تَقَلَّصَتْ جِلْدَةُ الذِّرَاعِ مِنْهُ وَجَبَ غَسْلُهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْهُ، وَإِنْ تَدَلَّتْ جِلْدَةُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ بِأَنْ تَقَلَّعَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَبَلَغَ التَّقَلُّعُ إلَى الْآخَرِ ثُمَّ تَدَلَّتْ مِنْهُ فَالِاعْتِبَارُ بِمَا انْتَهَى إلَيْهِ تَقَلُّعُهَا، لَا بِمَا مِنْهُ تَقَلُّعُهَا، فَيَجِبُ غَسْلُهَا فِيمَا إذَا بَلَغَ تَقَلُّعُهَا مِنْ الْعَضُدِ إلَى الذِّرَاعِ دُونَ مَا إذَا بَلَغَ مِنْ الذِّرَاعِ إلَى الْعَضُدِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ جُزْءًا مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ، فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَلَوْ الْتَصَقَتْ بَعْدَ تَقَلُّعِهَا مِنْ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَجَبَ غَسْلُ مُحَاذِي الْفَرْضِ مِنْهَا دُونَ غَيْرِهِ، ثُمَّ إنْ تَجَافَتْ عَنْهُ وَجَبَ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا أَيْضًا لِنُدْرَتِهِ، وَإِنْ سَتَرَتْهُ اكْتَفَى بِغَسْلِ ظَاهِرِهَا وَلَا يَجِبُ فَتْقُهَا، فَلَوْ غَسَلَهُ ثُمَّ زَالَتْ عَنْهُ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْ تَحْتِهَا؛ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى ظَاهِرِهَا كَانَ لِلضَّرُورَةِ، وَقَدْ زَالَتْ.
وَلَوْ تَوَضَّأَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ تَثَقَّبَتْ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ مَا ظَهَرَ إلَّا
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (أَوْ تَقَلَّصَتْ) أَيْ تَقَلَّعَتْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ انْكَشَطَتْ خِلَافًا لِلْمُحَشِّيِّ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تَقَلَّعَتْ) أَيْ انْكَشَطَتْ وَاسْتَمَرَّتْ فِي الذِّرَاعِ. وَلَمَّا كَانَ فِي الْعِبَارَةِ غُمُوضٌ شَرَحَهَا بِمَا ذُكِرَ.
قَوْلُهُ: (لَا بِمَا مِنْهُ تَقَلُّعُهَا إلَخْ) . فَإِنْ قُلْت: لِمَا اعْتَبَرُوا هُنَا الْمَحَلَّ الْمُنْتَقَلَ إلَيْهِ التَّقَلُّعَ، وَفِي الشَّجَرَةِ الْحِلِّيَّةَ وَالْحُرْمِيَّةَ الْمَحَلَّ الَّذِي مِنْهُ التَّقَلُّعُ. قُلْت: لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى وَصْفِ الِاحْتِرَامِ وَعَدَمِهِ، وَهُمَا مِنْ الْأُمُورِ الذَّاتِيَّةِ فَاعْتُبِرَ مَحَلُّهَا الْأَصْلِيُّ دُونَ الطَّارِئِ، وَأَمَّا هُنَا فَلَيْسَ الْمَدَارُ إلَّا عَلَى مَا هُوَ فِي الْفَرْضِ فَنَظَرُوا إلَيْهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ هُنَا وَعَدَمَهُ مِنْ الْأُمُورِ الْعَرْضِيَّةِ، فَنَاسَبَ النَّظَرَ فِيهِمَا لِلْعَوَارِضِ دُونَ الْأُصُولِ اهـ. إيعَابٌ. وَأَوْضَحُ مِنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ الْعِبْرَةُ هُنَاكَ بِاحْتِرَامِ الْمَكَانِ وَعَدَمِهِ فَاتُّبِعَ وَهُنَا بِمَحَلِّ الْفَرْضِ فَاتُّبِعَ.
قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ غَسْلُهَا إلَخْ) أَيْ غَسْلُ جَمِيعِهَا وَلَوْ لَمْ يُحَاذِ الْفَرْضَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ الْتَصَقَتْ إلَخْ) . عِبَارَةُ م ر وَلَوْ انْكَشَطَتْ مِنْ سَاعِدِهِ وَالْتَصَقَ رَأْسُهَا بِعَضُدِهِ مَعَ تَجَافِي بَاقِيهَا وَجَبَ غَسْلُ مُحَاذِي الْفَرْضِ مِنْهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا دُونَ مَا فَوْقَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ، فَلَا نَظَرَ لِأَصْلِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا إلَيْهِ التَّكَشُّطُ لَا بِمَا مِنْهُ ذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِهِمْ بِالْمُحَاذَاةِ أَنَّ الزَّائِدَةَ لَوْ نَبَتَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ بَعْدَ قَطْعِ الْأَصْلِيَّةِ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ شَيْءٍ مِنْهَا لِانْتِفَاءِ الْمُحَاذَاةِ حِينَئِذٍ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ بِنَاءَ خِلَافِهِ بِنَاءً عَلَى شُمُولِ الْمُحَاذَاةِ لِمَا كَانَ قُوَّةً أَيْ بِالْقُوَّةِ أَيْ تَقْدِيرًا وَهُوَ أَقْرَبُ اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ وَالْتَحَمَتْ.
قَوْلُهُ: (بِالْآخَرِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْتَصَقَتْ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَتَرَتْهُ) أَيْ وَخِيفَ مِنْ إزَالَتِهَا حُصُولُ ضَرَرٍ وَقَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ فَتْقُهَا) أَيْ إنْ لَزِمَ عَلَيْهِ مَحْذُورٌ تَيَمَّمَ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ غَسَلَهُ) أَيْ ظَاهِرَهَا ق ل.
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْ تَحْتِهَا) لَعَلَّهُ إنْ لَمْ تَكُنْ قَدْ الْتَحَمَتْ عَلَى الْمُتَّجَهِ فَرَاجِعْهُ. ق ل. أَيْ؛ لِأَنَّهَا إذَا الْتَحَمَتْ فَقَدْ أَتَى بِوَاكِبِهَا، فَإِذَا انْفَكَّتْ صَارَ كَمَا لَوْ أَزَالَ الشَّعْرَ الَّذِي اكْتَفَى بِغَسْلِ ظَاهِرِهِ عَنْ الْبَشَرَةِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ غَسْلَ مَا ظَهَرَ فَكَذَا هَذَا.
قَوْلُهُ (فَقُطِعَتْ يَدُهُ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَدٌ وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ انْتَقَلَ لِغَسْلِ رِجْلَيْهِ ثُمَّ نَبَتَتْ لَهُ يَدٌ قَبْلَ تَمَامِ طُهْرِهِ هَلْ يَجِبُ غَسْلُهَا وَمَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ سُقُوطَ غَسْلِهَا لِعَدَمِهَا، وَقَدْ زَالَ أَوَّلًا لِفَوَاتِ مَحَلِّ غَسْلِهَا؟ . فِيهِ نَظَرٌ.
وَأَقُولُ: قَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ كَغَيْرِهِ فَقَطَعْت وُجُوبَ غَسْلِهَا لِجَعْلِهِ الْقَطْعَ بَعْدَ تَمَامِ الْوُضُوءِ، إذًا لَا يُقَالُ لَهُ وُضُوءٌ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْوُضُوءِ طُهْرُ ذَلِكَ الْعُضْوِ بِأَنْ قُطِعَ بَعْدَ تَطْهِيرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اج. وَعِبَارَةُ الْإِطْفِيحِيِّ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ يَدٌ حَالَ شُرُوعِهِ فِي الْوُضُوءِ ثُمَّ نَبَتَتْ لَهُ يَدٌ، فَإِنْ نَبَتَتْ بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ وَقَبْلَ مَسْحِ الرَّأْسِ وَجَبَ غَسْلُهَا لِوُجُودِهَا قَبْلَ الِانْتِقَالِ عَنْ مَحَلِّ فَرْضِهَا، أَمَّا لَوْ نَبَتَتْ بَعْدَ تَمَامِ الطَّهَارَةِ لَمْ يَجِبْ الْعَوْدُ لِغَسْلِهَا مَا دَامَ عَلَى تِلْكَ الطَّهَارَةِ لِوُجُودِهَا بَعْدَ تَمَامِهَا، وَبَقِيَ مَا لَوْ نَبَتَتْ بَعْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ وَقَبْلَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، فَهَلْ يَعُودُ إلَى طَهَارَتِهَا بَعْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ لِوُجُودِهَا قَبْلَ تَمَامِ الطَّهَارَةِ أَوْ لَا لِوُجُودِهَا بَعْدَ الِانْتِقَالِ عَنْ مَحَلِّهَا؟ . مَحَلُّ نَظَرٍ وَاحْتِمَالٍ حَرِّرْهُ. اهـ. قُلْتُ: يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: أَمَّا لَوْ نَبَتَ إلَخْ. لَا يَعُودُ لِطَهَارَتِهَا لِمَا عَلَّلَ بِهِ بِقَوْلِهِ لِوُجُودِهَا