للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ غَيْرِ الْأُولَيَيْنِ وَطَلَاقُ أَرْبَعَةٍ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْمَحِلُّ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ) الْمُعَلَّقُ (قَبْلَ النِّكَاحِ) بَعْدَ وُجُودِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الْخَامِسِ وَهُوَ شُرُوطُ الْمُطَلِّقِ بِقَوْلِهِ: (وَأَرْبَعٌ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُمْ) بِتَنْجِيزٍ وَلَا تَعْلِيقٍ: الْأَوَّلُ (الصَّبِيُّ) وَالثَّانِي (الْمَجْنُونُ، وَ) الثَّالِثُ (النَّائِمُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ. عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ» صَحَّحَهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَحَيْثُ ارْتَفَعَ عَنْهُمْ الْقَلَمُ بَطَلَ تَصَرُّفُهُمْ، نَعَمْ لَوْ طَرَأَ الْجُنُونُ مِنْ سُكْرٍ تَعَدَّى بِهِ صَحَّ تَصَرُّفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ فِي هَذَا الْجُنُونِ وَقَعَ طَلَاقُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْهُ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. وَالْمُبَرْسَمُ وَالْمَعْتُوهُ وَهُوَ النَّاقِصُ الْعَقْلِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ كَالْمَجْنُونِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَأَرْبَعَةٌ وَجُمْلَتُهَا عَشَرَةٌ وَتَكَرَّرَ فِيهَا الْوَاحِدُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَالِاثْنَانِ مَرَّةً فَقَطْ وَجُمْلَتُهَا خَمْسَةٌ تُزَادُ عَلَى الْعَشَرَةِ. وَهَذَا ضَابِطٌ سَهْلٌ قَرِيبٌ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ صَدَقَ بِهِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ.

قَوْلُهُ: (وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ) أَيْ بِانْضِمَامِهِمَا لِلْأُولَى.

قَوْلُهُ: (طَلَاقُ وَاحِدَةٍ) أَيْ فِي ضِمْنِ الْأَرْبَعَةِ.

قَوْلُهُ: (وَطَلَاقُ ثَلَاثٍ) أَيْ بِانْضِمَامِهَا إلَى مَا قَبْلَهَا، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ لَا طَلَاقُ ثِنْتَيْنِ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الثِّنْتَيْنِ لَا تَصْدُقُ إلَّا فِي الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ.

قَوْلُهُ: (غَيْرِ الْأُولَيَيْنِ) أَيْ غَيْرِ اللَّذَيْنِ وَقَعَا بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُمَا وَقَعَا بِهِ فَلَا يَقَعَانِ بَعْدُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ) كَمَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ الْمُعَيَّنَةَ أَوْ غَيْرَهَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ. وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِوُقُوعِهِ فَلِلشَّافِعِيِّ نَقْضُهُ كَمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ ق ل.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ ذَلِكَ قَبْلَ وُقُوعِهِ حَاكِمٌ نُقِضَ؛ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ إذْ شَرْطُهُ وُقُوعُ دَعْوَى مُلْزِمَةٍ وَقَبْلَ الْوُقُوعِ لَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ، نَعَمْ نُقِلَ عَنْ الْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ دَعْوَى كَذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ بِذَلِكَ صَدَرَ مِمَّنْ يَرَى ذَلِكَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ؛ وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ بَاطِلٌ كَذَلِكَ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ زي جَوَازُ النَّقْضِ مُطْلَقًا. اهـ. خَضِرٌ الشَّوْبَرِيُّ. قَوْلُهُ: (الْمُعَلَّقُ) لَوْ أَبْقَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ طَلَاقِ الْأَجْنَبِيَّةِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ ق ل. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ صَادِقٌ بِمَا إذَا نَجَّزَ الطَّلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ وَبِمَا إذَا عَلَّقَهُ ثُمَّ نَكَحَهَا وَالشَّارِحُ قَصَرَهُ عَلَى الثَّانِي وَالْأَوَّلُ يُعْلَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى، وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ: وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُبْقِهِ عَلَى إطْلَاقِهِ لِيَشْمَلَ نَحْوَ قَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ طَالِقٌ بِالتَّنْجِيزِ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَافْهَمْ.

قَوْلُهُ: «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ» هَذَا يَدُلُّ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ بِأَنْ يَقُولَ لَا طَلَاقَ يَقَعُ إلَّا بَعْدَ النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَهُ وَنَحْوُهُ نَقُولُ لَا طَلَاقَ يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ النِّكَاحِ.

قَوْلُهُ: (وَأَرْبَعٌ) بِحَذْفِ التَّاءِ لِحَذْفِ الْمَعْدُودِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَعْلِيقٍ) وَإِنْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْكَمَالِ.

قَوْلُهُ: (الصَّبِيُّ) خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ اهـ م د.

قَوْلُهُ: (وَالْمَجْنُونُ) غَيْرُ الْمُتَعَدِّي. قَوْلُهُ: «رُفِعَ الْقَلَمُ» أَيْ قَلَمُ التَّكْلِيفِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَتْ إتْلَافَاتُهُمْ مُعْتَبَرَةً؛؛ لِأَنَّهُ مِنْ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (صَحَّ تَصَرُّفُهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَقَعَ طَلَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَكَانَ يَجْعَلُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ دَلِيلًا لَهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَوْ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَلَوْ طَلَّقَ إلَخْ، بَقَاءُ التَّفْرِيعِ. وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْجُنُونِ أَيْ الْوَاقِعِ فِي السُّكْرِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُبَرْسَمُ) هُوَ مَنْ أَصَابَهُ الْبَرْسَامُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ مَرَضٌ يَعْتَرِي الدِّمَاغَ يُخَلِّطُ الْعَقْلَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْبَرْسَامُ دَاءٌ مَعْرُوفٌ وَفِي بَعْضِ كُتُبِ الطِّبِّ أَنَّهُ وَرَمٌ حَارٌّ يَعْرِضُ لِلْحِجَابِ الَّذِي بَيْنَ الْكَبِدِ وَالْأَمْعَاءِ ثُمَّ يَتَّصِلُ بِالدِّمَاغِ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ الْبَرْسَامُ مُعَرَّبٌ وَبُرْسِمَ الرَّجُلُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. وَقَوْلُهُ: " وَالْمَعْتُوهُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ عَتَهَ عَتَهًا مِنْ بَابِ تَعِبَ نَقَصَ عَقْلُهُ مِنْ غَيْرِ جُنُونٍ أَوْ دَهْشَةٍ وَفِي التَّهْذِيبِ الْمَعْتُوهُ الْمَدْهُوشُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>