للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا مَالٍ، وَدَخَلَ بِرَاجِعٍ لِجِهَةِ الزَّوْجِ وُقُوعُ الْعِوَضِ لِلزَّوْجِ وَلِسَيِّدِهِ وَمَا لَوْ خَالَعَتْ بِمَا ثَبَتَ لَهَا مِنْ قَوَدٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالْبَرَاءَةِ مِمَّا لَهَا عَلَى غَيْرِهِ فَيَصِحُّ رَجْعِيًّا، وَخَرَجَ بِمَعْلُومِ الْعِوَضِ الْمَجْهُولُ كَثَوْبٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَيَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} [النساء: ٤] وَالْأَمْرُ بِهِ فِي خَبَرِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُبَرَّأُ، فَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى إبْرَائِهِ وَإِبْرَاءِ غَيْرِهِ فَأَبْرَأَتْهُمَا بَرَاءَةً صَحِيحَةً بِأَنْ كَانَتْ بَالِغَةً عَاقِلَةً رَشِيدَةً عَالِمَةً بِالْقَدْرِ الْمُبَرَّأِ مِنْهُ هَلْ يَقَعُ بَائِنًا نَظَرًا لِرُجُوعِ بَعْضِهِ لِلزَّوْجِ أَوْ رَجْعِيًّا نَظَرًا لِرُجُوعِ الْبَعْضِ الْآخَرِ لِغَيْرِهِ؟ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ هَلْ يُبَرَّأُ كُلٌّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَالزَّوْجِ أَمْ لَا؟ حَرَّرَ. اهـ. ح ل. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُبَرَّأُ كُلٌّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ وُجِدَتْ صَحِيحَةً كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَصَرَّحَ بِهِ الْبِرْمَاوِيُّ. وَقَوْلُهُ: " الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ " أَيْ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ لِغَيْرِ الزَّوْجِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَانِعٌ لِلْبَيْنُونَةِ أَوْ غَيْرُ مُقْتَضٍ لَهَا فَعَلَى الثَّانِي الْبَيْنُونَةُ وَاضِحَةٌ، وَكَذَا عَلَى الْأَوَّلِ إذْ كَوْنُهُ مَانِعًا لَهَا إنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ انْفَرَدَ لَا إنْ انْضَمَّ إلَيْهِ مُقْتَضٍ لَهَا كَذَا فِي التُّحْفَةِ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (جَائِزٌ) أَيْ صَحِيحٌ وَإِنْ كُرِهَ أَوْ حَرُمَ كَالْبِدْعِيِّ أَيْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، كَأَنْ وَقَعَ فِي زَمَنِ حَيْضٍ بِعِوَضٍ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ.

وَضَابِطُ مَسَائِلِ الْبَابِ أَنَّ الطَّلَاقَ إمَّا أَنْ يَقَعَ بِالْمُسَمَّى بَائِنًا إنْ صَحَّتْ الصِّيغَةُ وَالْعِوَضُ أَوْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إنْ فَسَدَ الْعِوَضُ فَقَطْ وَكَانَ مَقْصُودًا أَوْ رَجْعِيًّا إنْ فَسَدَتْ الصِّيغَةُ أَوْ كَانَ الْعِوَضُ فَاسِدًا غَيْرَ مَقْصُودٍ كَدَمٍ وَقَدْ نُجِزَ أَوْ عُلِّقَ بِمَا وُجِدَ، أَوْ لَا يَقَعُ أَصْلًا إنْ عُلِّقَ بِمَا لَمْ يُوجَدْ ذَكَرَهُ الْمَدَابِغِيُّ. وَقَوْلُهُ: " إنْ فَسَدَتْ الصِّيغَةُ " كَخَالَعْتُكَ عَلَى هَذَا الدِّينَارِ عَلَى أَنَّ لِي الرَّجْعَةَ.

فَرْعٌ: سُئِلَ شَيْخُنَا زي عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ ثُمَّ اُحْتِيجَ لَهُ فِي دُخُولِهَا فَقِيلَ لَهُ خَالِعْ زَوْجَتَك فَقَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَا أُخَالِعُهَا وَلَا أُوَكِّلُ فِي خُلْعِهَا، فَهَلْ إذَا خَالَعَ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَوْ لَا؟ وَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: يَقَعُ بِالْخُلْعِ طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِهَا فَلَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ بَعْدَ ذَلِكَ اهـ خِضْرٌ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الدَّيْرَبِيُّ: أَيْ إذَا خَالَعَ بِنَفْسِهِ أَمَّا لَوْ وَكَّلَ فِي خُلْعِهَا وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُوَكِّلُ وَقَدْ وَكَّلَ قَبْلَ وُجُودِ الْخُلْعِ قَوْلُهُ: (مَعْلُومٌ) كَانَ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ يَصِحُّ وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَجْهُولًا لَكِنْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَعِبَارَةُ ق ل: قَوْلُهُ مَعْلُومٌ لَيْسَ قَيْدًا إلَّا مِنْ حَيْثُ لُزُومُ الْمُسَمَّى كَمَا سَيَذْكُرُهُ، فَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ لَكَانَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (بِمَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ مَقْصُودٍ رَاجِعٍ لِجِهَةِ الزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) كَالْحَشَرَاتِ لَا نَحْوِ الْمَيْتَةِ. قَوْلُهُ: (وَلِسَيِّدِهِ) أَيْ وَرُجُوعُ الْعِوَضِ لِسَيِّدِهِ أَيْ الزَّوْجِ، يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا اُشْتُرِطَ ابْتِدَاءً لِلسَّيِّدِ لَمْ يَكُنْ عِوَضًا لِجِهَةِ الزَّوْجِ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَمَا لَوْ خَلَعَتْ إلَخْ) بِخِلَافِ تَعْبِيرِ بَعْضِهِمْ بِيَأْخُذَهُ الزَّوْجُ فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُ هَذَا.

قَوْلُهُ: (مِنْ قَوَدٍ) وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْ الزَّوْجِ وَتَبِينُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ صَحِيحٌ يُقَابَلُ بِمَالٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) كَحَدِّ قَذْفٍ أَوْ تَعْزِيرٍ، وَيُبَرَّأُ الزَّوْجُ مِنْ ذَلِكَ وَتَبِينُ وَيَلْزَمُهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْعِوَضِ الْفَاسِدِ الَّذِي لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ وَهُوَ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ. وَكَانَ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ لَا يَسْقُطَ حَدُّ الْقَذْفِ وَالتَّعْزِيرِ، وَلَكِنْ لَمَّا تَضَمَّنَ ذَلِكَ مِنْهَا الرِّضَا وَالْمُسَامَحَةَ مِنْهُمَا سَقَطَ. وَعِبَارَةُ ح ل: وَالظَّاهِرُ أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ وَالتَّعْزِيرِ مَعَ الْمَقْصُودِ فَيَجِبُ فِي الْخُلْعِ عَلَيْهِمَا مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَخْتَصُّ بِمَالٍ يُقَابَلُ بِمَالٍ بِدَلِيلِ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ.

قَوْلُهُ: (فَيَصِحُّ رَجْعِيًّا) وَلَوْ قَالَ فَيَقَعُ لَكَانَ أَوْلَى إذْ فِي صِحَّةِ الْخُلْعِ مَعَ كَوْنِ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا تَنَاقُضٌ وَتَأَمَّلْ؛ قَالَهُ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِمَعْلُومٍ الْمَجْهُولُ) وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ وَبَقِيَ مَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى رَضَاعَةِ وَلَدِهِ سَنَتَيْنِ مَثَلًا ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِأُجْرَةٍ مِثْلِ مَا يُقَابِلُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ أَوْ بِالْقِسْطِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِاعْتِبَارِ مَا يُقَابِلُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْمَجْهُولِ وَالْوَاجِبُ مَعَ جَهْلِ الْعِوَضِ مَهْرُ الْمِثْلِ ع ش عَلَى م ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>