بِأَنْ سَلَّ عَظْمَ الذِّرَاعِ وَبَقِيَ الْعَظْمَاتُ الْمُسَمَّيَانِ بِرَأْسِ الْعَضُدِ، فَيَجِبُ غَسْلُ رَأْسِ عَظْمِ الْعَضُدِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَرْفِقِ، أَوْ قَطَعَ مِنْ فَوْقِ الْمَرْفِقِ نُدِبَ غَسْلُ بَاقِي عَضُدِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ سَلِيمَ الْيَدِ، وَإِنْ قَطَعَ مِنْ مَنْكِبِهِ نُدِبَ غَسْلُ مَحَلِّ الْقَطْعِ بِالْمَاءِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ.
وَيَجِبُ غَسْلُ شَعْرٍ عَلَى الْيَدَيْنِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَإِنْ كَثُفَ لِنُدْرَتِهِ وَغَسْلُ ظُفُرٍ، وَإِنْ طَالَ، وَغَسْلُ بَاطِنِ ثَقْبٍ وَشُقُوقٍ فِيهِمَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَوْرٌ فِي اللَّحْمِ، وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْهُ فَقَطْ، وَيَجْرِي هَذَا فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ كَمَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَقَوْلُهُ: «فَأْتُوا مِنْهُ» أَيْ مِنْ الْأَمْرِ بِمَعْنَى الْمَأْمُورِ بِهِ.
قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ غَسْلُ رَأْسِ عَظْمِ الْعَضُدِ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْفِقَ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ الْعَظَمَتَيْنِ وَالْإِبْرَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ.
أَمَّا إذَا فَرَّعْنَا عَلَى مُقَابِلِهِ وَهُوَ أَنَّ الْمَرْفِقَ طَرَفُ عَظْمِ السَّاعِدِ فَلَا يَجِبُ. اهـ اج.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مِنْ الْمَرْفِقِ) إذْ الْمَرْفِقُ مَجْمُوعُ الْعِظَامِ الثَّلَاثِ أَيْ الْعَظْمَاتُ الْمُسَمَّيَاتُ رَأْسَ الْعَضُدِ وَالْإِبْرَةُ الدَّاخِلَةُ بَيْنَهُمَا اهـ. ح ل.
قَوْلُهُ: (نُدِبَ غَسْلُ بَاقِي عَضُدِهِ) الْعَضُدُ مَا بَيْنَ الْمَرْفِقِ إلَى الْكَتِفِ وَفِيهِ خَمْسُ لُغَاتٍ وِزَانُ رَجُلٍ وَبِضَمَّتَيْنِ فِي لُغَةِ الْحِجَازِ وَقَرَأَ بِهَا الْحَسَنُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [الكهف: ٥١] وَمِثَالُ كَبِدٍ فِي لُغَةِ بَنِي أَسَدٍ وَمِثَالُ فَلْسٍ فِي لُغَةِ تَمِيمٍ وَبَكْرٍ وَالْخَامِسَةُ مِثَالُ قُفْلٍ قَالَ أَبُو زَيْدٍ أَهْلُ تِهَامَةَ يُؤَنِّثُونَ الْعَضُدَ وَبَنُو تَمِيمٍ يُذَكِّرُونَهُ وَالْجَمْعُ أَعْضُدُ وَأَعْضَادُ مِثْلُ أَفْلُسُ وَأَفْلَاسُ اهـ. مِصْبَاحٌ ع ش. فَإِنْ قُلْت: هَلَّا سَقَطَ غَسْلُ هَذَا الْقَدْرِ وَلَمْ يُنْدَبْ مِثْلُ سُقُوطِ الرَّوَاتِبِ تَبَعًا لِلْفَرْضِ بِنَحْوِ جُنُونٍ؟ . قُلْت: لِأَنَّ سُقُوطَهَا تَمَّ رُخْصَةً وَالتَّابِعُ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَهَذَا فِيهِ سُقُوطُ الْمَتْبُوعِ لِعُذْرٍ فَحَسُنَ بَقَاءُ التَّابِعِ مُحَافَظَةً عَلَى الْعِبَادَةِ مَا أَمْكَنَ كَإِمْرَارِ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِ الْمُحْرِمِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا شَعْرٌ وَلِأَنَّ التَّابِعَ ثَمَّ شُرِعَ تَكْمِلَةً لِنَقْصِ الْمَتْبُوعِ أَيْ بِتَرْكِ سُنَّةٍ أَوْ فِعْلِ مَكْرُوهٍ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَتْبُوعٌ فَلَا تَكْمِلَةَ بِخِلَافِهِ هُنَا لَيْسَ تَكْمِلَةً لِلْمَتْبُوعِ؛ لِأَنَّهُ كَامِلٌ بِالْمُشَاهَدَةِ أَيْ: قَبْلَ الْقَطْعِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبًا لِنَفْسِهِ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.
{فَائِدَةٌ} : قَالَ م ر: كُلُّ مَا ثُنِّيَ مِنْ الْإِنْسَانِ مِنْ الْأَعْضَاءِ كَالْيَدِ وَالْعَيْنِ وَالْأُذُنِ فَهُوَ مُؤَنَّثٌ بِخِلَافِ الْأَنْفِ وَالْقَلْبِ وَنَحْوِهِمَا أَيْ كَالْبَطْنِ فَإِنَّهُ وَرَدَ فِي الْخَبَرِ: «كَذَبَ بَطْنُ أَخِيك» بِالتَّذْكِيرِ. اهـ.
قَوْلُهُ: (بِالْمَاءِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ كَسَابِقِهِ وَلَاحِقِهِ.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ غَسْلُ شَعْرٍ إلَخْ) وَيَجِبُ غَسْلُ عَظْمٍ وَضَحَ بِكَشْطِ مَا فَوْقَهُ وَمَوْضِعَ شَوْكَةٍ بَقِيَ مَفْتُوحًا، وَإِلَّا يَصِحَّ الْوُضُوءُ مَعَ بَقَائِهَا بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَتْ لَمْ يَنْضَمَّ مَوْضِعُهَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ فَيَجِبُ غَسْلُهُ، وَإِلَّا صَحَّ الْوُضُوءُ مَعَ بَقَائِهَا م ر.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَثُفَ لِنُدْرَتِهِ) أَيْ الشَّعْرُ الْكَثِيفُ أَيْ: وَإِنْ خَرَجَ عَنْ حَدِّهِمَا أَيْضًا. وَتَقَدَّمَ فِي الْوَجْهِ أَنَّ الْكَثِيفَ الْخَارِجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ يُكْتَفَى بِغَسْلِ ظَاهِرِهِ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا وَالْفَرْقُ نُدْرَةُ مَا هُنَا. اهـ.
قَوْلُهُ: (وَغَسْلُ ظُفُرٍ) فِيهِ خَمْسُ لُغَاتٍ ضَمُّ الظَّاءِ مَعَ سُكُونِ الْفَاءِ وَضَمُّهَا وَكَسْرُهَا مَعَ سُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرُهَا وَأُظْفُورٌ كَعُصْفُورٍ وَاَلَّذِي قُرِئَ بِهِ الْقُرْآنُ ضَمُّ الظَّاءِ وَالْفَاءِ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِمَّا جَازَ لُغَةً أَنْ يَجُوزَ قِرَاءَةً عَمَلًا بِقَوْلِ الشَّاطِبِيِّ
وَمَا لِقِيَاسٍ فِي الْقِرَاءَةِ مَدْخَلُ.
قَوْلُهُ: (وَغَسْلُ بَاطِنِ ثُقْبٍ) أَيْ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا بِهَا، فَلَوْ دَخَلَتْ نَحْوُ شَوْكَةٍ فِي نَحْوِ يَدِهِ، فَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُهَا وَجَبَ قَلْعُهُ وَغَسْلُ مَا تَحْتَهُ، لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ قُلِعَ بَقِيَ مَفْتُوحًا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَلْتَئِمُ بَعْدَ قَلْعِهَا، وَهَذَا مَا لَمْ تَغُرْ فِي اللَّحْمِ، وَإِلَّا فَإِنْ غَارَتْ أَيْ صَارَتْ مِنْ اللَّحْمِ فَلَا تُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ الْوُضُوءِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلَا تَصِحُّ مَعَهَا إنْ كَانَتْ قَدْ اخْتَلَطَتْ بِدَمٍ كَثِيرٍ حَيْثُ كَانَتْ رَأْسُهَا ظَاهِرَةً بِخِلَافِهَا مَعَ الْقَلِيلِ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِقِلَّتِهِ. هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُ مَا ظَهَرَ) هِيَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ إنْ الشَّرْطِيَّةِ وَلَا النَّافِيَةِ الْمَحْذُوفِ مَدْخُولُهُمَا، وَلَيْسَتْ حَرْفَ اسْتِثْنَاءٍ كَمَا قِيلَ، وَإِلَّا لَمْ تُجْمَعْ مَعَ الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْفَاءِ بَعْدَهَا مَسَاغٌ. اهـ بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ) أَيْ بَاقِيهَا الْمُرَادُ بِهِ الرَّجُلَانِ إذْ مَا ذُكِرَ بِتَمَامِهِ لَا يَأْتِي فِي