الْحَيْضِ كَإِنْشَائِهِ الطَّلَاقَ فِيهِ. وَخَرَجَ بِقَيْدِ الطَّلَاقِ فِي السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ الْفُسُوخُ فَإِنَّهَا لَا تَنْقَسِمُ إلَى سُنِّيٍّ وَلَا إلَى بِدْعِيٍّ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ:؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ مَضَارَّ زَائِدَةٍ فَلَا يَلِيقُ بِهَا تَكْلِيفُ مُرَاقَبَةِ الْأَوْقَاتِ، وَبِقَيْدِ قَوْلِهِ فِي الْحَيْضِ مَا إذَا وَافَقَ قَوْلَهُ: (أَنْتِ) زَمَنَ الطُّهْرِ (وَطَالِقٌ) زَمَنَ الْحَيْضِ فَهَلْ يَكُونُ سُنِّيًّا أَوْ بِدْعِيًّا، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَزِيزَةُ النَّقْلِ ذَكَرَهَا ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي غَيْرِ مَظِنَّتِهَا فِي بَابِ الْكَفَّارَاتِ وَنَقَلَ فِيهَا عَنْ ابْنِ شُرَيْحٍ وَأَقَرَّهُ أَنَّهُ قَالَ: يَحْسِبُ لَهَا الزَّمَنَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ قَوْلُهُ أَنْتِ فَقَطْ قَرْءًا وَيَكُونُ الطَّلَاقُ سُنِّيًّا، قَالَ: وَهُوَ مِنْ بَابِ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى أَوَّلِ أَجْزَائِهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ بِمُفْرَدِهِ اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا يَقَعُ بِمَجْمُوعِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ انْتَهَى.
تَنْبِيهَاتٌ: أَحَدُهَا: قَضِيَّةُ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِالْجِمَاعِ قَصَرَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ لَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. وَكَذَا الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ بِهِ.
التَّنْبِيهُ الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِ حَصْرُ الْبِدْعِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ بَقِيَ مِنْهُ قِسْمٌ آخَرُ مَذْكُورٌ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ وَقَسَمَ لِأَحَدِهِمَا ثُمَّ طَلَّقَ الْأُخْرَى قَبْلَ الْمَبِيتِ عِنْدَهَا وَلَوْ نَكَحَ حَامِلًا مِنْ زِنًا ثُمَّ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَخَرَجَ) الْأَوْلَى وَخَرَجَ بِالْوَاوِ.
قَوْلُهُ: (وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْبِدْعِيِّ) أَيْ مِنْ نَدْبِ الرَّجْعَةِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ الطُّرُقِ) أَيْ طُرُقِ نَقْلِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْإِمَامِ، فَإِنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ لَهَا طَرِيقٌ فِي النَّقْلِ. قَوْلُهُ: (إنْ أَوْقَعَ الصِّفَةَ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ عَلَّقَ بِدُخُولِهِ نَفْسِهِ دَارَ زَيْدٍ ثُمَّ إنَّهُ دَخَلَ زَمَنَ الْحَيْضِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا) أَيْ الْفُسُوخُ. وَقَوْلُهُ " لِدَفْعِ مَضَارَّ " أَيْ يَتَضَرَّرُ بِهَا الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ.
وَقَوْلُهُ " زَائِدَةٍ " أَيْ عَنْ مَضَارِّ طُولِ الْعِدَّةِ وَالنَّدَمِ. " فَلَا يَلِيقُ بِهَا " أَيْ بِالْمَضَارِّ الْمَذْكُورَةِ أَوْ فَلَا يَلِيقُ بِالْفُسُوخِ. وَقَوْلُهُ " تَكْلِيفُ الْمُرَاقَبَةِ " أَيْ تَكْلِيفُهُ الْمُرَاقَبَةَ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ تَكْلِيفُهَا إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهَا.
قَوْلُهُ: (فَهَلْ يَكُونُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ: فَفِيهِ تَرَدُّدٌ قِيلَ سُنِّيٌّ وَقِيلَ بِدْعِيٌّ. وَقَوْلُهُ " سُنِّيًّا " أَيْ نَظَرًا لِقَوْلِهِ أَنْتِ. وَقَوْلُهُ " أَوْ بِدْعِيًّا " أَيْ نَظَرًا لِقَوْلِهِ طَالِقٌ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ.
قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ مَظِنَّتِهَا) أَيْ مَوْضِعِهَا وَقَوْلُهُ فِي بَابِ الْكَفَّارَاتِ بَدَلٌ مِنْ غَيْرِ.
قَوْلُهُ: (يُحْسَبُ لَهَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَحْسِبُ لَهَا قَرْءًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِقَوْلِهِ طَالِقٌ وَإِنَّ الطَّلَاقَ بِدْعِيٌّ لَا إثْمَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَظُنُّ دَوَامَ طُهْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يَقَعُ بِمَجْمُوعِ إلَخْ) أَيْ فَتَبَيَّنَ بِآخِرِهِ الْوُقُوعُ بِأَوَّلِهِ كَمَا يَتَبَيَّنُ بِآخِرِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ بِأَوَّلِهَا، وَهَذَا مُسَلَّمٌ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ لَا فِي الْمَقِيسِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا بِآخِرِ الصِّيغَةِ فِي الطَّلَاقِ.
وَقَوْلُهُ " بِمَجْمُوعِ إلَخْ " هَذَا يَرُدُّ عَلَى الْقَائِلِ بِأَنَّهُ سُنِّيٌّ وَأَنَّ زَمَنَ أَنْتِ يُحْسَبُ قَرْءًا فَكَيْفَ يَكُونُ قَرْءًا مَعَ أَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ بَعْدَهُ فَيَكُونُ بَعْضُ الْعِدَّةِ مُتَقَدِّمًا عَلَى الطَّلَاقِ؟ فَالْحُكْمُ بِأَنَّهُ سُنِّيٌّ مِنْ أَعْجَبْ الْعَجَائِبِ.
قَوْلُهُ: (كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ خَوْفُ الْحَمْلِ، أَيْ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا بِاسْتِدْخَالِهَا لَهُ وَإِلَّا لَمْ يَحْرُمْ زي. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ اسْتِدْخَالِهَا فِي الْقُبُلِ أَوْ فِي الدُّبُرِ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ وَطِئَ فِي الدُّبُرِ) هُوَ مِنْ أَفْرَادِ الْجِمَاعِ، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ لِلْخِلَافِ فِيهِ ق ل.
قَوْلُهُ: (لِثُبُوتِ النَّسَبِ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر فِي بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ أَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ لَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ وَلَا الِاسْتِيلَادُ، أَيْ وَإِنْ وَجَبَتْ بَيْنَ الْعِدَّةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فَهَذِهِ مُنَاقَشَةٌ فِي الْعِلَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ، وَأَمَّا الْحُكْمُ وَهُوَ أَنَّهُ بِدْعِيٌّ فَمُسَلَّمٌ؛ لِأَنَّهُ تَجِبُ بِهِ الْعِدَّةُ.
قَوْلُهُ: (فِي حَقِّ مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْحُرْمَةَ فِيهِ لِمَعْنًى غَيْرِ الْمُرَادِ هُنَا الَّذِي هُوَ عَدَمُ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ؛ قَالَهُ ق ل.
وَقَوْلُهُ " فَإِنَّهُ بِدْعِيٌّ " لِعَدَمِ شُرُوعِهَا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا تُقَدَّمُ عِدَّةُ وَطْءِ الشُّبْهَةِ حِينَئِذٍ؛ قَالَهُ شَيْخُنَا م د. قِيلَ: وَمِنْهُ مَا لَوْ طَلَّقَهَا حَالَ مَرَضِهِ طَلَاقًا بَائِنًا قَاصِدًا حِرْمَانَهَا مِنْ الْإِرْثِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَالزَّكَاةِ إذَا أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ النِّصَابِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ قَاصِدًا الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ فَهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَكَحَ حَامِلًا مِنْ زِنًا) أَيْ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ. وَيُلْغَزُ بِهَا وَيُقَالُ: لَنَا امْرَأَةٌ تَزَوَّجَتْ وَهِيَ حَامِلٌ وَصَحَّ ذَلِكَ. وَصُورَتُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ نَكَحَ حَامِلًا إلَخْ، ثُمَّ فَرْضُهُمْ ذَلِكَ فِيمَنْ نَكَحَهَا حَامِلًا مِنْ الزِّنَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ زَنَتْ وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ فَحَمَلَتْ جَازَ لَهُ طَلَاقُهَا وَإِنْ طَالَتْ عِدَّتُهَا لِعَدَمِ صَبْرِ النَّفْسِ عَلَى عِشْرَتِهَا حِينَئِذٍ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ غَيْرَ أَنَّ كَلَامَهُمْ يُخَالِفُهُ اهـ. قَالَ سم: قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ أَيْ؛ لِأَنَّ الرَّحِمَ مَعْلُومُ الشُّغْلِ، فَلَا مَعْنًى لِلشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ