يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ صِفَةِ الْغُسْلِ.
وَغَسْلُ يَدٍ زَائِدَةٍ إنْ نَبَتَتْ بِمَحَلِّ الْفَرْضِ وَلَوْ مِنْ الْمَرْفِقِ كَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ وَسِلْعَةٍ، سَوَاءٌ جَاوَزَتْ الْأَصْلِيَّةَ أَمْ لَا. وَإِنْ نَبَتَتْ بِغَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَجَبَ غَسْلُ مَا حَاذَى مِنْهَا مَحَلَّهُ لِوُقُوعِ اسْمِ الْيَدِ عَلَيْهِ مَعَ مُحَاذَاتِهِ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ؛ بِخِلَافِ مَا لَمْ يُحَاذِهِ فَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ الزَّائِدَةُ عَنْ الْأَصْلِيَّةِ بِأَنْ كَانَتَا أَصْلِيَّتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا زَائِدَةٌ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ بِنَحْوِ فُحْشِ قِصَرٍ وَنَقْصِ أَصَابِعَ وَضَعْفِ بَطْشٍ غَسَلَهُمَا وُجُوبًا، سَوَاءٌ أَخَرَجَتَا مِنْ الْمَنْكِبِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ لِيَتَحَقَّقَ إتْيَانُ الْفَرْضِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ السَّرِقَةِ تُقْطَعُ إحْدَاهُمَا فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِهَا؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ مَبْنَاهُ عَلَى الِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَالْحَدُّ مَبْنَاهُ عَلَى الدَّرْءِ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ، وَتَجْرِي هَذِهِ الْأَحْكَامُ فِي الرِّجْلَيْنِ، وَإِنْ تَدَلَّتْ جِلْدَةُ الْعَضُدِ مِنْهُ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ شَيْءٍ مِنْهَا لَا الْمُحَاذِي وَلَا غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْيَدِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا مَعَ خُرُوجِهَا عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ، أَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ.
قَوْلُهُ: (زَائِدَةٍ) أَيْ مُتَمَيِّزَةٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ الزَّائِدَةُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (إنْ نَبَتَتْ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ سَامَتَتْ أَمْ لَا لِنَبَاتِهَا فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ، فَصَارَتْ كَالسِّلْعَةِ الَّتِي فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ. قَوْلُهُ: (وَسِلْعَةٍ) السِّلْعَةُ بِكَسْرِ السِّينِ لِلْخُرَّاجِ الْبَارِزِ مِنْ الْبَدَنِ أَمَّا بِالْفَتْحِ فَاسْمٌ لِمَا يُبَاعُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَقَالَ الرَّحْمَانِيُّ السِّلْعَةُ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ غُدَّةٌ تَظْهَرُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ إذَا غُمِزَتْ بِالْيَدِ لَانَتْ وَمَبْدَؤُهَا مِنْ الْحِمِّصَةِ وَمُنْتَهَاهَا إلَى الْبِطِّيخَةِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ، وَلِهَذَا أَشَارَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
سِلْعَةُ الْمَتَاعِ سِلْعَةُ الْجَسَدِ ... كُلٌّ بِكَسْرِ السِّينِ هَكَذَا وَرَدَ
أَمَّا الَّتِي بِالْفَتْحِ فَهِيَ الشَّجَّةُ ... عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ فَاسْلُكْ نَهْجَهُ
قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَبَتَتْ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا مُتَمَيِّزَةٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ.
قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ) كَأَنْ نَبَتَتْ فِي الْعَضُدِ وَهُوَ مَا فَوْقَ الْمَرْفِقَيْنِ وَتَدَلَّتْ لِلذِّرَاعِ.
قَوْلُهُ: (مَا حَاذَى مِنْهُ مَحَلَّهُ) أَيْ مَحَلَّ الْفَرْضِ. وَالْمُحَاذِي هُوَ الْمُرَادُ بِالسِّمَاتِ فِي كَلَامِهِمْ فَالتَّفْضِيلُ بَيْنَ الْمُسَامِتِ وَغَيْرِهِ فِيمَا لَمْ يَنْبُتْ بِمَحَلِّ الْفَرْضِ بِخِلَافِ مَا نَبَتَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَمَّا نَبَتَتْ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ كَانَتْ كَالسِّلْعَةِ فَيَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِهَا مُطْلَقًا بِخِلَافِ تِلْكَ، لَكِنْ أَطْلَقَ م ر أَنَّ الزَّائِدَةَ لَوْ طَالَتْ فَجَاوَزَتْ أَصَابِعُهَا أَصَابِعَ الْأَصْلِيَّةِ اتَّجَهَ وُجُوبُ غَسْلِ الزَّائِدِ عَلَى الْأَصْلِيَّةِ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ. اهـ. فَظَاهِرُهُ شُمُولِ ذَلِكَ لِمَا لَمْ يَنْبُتْ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ، لَكِنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا وُجُوبَ غَسْلِ مَا حَاذَى الْيَدَيْنِ مِنْ يَدٍ زَائِدَةٍ نَبَتَتْ فَوْقَ مَحَلِّ الْفَرْضِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (لِوُقُوعِ اسْمِ الْيَدِ عَلَيْهِ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ جِلْدَةِ الْعَضُدِ إذَا لَمْ يَصِلْ تَقَلُّصُهَا إلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ وَكَانَتْ مُحَاذِيَةً لَهُ كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا لَمْ يُحَاذِهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْعُلُوِّ، وَأَمَّا مَا لَمْ يُحَاذِهِ مِنْ جِهَةِ السُّفْلِ كَأَنْ طَالَتْ الزَّائِدَةُ فَجَاوَزَتْ أَصَابِعُهَا أَصَابِعَ الْأَصْلِيَّةِ فَيُتَّجَهُ وُجُوبُ غَسْلِ الزَّائِدِ عَلَى الْأَصْلِيَّةِ كَمَا فِي م ر. فَالْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ إلَخْ) هَذِهِ سَالِبَةٌ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ فَصَحَّ قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَتْ إلَخْ قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أَخَرَجَتَا إلَخْ) بِهَذَا التَّعْمِيمِ فَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ وُجُوبُ غَسْلِ الْجَمِيعِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الدَّرْءِ) أَيْ التَّرْكِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَدَلَّتْ جِلْدَةُ الْعَضُدِ مِنْهُ) أَيْ بِأَنْ انْكَشَطَتْ وَلَمْ يَبْلُغْ كَشْطُهَا إلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي لَكِنَّهَا بَلَغَتْهُ بِالتَّدَلِّي.
قَوْلُهُ: (أَوْ تَقَلَّصَتْ) أَيْ انْكَشَطَتْ جِلْدَةُ الذِّرَاعِ وَلَمْ يَبْلُغْ كَشْطُهَا إلَى الْعَضُدِ، وَإِنْ بَلَغَتْ بِالتَّدَلِّي إلَى الْعَضُدِ فَيَجِبُ الْخَارِجُ أَيْضًا، وَمَحَلُّ عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ الْمُتَدَلِّي لِمَحَلِّ الْفَرْضِ فِي الْأُولَى، وَوُجُوبِ غَسْلِ الْخَارِجِ عَنْهُ فِي الثَّانِيَةِ مَا لَمْ يَحْصُلْ الْتِصَاقٌ، وَإِلَّا وَجَبَ فِي الْأَوَّلِ وَلَمْ يَجِبْ فِي الثَّانِي، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ الْتَصَقَتْ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِهَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَقَطْ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (لَا الْمُحَاذِي وَلَا غَيْرُهُ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْيَدِ الزَّائِدَةِ النَّابِتَةِ بِغَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ حَيْثُ يَجِبُ غَسْلُ الْمُحَاذِي بِمُشَارَكَتِهَا لِلْيَدِ فِي الِاسْمِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ اسْمَ الْيَدِ إلَخْ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ يَدِ الزَّائِدَةِ النَّابِتَةِ فِي الْعَضُدِ الْمُحَاذِيَةِ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ