وَلَحْظَتَيْنِ وَلِمُضْغَةٍ بِثَمَانِينَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ، وَبِأَقْرَاءٍ لِحُرَّةٍ طَلُقَتْ فِي طُهْرٍ سُبِقَ بِحَيْضٍ بِاثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ وَفِي حَيْضٍ بِسَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ، وَلِغَيْرِ حُرَّةٍ طَلُقَتْ فِي طُهْرٍ سُبِقَ بِحَيْضٍ، بِسِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ وَفِي حَيْضٍ بِإِحْدَى وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
الِابْتِدَاءِ يَقُولُ أَيْ رَبِّ نُطْفَةً أَيْ رَبِّ عَلَقَةً أَيْ رَبِّ مُضْغَةً، فَيَنْفُخُ فِيهِ بَعْدَ تَشَكُّلِهِ عَلَى هَيْئَةِ الْإِنْسَانِ الرُّوحَ وَهُوَ مَا يَعِيشُ بِهِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى» . وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ إرْسَالَ الْمَلَكِ فِي أَوَّلِ الْأَرْبَعِينَ الرَّابِعَةِ، وَفِي أُخْرَى فِي الثَّانِيَةِ، وَفِي أُخْرَى فِي الثَّالِثَةِ، وَفِي أُخْرَى فِي الْأُولَى. قَدْ انْتَشَرَتْ أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَ الْجَمْعُ بَيْنَهَا بِأَقْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ: مِنْهَا أَنَّهُ بَعْدَ الْأُولَى لِتَصْوِيرِهِ الْخَفِيِّ، وَالثَّانِيَةِ: لِتَصْوِيرِهِ الظَّاهِرِ، وَالثَّالِثَةِ: لِتَشَكُّلِهِ، وَالرَّابِعَةِ: لِنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ. وَمِنْهَا أَنَّهُ بَعْدَ الْأُولَى لِمَبَادِي تَخْطِيطِهِ الْخَفِيِّ، وَبَعْدَ الثَّانِيَةِ لِمَبَادِي تَخْطِيطِهِ الظَّاهِرِ، وَبَعْدَ الثَّالِثَةِ لِمَبَادِي تَشَكُّلِهِ، وَهَكَذَا وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَاضْطِرَابِ الْأَقْوَالِ فِيهِ، فَإِنَّهُ زُبْدَةُ مَا يُحْتَاجُ فِي ذَلِكَ، وَتَعْبِيرُ الْأَحَادِيثِ بِثُمَّ الْمُقْتَضِيَةِ التَّرَاخِيَ مُؤَوَّلٌ فَرَاجِعْهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (وَلِمُضْغَةٍ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْقَوَابِلِ أَنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ وَإِلَّا لَمْ تَنْقَضِ بِهَا الْعِدَّةُ كَالْعَلَقَةِ، وَيَثْبُتُ بِهَا حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذْ شَهِدْنَ بِأَنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ مِنْ الْأَحْكَامِ وُجُوبُ الْغُسْلِ، وَثُبُوتُ النِّفَاسِ وَفِطْرُ الصَّائِمَةِ ق ل.
قَوْلُهُ: (بِثَمَانِينَ يَوْمًا) وَيُشْتَرَطُ هُنَا شَهَادَةُ الْقَوَابِلِ أَنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ وَإِلَّا لَمْ تَنْقَضِ بِهَا الْعِدَّةُ شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ: " شَهَادَةُ الْقَوَابِلِ " أَيْ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدَةٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لِمَنْ غَابَ زَوْجُهَا وَأَخْبَرَهَا عَدْلٌ أَنْ تَتَزَوَّجَ بَاطِنًا؛ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا مِنْ اشْتِرَاطِ الْأَرْبَعِ عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ دُونَ الْبَاطِنِ فَيَكْتَفِي بِوَاحِدَةٍ حِينَئِذٍ اهـ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (سُبِقَ بِحَيْضٍ) أَيْ لِيُحْسَبَ قَرْءًا؛ لِأَنَّهُ طُهْرٌ مُحْتَوَشٌ بَيْنَ دَمَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُسْبَقْ بِحَيْضٍ فَأَقَلُّ إمْكَانِ انْقِضَاءِ الْأَقْرَاءِ لِلْحُرَّةِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ؛ لِأَنَّ الطُّهْر الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ لَيْسَ بِقَرْءٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُحْتَوَشٍ بَيْنَ دَمَيْنِ وَلِغَيْرِهَا اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ (لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُحْتَوَشٍ بَيْنَ دَمَيْنِ) فِي الْمِصْبَاحِ وَاحْتَوَشَ الْقَوْمُ بِالصَّيْدِ أَحَاطُوا بِهِ وَقَدْ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ فَيُقَالُ احْتَوَشُوهُ وَالْمَفْعُولُ مُحْتَوَشٌ بِالْفَتْحِ وَمِنْهُ احْتَوَشَ الدَّمُ الطُّهْرَ كَأَنَّ الدِّمَاءَ أَحَاطَتْ بِالطُّهْرِ وَاكْتَنَفَتْهُ مِنْ طَرَفَيْهِ فَالطُّهْرُ مُحْتَوَشٌ بَيْنَ دَمَيْنِ.
قَوْلُهُ: (بِاثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ) لَحْظَةٌ لِلْقَرْءِ الْأَوَّلِ وَلَحْظَةٌ لِلطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ لَحْظَةٌ ثُمَّ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثُمَّ تَطْهُرُ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ كَذَلِكَ ثُمَّ تَطْعَنُ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَاللَّحْظَةُ الْأَخِيرَةُ فِي جَمِيعِ صُوَرِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ لِيَتَبَيَّنَ تَمَامُ الْقَرْءِ الْأَخِيرِ لَا مِنْ الْعِدَّةِ فَلَا رَجْعَةَ فِيهَا. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ " ثُمَّ تَطْعَنُ " بِضَمِّ الْعَيْنِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا، فَالْأَوَّلُ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَالثَّانِي مِنْ بَابِ نَفَعَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمِصْبَاحِ. قَوْلُهُ: (بِسَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ) أَيْ مِنْ الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا آخِرَ جُزْءٍ مِنْ الْحَيْضِ. وَقَوْلُهُ " وَلَحْظَةٍ " لَمْ يَقُلْ وَلَحْظَتَيْنِ؛ لِأَنَّ اللَّحْظَةَ الْأُولَى هِيَ آخِرُ الْحَيْضِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ وَهُوَ غَيْرُ مَحْسُوبٍ مِنْ الْمُدَّةِ.
قَوْلُهُ: (طَلُقَتْ فِي طُهْرٍ إلَخْ) فَإِنْ جَهِلَتْ الْمُطَلَّقَةُ أَنَّهَا طَلُقَتْ فِي طُهْرٍ أَوْ فِي حَيْضٍ حُمِلَ أَمْرُهَا عَلَى الْحَيْضِ لِلشَّكِّ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا.
تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ: وَحَرُمَ عَلَيْهِ تَمَتُّعٌ بِهَا أَيْ بِالرَّجْعِيَّةِ بِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ كَالنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا مُفَارَقَةٌ كَالْبَائِنِ، وَعُزِّرَ مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ لِإِقْدَامِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ عِنْدَهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِوَطْءٍ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حُصُولِ الرَّجْعَةِ بِهِ وَعَلَيْهِ بِوَطْءٍ مَهْرُ مِثْلٍ. وَقَوْلُهُ " وَعُزِّرَ مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ " أَيْ إذَا رُفِعَ إلَى مُعْتَقِدِ تَحْرِيمِهِ أَيْضًا فَحِينَئِذٍ الْحَنَفِيُّ لَا يُعَزِّرُ الشَّافِعِيَّ وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ يَرَى حِلَّهُ وَالشَّافِعِيُّ يُعَزِّرُ الْحَنَفِيَّ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ وَإِنْ اعْتَقَدَ حِلَّهُ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ لَا الْخَصْمِ اهـ. ز ي وَقَوْلُهُ " وَالشَّافِعِيُّ يُعَزِّرُ الْحَنَفِيَّ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ إلَخْ " هَذَا فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعْزِيرُ مَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ مِنْ أَتْبَاعِ أَبِي حَنِيفَةَ وَتَعْزِيرُ حَنَفِيٍّ صَلَّى بِوُضُوءٍ لَا نِيَّةَ فِيهِ أَوْ قَدْ مَسَّ فَرْجَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute