وَمِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الْحَيْضِ مَا فِي خَبَرِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ. «تَتْرُكُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» (وَهِيَ) فِي الِاصْطِلَاحِ: (الْأَطْهَارُ) كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] وَالطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ يَحْرُمُ كَمَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ فَيَصْرِفُ الْإِذْنَ إلَى زَمَنِ الطُّهْرِ فَإِنْ طَلُقَتْ طَاهِرًا وَبَقِيَ مِنْ زَمَنِ طُهْرِهَا شَيْءٌ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ لِأَنَّ بَعْضَ الطُّهْرِ وَإِنْ قَلَّ يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ قُرْءٍ قَالَ تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧] وَهُوَ شَهْرَانِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ أَوْ طَلُقَتْ فِي حَيْضٍ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ وَلَا يُحْسَبُ طُهْرُ مَنْ لَمْ تَحِضْ قُرْءًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطُّهْرَ هُوَ الْمُحْتَوِشُ بَيْنَ دَمَيْ حَيْضٍ أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ أَوْ دَمَيْ نِفَاسٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ. وَعِدَّةُ مُسْتَحَاضَةٍ غَيْرُ مُتَحَيِّرَةٍ بِأَقْرَائِهَا الْمَرْدُودَةِ إلَيْهَا وَعِدَّةُ مُتَحَيِّرَةٍ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فِي الْحَالِ لِاشْتِمَالِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى طُهْرٍ وَحَيْضٍ غَالِبًا. (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْمُعْتَدَّةُ (صَغِيرَةً أَوْ) كَبِيرَةً (آيِسَةً) مِنْ الْحَيْضِ. (فَعِدَّتُهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
جَزَمَ بِهِ مَرَّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَنَّهُ الْحُرِّيَّةَ يُؤَثِّرُ وَظَنَّهُ الرِّقَّ لَا يُؤَثِّرُ. اهـ. مَرَّ. وَعِبَارَةُ قل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ فَعِدَّةُ حُرَّةٍ أَيْ فِي ظَنِّهِ أَوْ فِي الْوَاقِعِ اهـ قَوْلُهُ: (حَقِيقَةً) أَيْ لُغَةً وَقَوْلُهُ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ قَوْلُهُ: (فِي الِاصْطِلَاحِ) أَيْ اصْطِلَاحِ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ هِيَ الْحَيْضَاتُ قَوْلُهُ: (وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق: ١] إلَخْ) فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ نَصًّا فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْرَاءِ الْأَطْهَارُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا فَطَلِّقُوهُنَّ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ وَهَذَا يَصْدُقُ بِالْحَيْضِ كَمَا قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ اهـ. وَاللَّامُ بِمَعْنَى فِي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: ٤٧] أَيْ فِيهِ قَوْلُهُ: (كَمَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ) أَيْ فِي بَابِهِ قَوْلُهُ: (فَيُصْرَفُ الْإِذْنُ) أَيْ فِي الطَّلَاقِ قَوْلُهُ: (طَاهِرًا) أَيْ سَوَاءٌ جَامَعَهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ، أَوْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُنِّيًّا قَوْلُهُ: (لِأَنَّ بَعْضَ الطُّهْرِ وَإِنْ قَلَّ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ إطْلَاقَ الْقُرْءِ عَلَى بَعْضِهِ حَقِيقَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَسْلُكَ مَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِأَنْ يَقُولَ: وَلَا بُعْدَ فِي تَسْمِيَةِ قُرْأَيْنِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ ثَلَاثَةٌ فَتَسْمِيَةُ الْبَعْضِ قُرْءًا مِنْ مَجَازِ التَّغْلِيبِ لَا حَقِيقَةً كَمَا فُسِّرَ قَوْله تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧] إلَخْ قَوْلُهُ: (قَالَ تَعَالَى: إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّا لَمْ نَعُدَّهُ قُرْءًا لَكَانَ أَبْلَغَ فِي تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا مِنْ طَلَاقِهَا فِي الْحَيْضِ وَإِنَّمَا أَمَرَ ابْنَ عُمَرَ بِالطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ إذَا لَمْ يَمَسَّهَا لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ السُّنَّةُ فِي الطَّلَاقِ لَا لِلْعِدَّةِ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا الْبَرَاءَةُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِطَرَيَانِ الْحَيْضِ بَعْدَ الطُّهْرِ وَإِنْ وُجِدَ الْمَسُّ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْقَيْدُ لِأَجْلِ السُّنَّةِ فِي الطَّلَاقِ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ: إذَا بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ بَعْدَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَقِيَّةٌ فَإِنْ انْطَبَقَ عَلَى آخِرِهِ اتِّفَاقًا أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ آخِرَ طُهْرِك لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ. رَمْلِيٌّ كَبِيرٌ.
قَوْلُهُ: (هُوَ الْمُحْتَوَشُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ اسْمُ مَفْعُولٍ أَيْ الَّذِي احْتَوَشَهُ وَأَحَاطَ بِهِ دَمَانِ وَفِي الْمِصْبَاحِ احْتَوَشَ الْقَوْمُ بِالصَّيْدِ أَحَاطُوا بِهِ قَوْلُهُ: (أَوْ دَمَيْ نِفَاسٍ) كَأَنْ تَكُونَ حَامِلًا مِنْ الزِّنَا ثُمَّ تَطْلُقَ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ ثُمَّ تَضَعَ، فَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ ثُمَّ إنَّهَا حَمَلَتْ مِنْ الزِّنَا أَيْضًا وَوَضَعَتْ، فَالطُّهْرُ بَيْنَهُمَا يُعَدُّ قُرْءًا ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ بِقُرْأَيْنِ آخَرَيْنِ وَصَدَقَ عَلَى هَذَا أَنَّهُ طُهْرٌ بَيْنَ نِفَاسَيْنِ، قَالَ: وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ كَوْنُ الثَّانِي مِنْ الزِّنَا وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ شُبْهَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ حَلَّ بَلْ يَصِحُّ تَصْوِيرُ ذَلِكَ، بِأَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ الْأَوَّلُ مِنْ غَيْرِ الشُّبْهَةِ بِأَنْ تَضَعَ الْحَمْلَ مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ تَطْلُقَ زَمَنَ النِّفَاسِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ تَحْمِلَ مِنْ زِنًا ثُمَّ تَلِدَ فَيُحْسَبَ مَا بَيْنَ النِّفَاسَيْنِ قَرْءًا وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ النِّفَاسُ الْأَوَّلُ مِنْ زِنًا بَلْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَلَالٍ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا ثُمَّ تَزْنِيَ وَتَضَعَ وَلَعَلَّ الْمُحَشِّيَّ إنَّمَا صَوَّرَهَا بِمَا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ مِنْ زِنًا أَيْضًا لِيَكُونَ الطَّلَاقُ حَلَالًا.
قَوْلُهُ: (وَعِدَّةُ مُتَحَيِّرَةٍ) أَيْ طَلُقَتْ أَوَّلَ الشَّهْرِ فَإِنْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَائِهِ وَالْبَاقِي سِتَّةَ عَشَرَ فَأَكْثَرُ حُسِبَ قَرْءًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى طُهْرٍ لَا مَحَالَةَ فَتُكْمِلُ بَعْدَهُ شَهْرَيْنِ هِلَالِيَّيْنِ، وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ طَلُقَتْ وَالْبَاقِي مِنْ شَهْرٍ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا لَمْ يُحْسَبْ قَرْءًا فَتَعْتَدَّ بَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ هِلَالِيَّةٍ قَوْلُهُ: (صَغِيرَةً) الْمُرَادُ بِهَا مَنْ لَمْ تَحِضْ لِصِغَرِهَا أَوْ لِعِلَّةٍ أَوْ جِبِلَّةٍ مَنَعَتْهَا رُؤْيَةَ الدَّمِ أَصْلًا وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute