للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشَرْطٌ فِي الْمُرْتَجَعِ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي الِاخْتِيَارُ وَأَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى إذْنٍ فَتَصِحُّ رَجْعَةُ سَكْرَانَ وَسَفِيهٍ وَمُحْرِمٍ لَا مَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ وَلِوَلِيِّ مَنْ جُنَّ وَقَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلَاقُ رَجْعَةٍ حَيْثُ يُزَوِّجُهُ بِأَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ.

وَشَرْطٌ فِي الصِّيغَةِ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالْمُرَادِ بِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ وَذَلِكَ إمَّا صَرِيحٌ وَهُوَ رَدَدْتُكِ إلَيَّ وَرَجَعْتُك وَارْتَجَعْتُك وَرَاجَعْتُك وَأَمْسَكْتُك لِشُهْرَتِهَا فِي ذَلِكَ وَوُرُودِهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَفِي مَعْنَاهَا سَائِرُ مَا اُشْتُقَّ مِنْ مَصَادِرِهَا كَأَنْتِ مُرَاجَعَةٌ. وَمَا كَانَ بِالْعَجَمِيَّةِ وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ، وَإِمَّا كِنَايَةً كَتَزَوَّجْتُكِ وَنَكَحْتُك وَيُشْتَرَطُ فِيهَا تَنْجِيزٌ وَعَدَمُ تَأْقِيتٍ، فَلَوْ قَالَ: رَاجَعْتُكِ إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: شِئْتُ، أَوْ رَاجَعْتُك شَهْرًا لَمْ تَحْصُلْ الرَّجْعَةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي عِدَّتِهِ) ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ مُقَدَّمَةٌ حِينَئِذٍ.

قَوْلُهُ: (وَشَرْطٌ فِي الْمُرْتَجِعِ إلَخْ) هَذَا فِي الْمَعْنَى مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: بَدَأَ بِشُرُوطِ الْمَحَلِّ وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ لِيَكُونَ الْكَلَامُ عَلَى الْأَرْكَانِ كُلِّهَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَوَقَّفَ) أَيْ النِّكَاحُ عَلَى إذْنٍ أَيْ فَلَا تَتَوَقَّفُ الرَّجْعَةُ مِنْ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا اسْتِدَامَةٌ فَيُغْتَفَرُ فِيهَا ذَلِكَ وَإِنْ تَوَقَّفَ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهِمَا عَلَى إذْنِ مَالِكِ أَمْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (فَتَصِحُّ رَجْعَةُ سَكْرَانَ) أَيْ إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا ع ش.

قَوْلُهُ: (وَسَفِيهٍ) أَيْ وَعَبْدٍ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ وَالسَّيِّدِ. اهـ. م ر. قَوْلُهُ: (وَمُحْرِمٍ) وَمِثْلُهُ مَنْ طَلَّقَ أَمَةً وَتَحْتَهُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ؛ لِأَنَّهَا دَوَامٌ كَمَا مَرَّ وَهُمَا أَهْلٌ لِلنِّكَاحِ فِي الْجُمْلَةِ. وَوَجْهُ إدْخَالِ الْمُحْرِمِ أَنَّهُ أَهْلٌ لِلنِّكَاحِ وَإِنَّمَا الْإِحْرَامُ مَانِعٌ أَيْ فَهُوَ أَهْلٌ لِلنِّكَاحِ فِي الْجُمْلَةِ. لَا يُقَالُ هَذَا يَصْدُقُ بِالْمُرْتَدِّ فَيُقَالُ إنَّهُ أَهْلٌ لِلنِّكَاحِ فِي الْجُمْلَةِ لَوْلَا الرِّدَّةُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَيْنَ الْإِحْرَامِ وَالرِّدَّةِ فَرْقٌ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تُزِيلُ أَثَرَ النِّكَاحِ كَمَا سَيُصَرَّحُ بِهِ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ مَانِعٌ كَلَا مَانِعٍ قَالَهُ ح ل، وَصَحَّتْ رَجْعَةُ الْمُحْرِمِ لِإِفَادَتِهَا نَوْعًا مِنْ الْحِلِّ كَالنَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ اهـ.

قَوْلُهُ: (لَا مَجْنُونٍ) بِأَنْ طَلَّقَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِصِفَةٍ وَوُجِدَتْ حَالَ جُنُونِهِ اهـ س ل.

قَوْلُهُ: (وَمُكْرَهٍ) وَنَائِمٍ وَمُبَرْسَمٍ وَمَعْتُوهٍ.

قَوْلُهُ: (وَلِوَلِيِّ مَنْ جُنَّ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ امْتِنَاعٍ، قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: وَانْظُرْ إذَا طَلَّقَ الصَّبِيُّ وَحَكَمَ الْحَنْبَلِيُّ بِصِحَّةِ طَلَاقِهِ هَلْ لِوَلِيِّهِ الرَّجْعَةُ حَيْثُ يُزَوِّجُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قِيَاسِ الْمَجْنُونِ اهـ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ قِيَاسًا عَلَى ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ بَائِنًا عِنْدَ الْحَنْبَلِيِّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّعَدِّي إلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا وَهُوَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ، فَإِنْ كَانَ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ وَبِمُوجِبِهِ وَكَانَ مِنْ مُوجِبِهِ عِنْدَهُ امْتِنَاعُ الرَّجْعَةِ احْتَاجَ فِي رَدِّهَا إلَى عَقْدٍ جَدِيدٍ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ) اقْتَضَى هَذَا وُجُوبَ الرَّجْعَةِ لَهُ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَجِبُ لِإِمْكَانٍ أَنْ يُزَوِّجَهُ غَيْرَهَا، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ فِيهِ غَرَامَةً لِصَدَاقٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ وَالْوَلِيُّ مَمْنُوعٌ مِنْ مِثْلِهِ فَتَأَمَّلْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ مَعْنَاهُ مَا مَرَّ) الَّذِي مَرَّ الْكِتَابَةُ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ.

قَوْلُهُ: (إلَيَّ) هُوَ شَرْطٌ فِي رَدَدْتُكِ فَقَطْ فَإِنَّ الْفِعْلَ بِدُونِهَا مُجْمَلٌ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَدَّهَا عَلَى أَهْلِهَا فَلَمْ يَقْبَلْهَا فَيَحْتَاجُ لِلْمُتَعَلِّقِ، بِخِلَافِ بَاقِي الصِّيَغِ وَمِثْلُ إلَيَّ: إلَى نِكَاحِي. وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِضَافَةِ إلَيْهَا بِاسْمٍ ظَاهِرٍ كَزَيْنَبِ أَوْ ضَمِيرٍ أَوْ اسْمِ إشَارَةٍ كَهَذِهِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وم ر: وَيُسَنُّ فِي ذَلِكَ الْإِضَافَةُ كَأَنْ يَقُولَ إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي إلَّا رَدَدْتُكِ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ وَحْدَهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ إلَى الْفَهْمِ ضِدُّ الْقَبُولِ فَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ الرَّدُّ إلَى أَهْلِهَا بِسَبَبِ الْفِرَاقِ، فَاشْتُرِطَ ذَلِكَ فِي صَرَاحَتِهِ خِلَافًا لِجَمْعٍ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَرَجَعْتُكِ) بِتَخْفِيفِ الْجِيمِ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ} [التوبة: ٨٣] وَمِثْلُهُ رَاجَعْت زَوْجَتِي إلَى عَقْدِ نِكَاحِي.

قَالَ ز ي: وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُ الْمُرْتَجِعِ رَاجَعْت زَوْجَتِي إلَى نِكَاحِي مَعَ أَنَّ الْمُرْتَجَعَةَ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ نِكَاحِهِ بَلْ هِيَ زَوْجَةٌ حُكْمًا فِي النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ رَاجَعْتهَا إلَى نِكَاحٍ كَامِلٍ غَيْرِ صَائِرٍ لِبَيْنُونَةٍ بِانْقِضَاءِ عِدَّةٍ. قَالَ ح ل: فَلَوْ أَسْقَطَ الضَّمِيرَ نَحْوُ رَاجَعْت كَانَ لَغْوًا اهـ. قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ مَا لَوْ وَقَعَ جَوَابًا لِقَوْلِ شَخْصٍ لَهُ أَرَاجَعْتَ امْرَأَتَكَ الْتِمَاسًا كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الطَّلَاقِ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَلَوْ شَكَّ فِيهِ فَرَاجَعَ احْتِيَاطًا ثُمَّ اتَّضَحَ لَهُ الْحَالُ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُكْتَفَ بِالْوُضُوءِ فِيمَنْ شَكَّ ثُمَّ بَانَ حَدَثُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ جَازِمًا بِالنِّيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>