الْأَرْجَحِ فِي الزَّوَائِدِ، وَشُرِطَ فِي الصِّيغَةِ مَا مَرَّ فِيهَا فِي الْبَيْعِ عَلَى مَا يَأْتِي وَلَكِنْ لَا يَضُرُّ هُنَا تَخَلُّلُ كَلَامٍ يَسِيرٍ. وَلَفْظُ الْخُلْعِ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ فَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ لِنِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ تَكَرَّرَ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ، وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ؛ وَقِيلَ: كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ، وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْأُمِّ. وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الْخُلْعَ وَالْمُفَادَاةَ إنْ ذُكِرَ مَعَهُمَا الْمَالُ فَهُمَا صَرِيحَانِ فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ يُشْعِرُ بِالْبَيْنُونَةِ وَإِلَّا فَكِنَايَتَانِ.
(وَيَجُوزُ الْخُلْعُ فِي الطُّهْرِ) الَّذِي جَامَعَهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ نَدَمٌ بِظُهُورِ الْحَمْلِ لِرِضَاهُ بِأَخْذِ الْعِوَضِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَازُهُ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى. (وَ) يَجُوزُ أَيْضًا فِي (الْحَيْضِ) ؛ لِأَنَّهَا بِبَذْلِهَا الْفِدَاءَ لِخَلَاصِهَا رَضِيَتْ لِنَفْسِهَا بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ (وَلَا يَلْحَقُ الْمُخْتَلِعَةَ) فِي عِدَّتِهَا (طَلَاقٌ) بِلَفْظٍ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ وَلَا إيلَاءٌ وَلَا ظِهَارٌ لِصَيْرُورَتِهَا أَجْنَبِيَّةً بِافْتِدَاءِ بُضْعِهَا. وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْمُخْتَلِعَةِ الرَّجْعِيَّةُ فَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِبَقَاءِ سَلْطَنَتِهِ عَلَيْهَا؛ إذْ هِيَ كَالزَّوْجَةِ فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ وَالْمِيرَاثِ.
تَتِمَّةٌ: لَوْ ادَّعَتْ خُلْعًا فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، فَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً رَجُلَيْنِ عُمِلَ بِهَا وَلَا مَالَ؛ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَلِمَ أَنَّ كَفَّهَا خَالٍ قَالَ م ر: لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي كَفِّهَا صِلَةٌ لِمَا أَوْ صِفَةٌ لَهَا غَايَتُهُ أَنَّهُ وَصَفَهُ بِصِفَةٍ كَاذِبَةٍ فَتَلْغُو فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى شَيْءٍ مَجْهُولٍ اهـ. فَالْمُرَادُ الْعِوَضُ وَلَوْ بِقَسْرٍ كَمَا تَقَدَّمَ. وَخَرَجَ بِضَمِيرِ خَالَعَهَا خُلْعُهُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا.
قَوْلُهُ: (عَلَى مَا يَأْتِي) لَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ: " عَلَى مَا يَأْتِي " وَبَيْنَ قَوْلِهِ: " وَلَكِنْ " فَلَوْ حَذَفَهُ كَانَ أَوْلَى إذْ قَوْلُهُ: " وَلَكِنْ إلَخْ " هُوَ قَوْلُهُ عَلَى مَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ تَكَرَّرَ إلَخْ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَأْخَذَ الصَّرَاحَةِ التَّكَرُّرُ فِي لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ، وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ وُرُودُهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَوْ اشْتِهَارُهُ مَعَ وُرُودِ مَعْنَاهُ سَوَاءٌ تَكَرَّرَ أَمْ لَا. وَمُرَادُهُ بِحَمَلَةِ الشَّرْعِ الْفُقَهَاءُ ع ش.
قَوْلُهُ: (إنْ ذَكَرَ مَعَهُمَا الْمَالَ) وَكَذَا إنْ نَوَى أَوْ نَوَى الْتِمَاسَ قَبُولِهَا وَقَبِلَتْ ق ل. وَيَقَعُ فِي الْأُولَى بِالْمُسَمَّى وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْمَنْوِيِّ إنْ وَافَقَتْهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ تُوَافِقْهُ وَقَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَيَقَعُ فِي الثَّالِثَةِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إنْ قَبِلَتْ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ تَأَمَّلْ، حَرَّرَ ذَلِكَ فِي زي. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الثَّالِثَةِ، فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَإِلَّا فَلَا م ر، وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِهِ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ صَرَّحَ بِالْعِوَضِ أَوْ نَوَاهُ وَقَبِلَتْ بَانَتْ بِمَا ذَكَرَهُ أَوْ نَوَاهُ أَوْ عَرَّى عَنْ ذِكْرِ الْمَالِ وَنِيَّتِهِ وَنَوَى الْتِمَاسَ جَوَابِهَا وَقَبِلَتْ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِجَرَيَانِ ذَلِكَ بِعِوَضٍ، فَيَرْجِعُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ، فَإِنْ لَمْ يُضْمِرْ جَوَابَهَا وَنَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ اهـ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَعِ ش. وَعِبَارَةُ زي: الْمُعْتَمَدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ صَرَاحَتِهِ ذِكْرُ الْمَالِ وَمِثْلُ ذِكْرِهِ نِيَّتُهُ أَيْ الْمَالِ، فَإِنْ ذَكَرَ مَالًا وَجَبَ وَإِنْ نَوَاهُ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ سَوَاءٌ أَضْمَرَ الِالْتِمَاسَ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مَالًا وَلَا نَوَاهُ كَانَ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ، فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ نُظِرَ فَإِنْ أَضْمَرَ الْتِمَاسَ قَبُولِهَا وَقَبِلَتْ وَكَانَتْ أَهْلًا لِلِالْتِزَامِ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ يُضْمِرْ وَقَعَ رَجْعِيًّا. وَكَذَا إنْ لَمْ تَقْبَلْ، هَكَذَا حَرَّرَهُ ابْنُ الرَّمْلِيِّ فِي دَرْسِهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (الَّذِي جَامَعَهَا فِيهِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَكُونُ بِدْعِيًّا لَوْلَا الْخُلْعُ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ يُعْلَمُ) أَيْ مِنْ التَّعْلِيلِ. قَوْلُهُ (لِأَنَّهَا بِبَذْلِهَا الْفِدَاءَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ فَرْضُهَا فِيمَا إذَا كَانَ الْخُلْعُ مَعَهَا أَوْ بِإِذْنِهَا، فَلَوْ كَانَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ بِلَا إذْنِهَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ بِدْعِيٌّ وَإِنْ صَحَّ؛ وَسَيَأْتِي أَنَّ طَلَاقَهَا لَا سُنِّيٌّ وَلَا بِدْعِيٌّ.
قَوْلُهُ: (كَالزَّوْجَةِ فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ) ذَكَرَ خَمْسَةً، وَزِيدَ سَادِسٌ وَهُوَ: عَدَمُ جَوَازِ نِكَاحِ أَرْبَعٍ سِوَاهَا. وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فِي بَيْتٍ فَقَالَ:
طَلَاقٌ وَإِيلَاءٌ ظِهَارٌ وِرَاثَةٌ ... لِعَانٌ لَحِقْنَ الْكُلَّ مَنْ هِيَ رَجْعَةٌ
أَيْ ذَاتُ رَجْعَةٍ.
قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَإِذَا مَاتَ لَا تَرِثُهُ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَإِذَا مَاتَتْ وَرِثَهَا.
قَوْلُهُ: (رَجُلَيْنِ)