للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَحْصُلُ بِفِعْلٍ غَيْرِ الْكِتَابَةِ وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ كَوَطْءٍ وَمُقَدَّمَاتِهِ وَإِنْ نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهَا.

(فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) بِوَضْعِ حَمْلٍ أَوْ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ (كَانَ لَهُ) إعَادَةُ (نِكَاحِهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ) بِشُرُوطِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي بَابِهِ لِبَيْنُونَتِهَا حِينَئِذٍ وَحَلَفَتْ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِغَيْرِ أَشْهُرٍ مِنْ أَقْرَاءٍ أَوْ وَضْعٍ إذَا أَنْكَرَهُ الزَّوْجُ فَتُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إنْ أَمْكَنَ وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ مُؤْتَمَنَاتٌ عَلَى أَرْحَامِهِنَّ. وَخَرَجَ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ غَيْرُهُ كَنَسَبٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الصِّيغَةَ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لَفْظًا أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ ح ل.

قَوْلُهُ: (غَيْرِ الْكِتَابَةِ وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا مُلْحَقَانِ بِالْقَوْلِ فِي كَوْنِهِمَا كِنَايَتَيْنِ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (الْمُفْهِمَةِ) فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَهِيَ صَرِيحَةٌ وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ يَحْصُلُ بِهَا الرَّجْعَةُ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (كَوَطْءٍ) مِثَالٌ لِمَا لَا تَحْصُلُ بِهِ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهَا تَحْصُلُ بِهِ عِنْدَهُ، فَلَوْ كَانَتْ شَافِعِيَّةً فَوَطِئَهَا وَهُوَ حَنَفِيٌّ فَلَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ وَعَلَيْهِ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ رَاجَعَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهَا فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ كَالْبَائِنِ، فَكَذَا فِي الْمَهْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي رِدَّتِهَا أَوْ رِدَّتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ أَوْ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُزِيلُ أَثَرَ الرِّدَّةِ وَالرَّجْعَةَ لَا تُزِيلُ أَثَرَ الطَّلَاقِ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ: " مَهْرُ الْمِثْلِ " أَيْ مَهْرُ بِكْرٍ إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَمَهْرُ ثَيِّبٍ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَتْ بِالتَّحْرِيمِ قَالَ شَيْخُنَا وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ عَقْدُ وَاحِدٍ أَوْجَبَ مَهْرَيْنِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُوجِبَ مُخْتَلِفٌ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْأَوَّلِ نَفْسُ الْعَقْدِ وَالْمُوجِبَ لِلثَّانِي وَطْءُ الشُّبْهَةِ. قَالَ ح ل: وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ مَا لَمْ يَدْفَعْ مَهْرَ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْوَطْءِ الثَّانِي اهـ.

تَنْبِيهٌ: الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ: الْأُولَى فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: ١٢] الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٤١] الثَّالِثَةُ: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: ٣] الرَّابِعَةُ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: ٢٢٦] الْخَامِسَةُ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] .

قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ) نَعَمْ لَوْ صَدَرَ ذَلِكَ مِنْ كَافِرٍ وَاعْتَقَدَهُ رَجْعَةً ثُمَّ أَسْلَمُوا وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا أَقْرَرْنَاهُمْ كَمَا نُقِرُّهُمْ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ، بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ دَوَامٌ فَيُتَوَسَّعُ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَافَعَ حَنَفِيَّانِ فَلَا نُقِرُّهُمْ إلَّا إنْ حَكَمَ لَهُمَا حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ بِرْمَاوِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) قَيْدٌ أَوَّلٌ وَقَوْلُهُ (بِغَيْرِ أَشْهُرٍ) قَيْدٌ ثَانٍ، وَقَوْلُهُ (إنْ أَمْكَنَ) قَيْدٌ ثَالِثٌ، وَكَذَا تُصَدَّقُ فِي بَقَاءِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ وَصَلَتْ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ وَلَهَا النَّفَقَةُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ أَقْرَاءٍ) وَلَوْ بِاسْتِعْجَالِهَا.

قَوْلُهُ: (أَوْ وَضْعٍ) وَإِنْ اسْتَعْجَلَتْهُ بِدَوَاءٍ وَيَحْرُمُ إنْ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ، وَإِلَّا فَيُكْرَهُ، وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ كَتْمُهُ عَنْ النِّسَاءِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (إذَا أَنْكَرَهُ الزَّوْجُ) خَرَجَ مِمَّا لَوْ مَاتَ فَتَعْتَدُّ لِوَفَاةٍ وَلَا تُصَدَّقُ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَا تَرِثُهُ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا صُدِّقَتْ وَلَوْ مَاتَتْ فَادَّعَى وَارِثُهَا الِانْقِضَاءَ قَبْلَ مَوْتِهَا صُدِّقَ الْوَارِثُ فِي عِدَّةِ أَشْهُرٍ ق ل وَبِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (فَتُصَدَّقُ) أَيْ بِيَمِينِهَا كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَلَا يَجُوزُ لَهَا النِّكَاحُ وَلَهَا النَّفَقَةُ عَمَلًا بِإِنْكَارِهِ فِيهِمَا.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا) أَيْ فِي الْحَيْضِ بِأَنْ كَانَتْ عَادَتُهَا فِي كُلِّ شَهْرَيْنِ حَيْضَةً فَادَّعَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ فِي شَهْرٍ حَيْضَةً ح ف.

قَوْلُهُ: (مُؤْتَمَنَاتٌ عَلَى أَرْحَامِهِنَّ) حَيْضًا. وَحَمْلًا، وَالْمُؤْتَمَنُ عَلَى الشَّيْءِ يُصَدَّقُ فِيهِ بِيَمِينِهِ.

قَوْلُهُ: (كَنَسَبٍ) صُورَتُهُ أَنْ تَأْتِيَ بِوَلَدٍ فَيَقُولَ الزَّوْجُ هُوَ مُسْتَعَارٌ وَلَمْ تَلِدِيهِ فَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى وِلَادَتِهَا، وَأَمَّا إذَا وَافَقَهَا عَلَى أَنَّهَا وَلَدَتْهُ وَأَنْكَرَ كَوْنَهُ مِنْهُ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِاللِّعَانِ بَعْدَ النَّفْيِ، وَقَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. فَإِنْ قُلْتَ: النِّسَاءُ مُؤْتَمَنَاتٌ عَلَى ذَلِكَ. فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا لَمَّا تَعَلَّقَ بِالْغَيْرِ لَمْ يُقْبَلْنَ فِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَعِبَارَةُ سم: قَوْلُهُ كَنَسَبٍ أَيْ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا. لَا يُقَالُ هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَتَتْ الزَّوْجَةُ بِوَلَدٍ لِلْإِمْكَانِ لَحِقَهُ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِنَفْيِهِ بِشَرْطِهِ وَهُوَ اللِّعَانُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا سَلَّمَ أَنَّهَا أَتَتْ بِهِ وَمَا هُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>