للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا (تَكُونُ مَعَهُ عَلَى مَا بَقِيَ) لَهُ (مِنْ) عَدَدِ (الطَّلَاقِ) لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ أَفْتَى بِذَلِكَ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ مُخَالِفٌ

(فَإِنْ طَلَّقَهُمَا) أَيْ الْحُرُّ (ثَلَاثًا) أَوْ الْعَبْدُ وَلَوْ مُبَعَّضًا طَلْقَتَيْنِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فِي نِكَاحٍ أَوْ أَنْكِحَةٍ (لَمْ تَحِلَّ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ (لَهُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ) فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَعَلَى وُجُودِ مَا عَدَا الْأَوَّلِ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا: الْأَوَّلُ (انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا مِنْهُ) أَيْ الْمُطَلِّقِ (وَ) الثَّانِي (تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِهِ) وَلَوْ عَبْدًا أَوْ مَجْنُونًا (وَ) الثَّالِثُ (دُخُولُهُ بِهَا وَإِصَابَتُهَا) بِدُخُولِ حَشَفَةٍ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا حَائِلٌ كَأَنْ لَفَّ عَلَيْهَا خِرْقَةً، فَإِنَّهُ يَكْفِي تَغْيِيبُهَا فِي قُبُلِهَا خَاصَّةً لَا فِي غَيْرِهِ كَدُبُرِهَا كَمَا لَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْصِينُ، وَسَوَاءٌ أَوْلَجَ هُوَ أَمْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ فِي يَقَظَةٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ أَوْلَجَ فِيهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ. (وَ) الرَّابِعُ (بَيْنُونَتُهَا مِنْهُ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَمَالِكِيٍّ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ قَلِيلٍ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَمْ تُغَيِّرْهُ أَوْ بِمُسْتَعْمَلٍ، أَوْ تَرَكَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَكُلُّ ذَلِكَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ وَمَا أَظُنُّ أَحَدًا يَقُولُهُ. وَأَمَّا الْقَاعِدَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا فَعَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ الْأَصْحَابَ صَرَّحُوا بِهَا فَيَتَعَيَّنُ فَرْضُهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَأَمْثَالِهِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِمَا أَفَادَتْهُ عِبَارَتُهُ هُنَا مِنْ مُقْتَضَى الْحِلِّ، فَالْحَنَفِيُّ لَا يُعَزَّرُ فَلْيُحَرَّرْ سم. وَقَوْلُهُ " فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ " أَيْ وَلَا عَلَيْهَا وَإِنْ تَكَرَّرَ وَعَلِمَا بِالْحُرْمَةِ.

انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا قَوْلُهُ: (ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا تَكُونُ مَعَهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هِيَ تَكُونُ مَعَهُ عَلَى مَا بَقِيَ وَلَوْ رَاجَعَهَا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِتَجْدِيدِ نِكَاحِهَا، فَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّوَهُّمِ. وَعِبَارَةُ سم: وَإِذَا رَاجَعَهَا أَوْ نَكَحَهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ. قَوْلُهُ: (أَفْتَى بِذَلِكَ) أَيْ الْكَوْنِ، أَيْ كَوْنِهَا مَعَهُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ مُخَالِفٌ) فَهُوَ إجْمَاعٌ سُكُوتِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لَمْ تَحِلَّ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ لَهُ أَيْ لَا بِنِكَاحٍ وَلَا بِمِلْكِ يَمِينٍ. وَصُورَةُ التَّحْلِيلِ الشَّرْعِيِّ أَنْ يَعْقِدَ فِي الْمُلَفَّقَةِ وَلِيُّ صَغِيرٍ لَهُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَيَدْخُلُ بِهَا وَيُوجَدُ مِنْهُ وَطْءٌ مَعَ انْتِشَارِ آلَتِهِ بَعْدَ حُكْمِ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ شَافِعِيٍّ بِصِحَّةِ ذَلِكَ النِّكَاحِ ثُمَّ يُطَلِّقُ الصَّبِيُّ عِنْدَ حَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ وَيَحْكُمُ بِصِحَّةِ طَلَاقِهِ وَأَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَى مُطَلَّقَتِهِ بَعْدَ تَقَدُّمِ دَعْوَى لِيَكُونَ حُكْمُهُ رَافِعًا لِلْخِلَافِ إذْ يُشْتَرَطُ لِلْحُكْمِ الرَّافِعِ لِلْخِلَافِ دَعْوَى، وَيُشْتَرَطُ عِنْدَ الْحَنْبَلِيِّ أَنْ لَا يَبْلُغَ الْمُطَلِّقُ عَشْرَ سِنِينَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ لِلْمُطَلَّقَةِ مِنْ عِدَّةٍ، أَوْ أَنْ يُطَلِّقَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ الْمَذْكُورِ إذَا رَأَى فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً وَيَحْكُمُ حَاكِمٌ مَالِكِيٌّ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ، فَإِذَا تَوَفَّرَتْ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ جَازَ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ نِكَاحُهَا اهـ شَبْشِيرِيٌّ وَقَرَّرَهُ الْعَلَّامَةُ الْحِفْنِيُّ.

فَائِدَةٌ: فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا كَانَ دُونَ عَشْرِ سِنِينَ يَصِحُّ نِكَاحُهُ بِنَفْسِهِ وَيَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهِ، فَإِنْ بَلَغَ عَشْرًا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ. وَهَذِهِ الْعَمَلُ بِهَا أَحْسَنُ مِنْ الْعَمَلِ بِالْمُلَفَّقَةِ، فَإِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ دَعَا عَلَى مَنْ يَعْمَلُ بِهَا وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُحَلِّلٌ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُحَلِّلٌ فَلَا يَكْفِي عِنْدَهُمْ كَمَا أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْحَنَابِلَةِ.

قَوْلُهُ: (وَعَلَى وُجُودٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبَعْدَ وُجُودٍ إلَخْ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ عَلَى بِمَعْنَى مَعَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَبْدًا) أَيْ بَالِغًا عَاقِلًا، وَقَوْلُهُ " أَوْ مَجْنُونًا " أَيْ بَالِغًا.

قَوْلُهُ: (إصَابَتُهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ.

قَوْلُهُ: (بِدُخُولِ حَشَفَةٍ) وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَدْرِهَا) أَيْ وَتَعْتَرِفُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ، فَلَوْ عَقَدَ لَهَا عَلَى آخَرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَلَمْ تَعْتَرِفْ بِإِصَابَةٍ وَلَا عَدَمِهَا وَأَذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ الْأَوَّلِ ثُمَّ ادَّعَتْ عَدَمَ إصَابَةِ الثَّانِي فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهَا سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ عَقْدِ زَوَاجِهَا الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي عَنْ الْقَمُولِيِّ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ كَوْنِ الْإِنْكَارِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ أَخْبَرَتْ أَوَّلًا بِالتَّحْلِيلِ ثُمَّ أَنْكَرَتْهُ، وَمَا هُنَا فِيمَنْ لَمْ يَسْبِقْ إقْرَارٌ وَإِذْنُهَا فِي التَّزْوِيجِ مِنْ الْأَوَّلِ يَجُوزُ أَنَّهَا بَنَتْهُ عَلَى ظَنِّهَا أَنَّ الْعَقْدَ بِمُجَرَّدِهِ مُبِيحٌ حِلَّهَا لِلْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِفَرْضِ عِلْمِهَا يُحْمَلُ نِسْيَانُهَا اهـ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَكْفِي تَغْيِيبُهَا) وَإِنْ انْتَفَى قَصْدُ الزَّوْجَيْنِ كَنَوْمٍ وَجُنُونٍ مِنْهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ: (كَمَا لَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْصِينُ) وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ صُوَرَ الْفَرْقِ بِقَوْلِهِ:

الدُّبُرُ مِثْلُ الْقُبُلِ فِي الْإِتْيَانِ ... لَا الْحِلِّ وَالتَّحْلِيلِ وَالْإِحْصَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>