للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الزَّوْجِ الثَّانِي بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ مَوْتٍ (وَ) الْخَامِسُ (انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا مِنْهُ) لِاسْتِبْرَاءِ رَحِمِهَا لِاحْتِمَالِ عُلُوقِهَا مِنْ إنْزَالٍ حَصَلَ مِنْهُ.

تَنْبِيهٌ: يُشْتَرَطُ انْتِشَارُ الْآلَةِ وَإِنْ ضَعُفَ الِانْتِشَارُ وَاسْتَعَانَ بِأُصْبُعِهِ أَوْ أُصْبُعِهَا بِخِلَافِ مَا لَمْ يَنْتَشِرْ لِشَلَلٍ أَوْ عُنَّةٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالْمُعْتَبَرُ الِانْتِشَارُ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقُوَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ، حَتَّى لَوْ أَدْخَلَ السَّلِيمُ ذَكَرَهُ بِأُصْبُعِهِ بِلَا انْتِشَارٍ لَمْ يُحَلَّلْ كَالطِّفْلِ. فَمَا قِيلَ إنَّ الِانْتِشَارَ بِالْفِعْلِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مَمْنُوعٌ. وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ صِحَّةِ النِّكَاحِ فَلَا يُحَلَّلُ الْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَلَا مِلْكِ الْيَمِينِ وَلَا وَطْءِ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ الْحِلَّ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ لَا يَحْنَثُ بِمَا ذُكِرَ. وَكَوْنُ الزَّوْجِ مِمَّنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ لَا طِفْلًا لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ، أَوْ يَتَأَتَّى مِنْهُ وَهُوَ رَقِيقٌ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى بِالْإِجْبَارِ وَقَدْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَفَيْئَةُ الْإِيلَاءِ وَنَفْيُ الْعُنَّةِ ... وَالْإِذْنُ نُطْقًا وَافْتِرَاشُ الْقِنَّةِ

وَمُدَّةُ الزِّفَافِ وَاخْتِيَارِ ... رَدٍّ بِعَيْبٍ بَعْدَ وَطْءِ الشَّارِي

تُصَدَّقُ فِي الْحَيْضِ نَفْيُ الرَّحِمِ ... إذَا زَنَى الْمَفْعُولُ فَاحْفَظْ نَظْمِي

وَقَوْلُهُ فِي النَّظْمِ " وَالْإِذْنُ نُطْقًا " أَيْ أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ فِي الدُّبُرِ لَا يُشْتَرَطُ إذْنُهَا فِي صِحَّةِ نِكَاحِهَا وَلَا تَصِيرُ الْأَمَةُ بِهِ فِرَاشًا. وَقَوْلُهُ " وَمُدَّةُ الزِّفَافِ " يَعْنِي أَنَّهَا لَا تَصِيرُ كَالْمَوْطُوءَةِ فِي قُبُلٍ فِي مُدَّةِ الزِّفَافِ بِأَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا بَلْ يَبِيتُ عِنْدَهَا سَبْعًا. وَقَوْلُهُ " بَعْدَ وَطْءِ الشَّارِي " أَيْ إذَا وَطِئَ الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ فِي الدُّبُرِ ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ فَلَهُ اخْتِيَارُ الرَّدِّ، وَلَا يَكُونُ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ بِخِلَافِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ إذَا كَانَتْ بِكْرًا يَكُونُ عَيْبًا حَادِثًا يَسْقُطُ بِهِ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا يُصَوَّرُ بِمَا إذَا وَطِئَهَا فِي الطَّرِيقِ الَّتِي يَسِيرُ فِيهَا لِلرَّدِّ، فَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ فِي الْقُبُلِ فَلَا رَدَّ؛ لِأَنَّهُ إجَازَةٌ وَإِنْ كَانَ فِي الدُّبُرِ رَدَّ. وَقَوْلُهُ " إذَا زَنَى الْمَفْعُولُ " أَيْ الْمَرْأَةُ الْمَوْطُوءَةُ فِي الدُّبُرِ حَالَ الْحَيْضِ لَا يُسَنُّ فِي حَقِّهِ التَّصَدُّقُ بِدِينَارٍ وَلَا بِنِصْفِهِ، وَقَوْلُهُ " إذَا زَنَى الْمَفْعُولُ " أَيْ الْمَرْأَةُ الْمَوْطُوءَةُ فِي الدُّبُرِ.

قَوْلُهُ: (بَيْنُونَتُهَا) الْمُرَادُ بِالْبَيْنُونَةِ مُطْلَقُ الْفُرْقَةِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا.

قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ عُلُوقِهَا مِنْ إنْزَالٍ) أَيْ إنْ كَانَ بَالِغًا وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مُرَاهِقًا فَالْعِدَّةُ لِلتَّعَبُّدِ.

قَوْلُهُ: (تَنْبِيهٌ) اشْتَمَلَ هَذَا التَّنْبِيهُ عَلَى أَرْبَعَةِ شُرُوطٍ غَيْرِ الْخَمْسَةِ، وَهِيَ: انْتِشَارُ الْآلَةِ بِالْفِعْلِ وَصِحَّةُ النِّكَاحِ وَكَوْنُ الزَّوْجِ مِمَّنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ وَكَوْنُهُ غَيْرَ رَقِيقِ صَبِيٍّ. وَسَيَذْكُرُ فِي التَّتِمَّةِ شَرْطًا عَاشِرًا وَهُوَ الِافْتِضَاضُ فِي الْبِكْرِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ ضَعُفَ الِانْتِشَارُ) بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَقْوَى عَلَى الدُّخُولِ وَلَوْ بِإِعَانَةٍ بِنَحْوِ أُصْبُعٍ، وَلَيْسَ لَنَا وَطْءٌ يَتَوَقَّفُ تَأْثِيرُهُ عَلَى الِانْتِشَارِ سِوَى هَذَا ح ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ عُنَّةٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَطِفْلٍ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ.

قَوْلُهُ: (بِلَا انْتِشَارٍ لَمْ يُحَلِّلْ) وَإِنْ انْتَشَرَ دَاخِلَ الْفَرْجِ.

قَوْلُهُ: (مَمْنُوعٌ) بَلْ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ صِحَّةِ النِّكَاحِ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ التَّحْلِيلُ بِهِ إلَّا إنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ لَهُ أَبًا أَوْ جَدًّا وَكَانَ عَدْلًا وَفِي تَزْوِيجِهِ مَصْلَحَةٌ لِلصَّبِيِّ وَكَانَ الْمُزَوِّجُ لِلْمَرْأَةِ وَلِيُّهَا الْعَدْلُ بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ، فَمَتَى اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ التَّحْلِيلُ لِفَسَادِ النِّكَاحِ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا يَقَعُ فِي زَمَانِنَا مِنْ تَعَاطِي ذَلِكَ وَالِاكْتِفَاءِ بِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَوْ الْمُحَقَّقَ أَنَّ الَّذِينَ يُزَوِّجُونَ أَوْلَادَهُمْ لِإِرَادَةِ ذَلِكَ إنَّمَا هُمْ السَّفَلَةُ الْمُوَاظِبُونَ عَلَى تَرْكِ الصَّلَوَاتِ وَارْتِكَابِ الْمُحَرَّمَاتِ وَأَنَّ تَزْوِيجَهُمْ أَوْلَادَهُمْ لِذَلِكَ الْغَرَضِ لَا مَصْلَحَةَ لِلطِّفْلِ فِيهِ، بَلْ فِيهِ مَفْسَدَةٌ أَيُّ مَفْسَدَةٍ، وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ فِيهِ أَنَّ الْمُزَوِّجَ لِلْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ أَوْلِيَائِهَا بِأَنْ تُوَكِّلَ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا فِي عَقْدِ نِكَاحِهَا ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَا مِلْكِ الْيَمِينِ) أَيْ فَلَوْ وَطِئَ السَّيِّدُ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَمْ تَحِلَّ لِمُطَلِّقِهَا، كَمَا أَنَّهُ لَوْ مَلَكَهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَا وَطْءُ الشُّبْهَةِ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (لَا يَحْنَثُ بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ، وَهَذَا حَيْثُ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ فَلَا يَنْصَرِفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَّا لَهُ أَمَّا لَوْ قَصَدَ بِهِ الْوَطْءَ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْوَطْءِ لَا بِالْعَقْدِ وَإِنْ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ صُرِفَ بِالنِّيَّةِ عَنْ حَقِيقَةٍ. قَوْلُهُ: (مِمَّنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>