فَائِدَةٌ: وَقَعَ فِي الْإِفْتَاءِ أَنَّ الْوَلَدَ لَوْ مَاتَ فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ وَتَعَذَّرَ نُزُولُهُ بِدَوَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، كَمَا يُتَّفَقُ لِبَعْضِ الْحَوَامِلِ، هَلْ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ. أَوْ بِالْأَشْهُرِ إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ أَوْ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا مَا دَامَ فِي بَطْنِهَا؟ اخْتَلَفَ الْعَصْرِيُّونَ فِي ذَلِكَ.
وَالظَّاهِرُ الثَّانِي، كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ فِي حَوَاشِي الرَّوْضَةِ. قَالَ وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاسْتُفْتِينَا عَنْهَا فَأَجَبْنَا بِذَلِكَ انْتَهَى. وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] .
(وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ فُرْقَةِ طَلَاقٍ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا مَرَّ (حَائِلًا) بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ (وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ) أَيْ صَوَاحِبِ (الْحَيْضِ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ) جَمْعُ قَرْءٍ وَهُوَ لُغَةً بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَتَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ كَمَا قَالَهُ حَجّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَلَمْ أَرَ مَنْ وَافَقَهُ وَلَا مَنْ خَالَفَهُ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَنْقَضِي بِعَلَقَةِ مَحْمُولٍ عَلَى الْأَغْلَبِ أَنَّهُ لَا صُورَةَ فِيهَا خَفِيَّةً. اهـ.
قَوْلُهُ: (وَقَعَ فِي الْإِفْتَاءِ) أَيْ إفْتَاءِ النَّوَوِيِّ قَوْلُهُ: (اخْتَلَفَ الْعَصْرِيُّونَ) أَيْ مُعَاصِرُو الشَّيْخِ النَّوَوِيِّ قَوْلُهُ: (وَالظَّاهِرُ الثَّانِي) مُعْتَمَدٌ وَمُرَادُهُ بِالثَّانِي قَوْلُهُ أَوْ لَا تَنْقَضِي.
قَوْلُهُ: (وَاسْتُفْتِينَا) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ: فَأَجَبْنَا بِذَلِكَ أَيْ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهَا لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا مَا دَامَ فِي بَطْنِهَا أَيْ وَلَوْ خَافَتْ الزِّنَا وَيَجِبُ عَلَى زَوْجِهَا نَفَقَتُهَا وَغَيْرُهَا كَالسُّكْنَى وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَفِي سم عَلَى حَجّ وَلَوْ اسْتَمَرَّ فِي بَطْنِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً، وَتَضَرَّرَتْ بِعَدَمِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَكَذَا لَوْ اسْتَمَرَّ حَيًّا فِي بَطْنِهَا وَزَادَ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ حَيْثُ ثَبَتَ وُجُودُهُ وَلَمْ يُحْتَمَلْ وَضْعٌ وَلَا وَطْءٌ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ لِأَنَّهُ فِي مَجْهُولِ الْبَقَاءِ، زِيَادَةٌ عَلَى الْأَرْبَعَةِ حَتَّى لَا يَلْحَقَ نَحْوُ الْمُطَلِّقِ إذَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ وَكَلَامُنَا فِي مَعْلُومِ الْبَقَاءِ، زِيَادَةٌ عَلَى الْأَرْبَعِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ وَهُوَ حَقًّ إنْ شَاءَ اللَّهُ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ ثَبَتَ وُجُودُهُ كَمَا فَرَضَهُ لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي الثُّبُوتِ بِمَاذَا فَإِنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّ أَكْثَرَ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ وَزَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَيْهَا كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ ذَلِكَ انْتِفَاءُ الْحَمْلِ، وَأَنَّ مَا تَجِدُهُ فِي بَطْنِهَا مِنْ الْحَرَكَةِ مَثَلًا لَيْسَ مُقْتَضِيًا لِكَوْنِهِ حَمْلًا نَعَمْ إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِقَوْلِ: مَعْصُومٍ كَعِيسَى وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ. اهـ. عش عَلَى مَرَّ.
فَرْعٌ: الْحَمْلُ الْمَجْهُولُ لَا تُحَدُّ بِهِ الْمَرْأَةُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ وَلَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ كَمَا مَرَّ وَلَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ الْوَطْءِ مَعَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا وَيَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ شَكَّتْ هَلْ الْوَاطِئُ زَوْجٌ أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءً، وَشَكَّتْ هَلْ هُوَ مُحْتَرَمٌ أَوْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ قل خ عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (مِمَّا مَرَّ) مِنْ كُلِّ فَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ قَوْلُهُ: (بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ وَهِيَ غَيْرُ الْحَامِلِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَائِلَ يُطْلَقُ عَلَى الْمَانِعِ قَوْلُهُ: (فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ) أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ وَتَطَاوَلَ مَا بَيْنَهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًا إذْ حَمْلُ الزِّنَا لَا حُرْمَةَ لَهُ وَلَوْ جُهِلَ حَالُ الْحَمْلِ، وَلَمْ يُمْكِنْ لُحُوقُهُ بِالزَّوْجِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا، كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ أَيْ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ نِكَاحِهَا مَعَهُ، وَجَوَازُ وَطْءِ الزَّوْجِ لَهَا، أَمَّا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ عُقُوبَتِهَا بِسَبَبِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ، فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِلْإِمْكَانِ مِنْهُ لَحِقَهُ، كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ. وَلَمْ يَنْتِفْ عَنْهُ إلَّا بِلِعَانٍ وَلَوْ أَقَرَّتْ بِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ ثُمَّ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا وَزَعَمَتْ أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّ قَوْلَهَا الْأَوَّلَ يَتَضَمَّنُ أَنَّ عِدَّتَهَا لَا تَنْقَضِي بِالْأَشْهُرِ، فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهَا عَنْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ لَا أَحِيضُ زَمَنَ الرَّضَاعِ، ثُمَّ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا وَقَالَتْ: أَحِيضُ زَمَنَهُ. فَيُقْبَلُ كَمَا أَفْتَى بِجَمِيعِ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الثَّانِيَ مُتَضَمِّنٌ لِدَعْوَاهَا الْحَيْضَ فِي زَمَنِ إمْكَانِهِ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ فِيهِ وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتُهَا اهـ شَرْحُ مَرَّ وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِظَنِّ الْوَاطِئِ لَا بِمَا فِي الْوَاقِعِ حَتَّى لَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ، اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، أَوْ حُرَّةً يَظُنُّهَا أَمَةً اعْتَدَّتْ بِقَرْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ اسْتِبْرَاءٌ لَا عِدَّةٌ أَوْ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ اعْتَدَّتْ بِقُرْأَيْنِ، لِأَنَّ الْعِدَّةَ حَقُّهُ فَنِيطَتْ بِظَنِّهِ، هَذَا مَا قَالَاهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَإِنْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ اهـ. حَجّ وَهُوَ أَنَّهَا أَيْ الْحُرَّةَ الَّتِي ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ احْتِيَاطًا كَمَا