للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسُنَّ إشْهَادٌ عَلَيْهَا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ اسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ السَّابِقِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْإِشْهَادُ عَلَى النِّكَاحِ لِإِثْبَاتِ الْفِرَاشِ وَهُوَ ثَابِتٌ هُنَا.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالْعِبَادَاتُ يُعْتَبَرُ لِصِحَّتِهَا مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَعَ ظَنِّ الْمُكَلَّفِ لِئَلَّا يَكُونَ مُتَرَدِّدًا فِي النِّيَّةِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَأَمْسَكْتُكِ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ ق ل. وَنَبَّهَ الزَّرْكَشِيّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ أَشْهَرُ فِي مَعْنَى الرَّجْعَةِ مِنْ الْإِمْسَاكِ وَإِنْ كَانَ الْإِمْسَاكُ مُتَكَرِّرًا فِي الْقُرْآنِ بِخِلَافِ الرَّدِّ، وَيَجُوزُ مَسَكْتُكِ فِي لُغَةٍ وَلَوْ قَالَ اخْتَرْت رَجْعَتَك فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ؛ قَالَهُ النَّوَوِيُّ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقُولَ مَا يَقُولُهُ بَعْضُ النَّاسِ اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنِّي رَاجَعْت زَوْجَتِي. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (وَوُرُودِهَا) أَيْ وُرُودِ مَجْمُوعِهَا وَهُوَ الرَّدُّ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] وَالْإِمْسَاكُ فِي قَوْلِهِ: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: ٢٢٩] وَالرَّجْعَةُ فِي قَوْلِهِ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} [البقرة: ٢٣٠] . قَوْلُهُ: (سَائِرُ مَا اُشْتُقَّ مِنْ مَصَادِرِهَا) أَيْ مِمَّا هُوَ مُنَاسِبٌ لَهُ أَوْ لَهَا، فَلَوْ قَالَ أَنْتِ مُرَاجِعَةٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ أَوْ أَنَا مُرَاجَعٌ بِفَتْحِهَا كَانَ لَغْوًا. اهـ. ح ل، وَأَمَّا الْمَصَادِرُ فَكِنَايَةٌ.

قَوْلُهُ: (كَأَنْتِ مُرَاجَعَةٌ) أَوْ مُرْتَجَعَةٌ وَيَقُومُ مَقَامَ الضَّمِيرِ هَذِهِ أَوْ فُلَانَةُ وَلَوْ حَاضِرَةٌ فَلَا يَكْفِي رَاجَعْتُ فَقَطْ؛ وَهَلْ يَكْفِي الْإِضَافَةُ إلَى جُزْئِهَا؟ رَاجِعْهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. وَأَقُولُ: رَاجَعْتُهُ فَوَجَدْتُ ع ش صَرَّحَ بِمَا نَصُّهُ: وَلَوْ أَضَافَ الرَّجْعَةَ إلَى بَعْضِهَا كَأَنْ قَالَ رَاجَعْت يَدَكِ أَوْ رِجْلَكِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ تَوْقِيتُهُ وَلَا تَعْلِيقُهُ لَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى الْجُزْءِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَمَا كَانَ بِالْعَجَمِيَّةِ وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ) وَعَلَى هَذَا إذَا أَتَى بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ هَلْ مَا كَانَ صَرِيحًا بِالْعَرَبِيَّةِ إذَا أَتَى بِهِ بِالْعَجَمِيَّةِ يَكُونُ صَرِيحًا أَوْ يَكُونُ كِنَايَةً وَتَكُونُ الْكِنَايَةُ كِنَايَةً بَاقِيَةً عَلَى حَالِهَا، سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ شَيْخُنَا فِي دَرْسِهِ وَتَحَرَّرَ أَنَّ الصَّرِيحَ بِالْعَرَبِيَّةِ إذَا أَتَى بِهِ بِالْعَجَمِيَّةِ يَكُونُ صَرِيحًا وَالْكِنَايَةَ كِنَايَةٌ اهـ. خ ض.

قَوْلُهُ: (كَتَزَوَّجْتُكِ) أَيْ سَوَاءٌ جَرَى ذَلِكَ فِي عَقْدٍ أَمْ لَا، فَإِنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً، فَإِذَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَلِيِّ عَقْدُ النِّكَاحِ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ فَهُوَ كِنَايَةٌ فِي الرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي شَيْءٍ لَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي غَيْرِهِ كَالطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ، فَإِنْ نَوَى فِيمَا إذَا عَقَدَ عَلَى الرَّجْعِيَّةِ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ الرَّجْعَةَ حَصَلَتْ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ الَّذِي عَقَدَ بِهِ اهـ م د.

قَوْلُهُ: (وَنَكَحْتُكِ) أَيْ أَوْ رَفَعْتُ التَّحْرِيمَ وَاخْتَرْتُ رَجْعَتَك أَوْ أَعَدْت حِلَّك سم.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِيهَا) أَيْ الصِّيغَةِ. قَوْلُهُ: (إنْ شِئْتِ) أَيْ بِكَسْرِ التَّاءِ وَكَسْرِ الْهَمْزَةِ، أَمَّا إذَا ضَمَّ التَّاءَ مِنْ شِئْتُ فَيَصِحُّ أَوْ فَتَحَ الْهَمْزَةَ مِنْ إنْ أَوْ أَبْدَلَهَا بِإِذْ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ يُفَرَّقُ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ ز ي.

قَوْلُهُ: (شَهْرًا) هَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ أَتَى بِمَا يُبْعِدُ بَقَاءَ الدُّنْيَا إلَيْهِ، وَكَذَا فِي ح ل، وَفِي ع ش عَلَى م ر: قَوْلُهُ وَعَدَمُ تَوْقِيتٍ شَمَلَ مَا لَوْ قَالَ رَاجَعْتُكِ بَقِيَّةَ عُمْرِك فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ، وَقَدْ يُقَالُ بِصِحَّتِهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ رَاجَعَهَا بَقِيَّةَ حَيَاتِهَا.

قَوْلُهُ: (وَسُنَّ إشْهَادٌ عَلَيْهَا) سَوَاءٌ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ وَهُوَ وَاضِحٌ أَوْ كِنَايَةٍ عَلَى اللَّفْظِ الْمَنْطُوقِ بِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ، وَيُسَنُّ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهَا أَيْضًا وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إرْشَادٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِمَحْضِ الْإِرْشَادِ ق ل، فَلَوْ عَلِمْنَا بِالطَّلَاقِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَعَاشَرَهَا وَادَّعَى أَنَّهُ رَاجَعَهَا فَلَا يُصَدَّقُ وَلَا يُقَرُّ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ، وَهَذَا هُوَ فَائِدَةُ سُنِّيَّةِ الْإِشْهَادِ.

قَوْلُهُ: (خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ) وَهُوَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَقَوْلٌ قَدِيمٌ فِي الْأُمِّ، وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وُجُوبُ الِاشْتِرَاطِ وَاسْتِحْبَابُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الدَّمِيرِيِّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ اسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ) أَيْ فِي غَالِبِ الْأَحْكَامِ، وَلِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُرَاجِعُ حَنِثَ بِرَجْعَتِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ ق ل. وَانْظُرْ مَعْنَى هَذِهِ الظَّرْفِيَّةِ وَمَا مَعْنَى كَوْنِهَا فِي حُكْمِ الِاسْتِدَامَةِ مَعَ أَنَّهَا اسْتِدَامَةٌ، وَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: لِأَنَّهَا اسْتِدَامَةٌ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (لِإِثْبَاتِ الْفِرَاشِ) الْمُرَادُ بِهِ الزَّوْجِيَّةُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ فِي بَابِ اللِّعَانِ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ اُسْتُحِبَّ الْإِشْهَادُ عِنْدَ إقْرَارِهَا بِالرَّجْعَةِ خَوْفَ جُحُودِهَا. وَلَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَائِهَا وَأَنْكَرَتْ الزَّوْجَةُ الرَّجْعَةَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَلَا يُصَدَّقُ الزَّوْجُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَلَوْ صَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ فِي ذَلِكَ فَلَا يُشْتَرَطُ الْبَيِّنَةُ. اهـ. ع ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>