ كَانَ الْعَامِلُ أَوْ الْأَكْثَرُ عَمَلًا الَّذِي مِنْ جِهَةِ الدُّبُرِ فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (لِلْأَوَّلِ) أَيْ وَلَوْ زَائِدًا مُتَمَيِّزًا.

قَوْلُهُ: (وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُهُمَا) أَيْ إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ، وَيَكْفِي قَرْنَ النِّيَّةِ بِأَحَدِهِمَا حِينَئِذٍ أَوْ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَاشْتَبَهَ، أَمَّا إذَا تَمَيَّزَ الزَّائِدُ فَيَجِبُ غَسْلُ الْأَصْلِيِّ دُونَ الزَّائِدِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سَمْتِهِ، وَإِلَّا يَجِبْ غَسْلُهُ أَيْضًا، وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الرَّأْسَيْنِ فَيُقَالُ: إنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ اكْتَفَى بِمَسْحِ بَعْضِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا، وَاشْتَبَهَ تَعَيَّنَ مَسْحُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ تَمَيَّزَ الْأَصْلِيُّ مِنْ الزَّائِدِ تَعَيَّنَ مَسْحُ بَعْضِ الْأَصْلِيِّ.

قَوْلُهُ: (مِنْ كَفَّيْهِ) الْكَفُّ تَذْكِيرُهَا قَلِيلٌ وَالتَّأْنِيثُ هُوَ الْكَثِيرُ كَمَا قَالَهُ ع ش. وَأَتَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْيَدِ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْمَنْكِبِ فَدَفَعَهُ بِقَوْلِهِ: مِنْ كَفَّيْهِ إلَخْ أج. وَعَطَفَ الذِّرَاعَيْنِ عَلَى الْكَفَّيْنِ مِنْ عَطْفِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ؛ لِأَنَّ الذِّرَاعَ مِنْ الْمَرْفِقِ إلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.

قَوْلُهُ: (مَعَ الْمَرْفِقَيْنِ) يُفِيدُ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْيَدَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ بِالنَّظَرِ لِمَا يُرَادُ هُنَا، وَإِنْ كَانَتْ الْيَدُ تُطْلَقُ إطْلَاقًا لُغَوِيًّا عَلَى مَا هُوَ مِنْ الْأَصَابِعِ لِلْمَنْكِبِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ قَدْرِهِمَا إنْ فُقِدَا) أَيْ خِلْقَةً. وَالْمُرَادُ بِاعْتِبَارِ الْقَدْرِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَنْ تُسَاوِي يَدُهُ خِلْقَةً يَدَ مَنْ فَقَدَ مَرْفِقَهُ. قَالَ الرَّحْمَانِيُّ عَلَى الْغَزِّيُّ: لَوْ فُقِدَ الْكَعْبُ أَوْ الْمَرْفِقُ اُعْتُبِرَ قَدْرُهُ مِنْ غَالِبِ أَمْثَالِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِمَا الْمُعْتَادِ كَأَنْ لَاصَقَ الْمَرْفِقُ الْمَنْكِبَ وَالْكَعْبُ الرُّكْبَةَ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي التُّحْفَةِ خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَأَخِّرِينَ اعْتَبَرُوا قَدْرَهُ مِنْ غَالِبِ النَّاسِ. اهـ. وَمِثْلُهُ أُجْهُورِيٌّ. قَوْلُهُ: (تَوَضَّأَ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَرَادَ الْوُضُوءَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا مَحْمَلٌ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ نَظِيرُ مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا} [الأعراف: ٤] حَيْثُ قَالُوا أَرَدْنَا إهْلَاكَهَا.

قَوْلُهُ: (فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ) أَيْ أَجْرَى وَأَسَالَ الْوَضُوءَ بِفَتْحِ الْوَاوِ مَيْدَانِيٌّ وَقِيلَ بِضَمِّ الْوَاوِ، وَالْمُرَادُ بِهِ غَسْلُ الْوَجْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>