للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) هِلَالِيَّةٍ بِأَنْ انْطَبَقَ الطَّلَاقُ عَلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤] أَيْ فَعِدَّتُهُنَّ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ: أَبُو الْبَقَاءِ فِي إعْرَابِهِ وقَوْله تَعَالَى: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: ٤] مَعْنَاهُ: إنْ لَمْ تَعْرِفُوا مَا تَعْتَدُّ بِهِ الَّتِي يَئِسَتْ مِنْ ذَرَّاتِ الْأَقْرَاءِ، فَإِنْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ كَمَّلَتْهُ مِنْ الرَّابِعِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا سَوَاءٌ كَانَ الشَّهْرُ تَامًّا أَمْ نَاقِصًا.

تَنْبِيهٌ: مَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا لِعَارِضٍ كَرَضَاعٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ مَرَضٍ، تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ فَتَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ حَتَّى تَبْلُغَ سِنَّ الْيَأْسِ، فَتَعْتَدَّ بِالْأَشْهُرِ، وَلَا مُبَالَاةَ بِطُولِ مُدَّةِ الِانْتِظَارِ وَإِنْ انْقَطَعَ لَا لِعِلَّةٍ تُعْرَفُ فَكَالِانْقِطَاعِ لِعَارِضٍ عَلَى الْجَدِيدِ فَتَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ أَوْ تَيْأَسَ.

فَائِدَةٌ: قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَيَتَعَيَّنُ التَّفَطُّنُ لِتَعْلِيمِ جَهَلَةِ الشُّهُودِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهُمْ يُزَوِّجُونَ مُنْقَطِعَةَ الْحَيْضِ لِعَارِضٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ بُلُوغِ سِنِّ الْيَأْسِ وَيُسَمُّونَهَا بِمُجَرَّدِ الِانْقِطَاعِ آيِسَةً وَيَكْتَفُونَ بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَيَسْتَغْرِبُونَ الْقَوْلَ بِصَبْرِهَا إلَى بُلُوغِ سِنِّ الْيَأْسِ حَتَّى تَصِيرَ عَجُوزًا فَلْيُحْذَرْ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى. أَيْ لِأَنَّ الْأَشْهُرَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِلَّتِي لَمْ تَحِضْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَانَتْ كَبِيرَةً فِي السِّنِّ فَهُوَ اصْطِلَاحٌ لِلْفُقَهَاءِ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ) أَيْ بِتَعْلِيقٍ أَوْ غَيْرِهِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: {إنْ ارْتَبْتُمْ} أَيْ شَكَكْتُمْ فِيمَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهُنَّ فَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الشَّكِّ عَدَمُ الْمَعْرِفَةِ وَأَسْنَدَ الضَّمِيرَ فِيهِ لِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ شُرِعَتْ لِحَقِّ الزَّوْجِ، صِيَانَةً لِمَائِهِ كَمَا فِي عش.

قَوْلُهُ: {وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤] . فَإِنْ قُلْت هَلَّا جَعَلْت اللَّائِي عَطْفًا عَلَى اللَّائِي وَمَا بَيْنَهُمَا خَبَرًا عَنْهُمَا. قُلْت: يَأْبَاهُ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْخَبَرَ مَقْرُونٌ بِالْفَاءِ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْجَوَابِ وَالْجَوَابُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى شَرْطِهِ، فَكَذَا مَا نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ. الثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ يَسْتَدْعِي جَوَازَ زَيْدٌ قَائِمَانِ وَعَمْرٌو وَقَدْ يُقَالُ: مَنَعَ هَذَا قُبْحَ اللَّفْظِ بِخِلَافِ قَوْلِك: زَيْدٌ فِي الدَّارِ وَعَمْرٌو فَلَا قُبْحَ فِيهِ. اهـ. يس عَنْ ابْنِ هِشَامٍ إسْقَاطِيٌّ عَلَى الْأُشْمُونِيِّ.

قَوْلُهُ: {فَعِدَّتُهُنَّ} [الطلاق: ٤] كَذَلِكَ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ حَذَفَ الْمُبْتَدَأَ وَالْخَبَرَ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ، لَكِنْ رَجَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي شَرْحِ الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْمَحْذُوفَ هُوَ الْخَبَرُ فَقَطْ هُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَرْتَكِبُ تَقْلِيلَ الْحَذْفِ مَا أَمْكَنَ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ حِكْمَةُ إسْنَادِ ذَلِكَ لِأَبِي الْبَقَاءِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ طَلَّقَتْ) مُقَابِلَ قَوْلِهِ: بِأَنْ انْطَبَقَ إلَخْ قَوْلُهُ: (فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ) أَيْ قَبْلَ الْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْهُ وَإِلَّا فَثَلَاثَةٌ بِالْأَهِلَّةِ كَمَا فِي السُّلَّمِ.

قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ كَانَ الشَّهْرُ) أَيْ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (مَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا) أَيْ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فِي الْعِدَّةِ بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَلَا مُبَالَاةَ بِطُولِ مُدَّةِ الِانْتِظَارِ) وَاسْتَظْهَرَ عش عَلَى مَرَّ أَنَّ الرَّجْعَةَ وَالنَّفَقَةَ يَمْتَدَّانِ إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْأَقْرَاءِ أَيْ إنْ حَاضَتْ أَوْ بِالْأَشْهُرِ بَعْدَ بُلُوغِ سِنِّ الْيَأْسِ. خِلَافًا لِلشَّوْبَرِيِّ حَيْثُ قَالَ: بِامْتِدَادِ مَا ذُكِرَ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَقَطْ لَا أَكْثَرَ لِمَا يَلْحَقُ الزَّوْجَ فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ وَعَزَاهُ لِلرَّافِعِيِّ، وَطَرِيقُ الْخَلَاصِ مِنْ النَّفَقَةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَقِيَّةَ الثَّلَاثِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ انْقَطَعَ لَا لِعِلَّةٍ إلَخْ) فَصَلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ لِأَجَلِ قَوْلِهِ: عَلَى الْجَدِيدِ، وَعِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِهِ لِلْمُحَلَّى: وَفِي الْقَدِيمِ تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ مُدَّةَ الْحَمْلِ غَالِبًا وَبَعْدَهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ تَصْبِرُ سَنَةً بَيْضَاءَ أَيْ خَالِيَةً عَنْ الدَّمِ، لِأَنَّ ضَمَّ الثَّلَاثَةِ أَشْهُرٍ لِلتِّسْعَةِ سَنَةٌ كَامِلَةٌ وَفِي قَوْلٍ مِنْ الْقَدِيمِ أَرْبَعُ سِنِينَ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ، وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ عَلَيْهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ لِظُهُورِ أَمَارَاتِهِ فِيهَا ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ اهـ. وَقَوْلُهُ: فِي الْقَدِيمِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ كَمَا فِي ق ل.

قَوْلُهُ: (تُعْرَفُ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ الِانْقِطَاعَ فِي الْوَاقِعِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عِلَّةٍ فَمَصَبُّ النَّفْيِ قَوْلُهُ: تُعْرَفُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ وَتُصَدَّقُ فِي بُلُوغِهَا سِنَّ الْيَأْسِ بِيَمِينِهَا قَالُوا وَهَذِهِ امْرَأَةٌ اُبْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ اهـ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى تَصِيرَ) أَيْ إلَى أَنْ تَصِيرَ إلَخْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَى بُلُوغِ سِنِّ الْيَأْسِ وَقَوْلُهُ: أَيْ لِأَنَّ الْأَشْهُرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>